الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
عدم نسيان التجارب

عدم نسيان التجارب

إنّ العقل هو المركز لحفظ التجارب، فلذا نرى أنّ الأشخاص الذين لم تتكامل قواهم العقلية، فإنّهم ينسون التجارب ‏الحياتية بسرعة، وبالتالي لايستفيدون منها في المواقع الضرورية واللازمة، عكس أصحاب العقول المتكاملة والراجحة، فإنّهم يتعلمون من التجارب الشي‏ء الكثير ولاينسونها ولو للحظة ما، يقول الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام في وصيّته لابنه‏ الإمام الحسن‏ عليه السلام:

وَالْعَقْلُ حِفْظُ التَّجارِبِ وَخَيْرُ ما جَرَّبْتَ ما وَعَظَكَ.(124)

وعلى أساس ذلك يمكن القول: إنّ حفظ التجارب الحلوة والمرّة الشخصية أو التي جرّبها الآخرين والإستفادة منها في‏ الأوقات اللازمة هي دليل على عقلانية الشخص؛ لأنّ المرور على تلك التجارب وأخذ الدروس والعبر منها تنبع من‏ تكامل القوى العقلية لديه.

ونقرأ في رواية اُخرى عن أميرالمؤمنين علي عليه السلام قوله:

مِنَ التَّوفيقِ حِفْظُ التَّجْرِبَةِ.(125)

فحينما تُحفظ التجربة الصالحة - الّتي حصلت للآخرين - ويتمّ الإستفادة منها في المواقع الضرورية فإنّ التوفيقات‏ الإلهية تشمل حال الإنسان؛ ولهذا فإنّ التجربة الأمثل هي تلك التجربة التي يخرج منها الإنسان بالنتيجة المطلوبة والعبرة المفيدة، ويستعملها ويطبقها في مشاريعه وبرامجه الحياتية المستقبيلة.

إذن فعندما تنسى التجربة وتوضع وراء الظهر فلايمكن الانتفاع والاستفادة منها، كما هو الحال في عدم جدوى تكرارالتاريخ وإحيائه للكثير من المسائل والقضايا التي أكل عليها الدهر وشرب، وكذلك تكرار الكثير من التجارب المرّة الماضية بعد انقضاء الزمن وطيّ صفحات الحياة عليها وجعلها تتكرر مرة ثانية في ذاكرته.

إذن أليس حريّاً بالإنسان أن يحتفظ بالتجارب الماضية والإستفادة منها في مسيره الطويل  للوصول إلى الأهداف ‏المتعالية وأخذ العبر والدروس منها، وعدم تكرار نفس التجارب والنتائج والأخطاء التي وقعت له في حياته الماضيه ‏نتيجة ذلك النسيان والغفلة.

نعم؛ لقد كان الاُسلوب والطريقة التي اتبعها علماء الدين والأئمة الهداة عليهم السلام هي إرشاد الأمة إلى العمل بتجارب‏ الآخرين والإستفادة منها بنحو أفضل، والتي كانت قد حصلت لهم أو جاءت نتيجة تجارب الآخرين، ويمكن من خلال ‏تطبيق تلك الإرشادات والتوصيات الإستفادة من الوقت والفرصة نيل التوفيقات والنجاحات التي يبتغيها الإنسان ويتأمّل‏ الحصول عليها.


125) بحار الأنوار: 410/69.

126) بحار الأنوار: 391/70، مصباح الشريعة: 61.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    زيارة : 2728
    اليوم : 0
    الامس : 92624
    مجموع الکل للزائرین : 135008420
    مجموع الکل للزائرین : 93353324