الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
إمكانيّة القيام بالرّحلات الفضائيّة

  إمكانيّة القيام بالرّحلات الفضائيّة

  لايمكننا إنكار القيام بالرّحلات الفضائيّة إلى المجرّات الّتي تفصلنا عنها عدّة سنوات ضوئيّة ، على الرغم من العظمة الّتي يتمتّع بها الفضاء والكون .

  ولأجل التّعمّق أكثر في هذه المقولة نوضح مقدّمة ثمّ نتطرّق إلى أصل الموضوع :

  هل يجوز لنا من وجهة نظر منهجيّة أن نقول : إنّه مادام الآدمي هو على الصّورة الّتي نراها عليه ، فمن المحال أن يجي‏ء بصورة تختلف عمّا هو عليه ؟ كلاّ ؛ فليس لنا إطلاق هذا الحكم مادامت خياراتنا ومعرفتنا مقصورة على جزء من العالم ، وعلى فترة محدودة من الزّمن دون بقيّة الأزمنة الاُخرى .

  يقول جابر بن حيّان : «فإنّه قد يمكن أن يكون موجودات مخالف أحكمها في أشياء حكم ما شهدنا وعلمنا ، إذا كان التّقصير عن إدراك جميع الموجودات لازماً لكلّ واحد منّا» .

  وبعد مجموعة الأمثلة الّتي يسوقها جابر ، ينتهي بنا إلى مبدأ العالم ، وهو أنّه : ليس لأحد أن يدّعي بحقّ إنه ليس في الغائب إلاّ مثل ما شاهد ، أو في الماضي والمستقبل إلاّ مثل ما هو الموجود في الآن ، إذ كان مقصّراً جزئيّاً ، متناهي المدّة والإحساس . وكذلك لا ينبغي أن يستدلّ الإنسان على أنّ العالم لم يزل (أزلي).

  وأحسب أنّ جابراً قد صور بهذه الفقرة السّالفة حدود المنهج التّجربي أدقّ تصوير ؛ لأنّه يقول : «فمن المشاهد لايجوز الحكم على ما لم يشاهد إلاّ على سبيل الإحتمال لا على سبيل اليقين ، لكنّه إذا لم يكن من الجائز القطع بوجود الغائب على أساس الحاضر المشاهد ، فكذلك ليس من الجائز إنكار وجود الغائب مادام هذا الغائب لم يقع في نطاق خبرة المشاهدة ، وإلاّ لانحصر الإنسان في حدود حسّه هو ، أو في حدود ما تناهى إليه خبره ، ولزمه أن ينكر وجود أشياء كثيرة وهي موجودة . ففي العالم بلدان واُمم لم يحسّ أهلها بالتّمساح قط ، فإذا أخبرهم مخبر بأنّ ثمّة حيواناً يحرّك لحيته العليا عند المضغ ، وجب عليهم أن ينكروا الخبر ما داموا لم يشهدوا حيواناً كهذا ؟» .

  كلاّ فليس لأحد أن يدفع ويمنع وجود ما لم يشاهد مثله ؛ بل وإنّما ينبغي أن يتوقّف عن ذلك حتّى يشيّد البرهان بوجوده أو عدمه . وأمّا أن يحكم الإنسان بعدم وجود شي‏ء مادام لم يرد عليه أو يخبر به ، وأن يحكم ببطلان ما يُخبر به مادام لم يقع له في مشاهداته المباشرة، فجهل بطريق الإستدلال - على ما قدّرنا - واضح .(17)

  لذا فلايمكن تسمية السّفر إلى القمر والمرّيخ إنّه تسخيراً للفضاء . وذلك لأنّ وضع الخطوة الأوّليّة في الفضاء والوصول إلى بداياته ، ليس معناه السّيطرة عليه لما يحويه من عظمة ووسعة .

  ونظراً للإستدلال الّذي نقلناه عن جابر بن حيّان لايستطيع أحد القول أنّه وبما أنّ الإنسان المعاصر لم يتمكّن من الحصول على الشّي‏ء المراد ، فإنّه لايمكن لأيّ مخلوق آخر الحصول عليه ، والدّليل هو عدم معرفته والإطّلاع عليه ، وهذا الإستدلال باطل وغير صحيح ، طبقاً لما جاء عن قول «جابر بن حيّان» .


17) تحليل حول آراء جابر بن حيّان : 59 .

 

 

 

 

 

    زيارة : 7838
    اليوم : 51640
    الامس : 94259
    مجموع الکل للزائرین : 132554618
    مجموع الکل للزائرین : 91885085