الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
إستفادة العلاّمة المجلسي ‏رحمه الله من العمر

إستفادة العلاّمة المجلسي ‏رحمه الله من العمر

عندما نقلب صفحات التاريخ ونستقرئه نجد أنّ حياة الكثير من العلماء الأعلام والنخب الإجتماعية والثقافية تزهو وتسطع، وسوف يظل التاريخ يطأطئ هاماته لها؛ والسبب يعود في ذلك لما سلكه هؤلاء من نهج قويم وما قدموه من ‏أعمال وأفعال صالحة حيث إستفادوا من أفضل الفرص ومن كلّ لحظة قضوها في هذه الحياة.

ويمكن لأيّ شخص أن يثمن لحظات عمره وأن يخلد حياته بواسطة قيامه بأعمال الخير والبرّ والصلاح، والشعور دوماً بضرورة تقديم ما هو نافع لتلك الدار الباقية:

عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنّه قال:

اَلْاَيَّامُ صَحائِفُ آجالِكُمْ، فَخَلِّدُوها اَحْسَنَ اَعْمالِكُمْ.(74)

كان العلاّمة المجلسي‏ رحمه الله شخصية فذة واستثنائية فقد أستغل الفرص التي سنحت له بأحسن مايكون، والأستفادة من ‏لحظات عمره التي كانت كلها للَّه تبارك وتعالى وخالصه له، فلذا بقي إسمه خالداً عبر الأجيال.

ولابدّ أن ننظر إلى العلامة، كونه الرجل الذي تمكن من صيانة الدين وحفظه، فهو مجدّد للشرائع  وسنن رسول اللَّه ‏صلى الله عليه وآله وسلم‏ ومحي آثار وتراث أهل البيت ‏عليهم السلام، وقد استطاع من خلال تأليفاته وكتبه الكثيرة والخدمات التي قدمها أن يصبح شخصية يدين لها الإسلام والمسلمين.

وقد نقل عن المرحوم العلامة بحر العلوم قوله: كنت أتمنّى أن تدرج جميع مؤلفاتي في صفحة العلامة المجلسي مكان ‏أن يُسَجَّل في صفحات أعمالي كتاب واحد من تأليفات العلامة الفارسية - والتي تحتوي على ترجمة نصوص أخبار أهل ‏البيت‏عليهم السلام وشاعت في جميع أنحاء العالم - نعم فقد كانت تأليفات العلامة المجلسي باللغة الفارسية لها الوقع الكبير على‏قلوب من يتكلم بهذه اللغة وتركت بصماتها وآتت أكلها.

قال صاحب الجواهر في أحد الأيّام التي كان يلقي فيها درس الخارج: لقد رأيت البارحة رؤيا كأنّي دخلت في مجلس‏ كبير، حيث اجتمع فيها مجموعة من العلماء وكان هناك بواب على الباب لايسمح لكل أحد الدخول، فاستأذنت منه فسمح ‏لي فدخلت فشاهدت فيه جمعاً من العلماء المتأخرين والمتقدمين، وكان في مقدمة المجلس العلامة المجلسي‏ رحمه الله ‏فتعجبت لذلك فسألت من ذلك البواب عن هذا الأمر، فقال: إنّ السبب هو أنّ العلاّمة معروف عند أئمّة أهل البيت‏ عليهم السلام ‏بباب العلماء.

ولد هذا العالم الجليل في سنة 1037 وتوفّى في ليلة 27 من شهر رمضان المبارك لسنة 1110 ويقع قبره الشريف في‏ مسجد الجامع الكبير في مدينة إصفهان بالقرب من قبر أبيه وهو اليوم أصبح قبراً يزار من قبل الناس، وقد وصل عدد طلبته ‏إلى ما يقارب الألف.(75)

نعم؛ فقد استطاع العلاّمة المجلسي ومن خلال الإستفادة من «صحائف آجاله» و«أحسن الأعمال» وكتبه ومؤلفاته‏ القيّمة، من ترويج ونشر مذهب أهل البيت‏ عليهم السلام، وبهذا ظلت صفحات التاريخ تزخر باسمه وعطائه.


74) شرح غرر الحكم: 120/2.

75) حياة وشخصيّة الشيخ الأنصاري: 42. 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    زيارة : 2568
    اليوم : 46749
    الامس : 103243
    مجموع الکل للزائرین : 135123045
    مجموع الکل للزائرین : 93410692