الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
أيّ الناس لهم صلاحيّة وأهليّة الإستشارة؟!

 أيّ الناس لهم صلاحيّة وأهليّة الإستشارة؟!

يصرّح الإمام الصادق‏ عليه السلام في أحد الأحاديث النورانيّة الواردة عنه بأحد الشروط التي يجب توفرها في الذين يمكن‏ استشارتهم والأخذ برأيهم، فيقول ‏عليه السلام:

اِسْتَشِرِ الْعاقِلَ مِنَ الرِّجالِ الْوَرِعِ، فَاِنَّهُ لايَأْمُرُ اِلاَّ بِخَيْرٍ...(25)

ومن هنا يجب على الإنسان أن يأخذ نقطة مهمة بنظر الإعتبار وهي: قد تسبب الإستشارة أحياناً ضرراً كبيراً للمستشير، إذ تجعله ينحرف عن الجادة القويمة والخروج من بئر والوقوع بآخر أعمق منه!، ولهذا نرى أنّ أهل بيت الوحي‏ والطهارة عليهم السلام قد ذكروا  شروطاً معينة ومشخصة لمن يراد مشورته، حتى يتجنب الوقوع بمثل هذه الأخطاء وإبدالها بالخطوات الصحيحة التي ترسم للإنسان مسيرته الواضحة.

ولابدّ أن يكون الشخص الذي نستشيره يحمل مؤهلات واقعية وحقيقة للاستشارة ولديه الإلمام الكافي بالإجابة على‏ السؤال الذي يطرح عليه، وقد عينت الروايات الواردة عن أهل البيت‏ عليهم السلام الخصوصيات التي يجب أن يتمتع بها الشخص‏ المستشار.

عن الإمام الصادق‏ عليه السلام قال:

شاوِرْ في اُمُورِكَ مِمَّا يَقْتَضِي الدّينُ مَنْ فيهِ خَمْسُ خِصالٍ، عَقْلٌ وَحِلْمٌ وَتَجْرِبَةٌ وَنُصْحٌ وَتَقْوى...(26)

إذن فإنّ الأمر يحتم في المسأئل المستعصية والمعقدة اسشارة الشخص الذي له مؤهلات من قبيل العقل والتجربة والحلم ‏والتقوى والاجتباب والابتعاد عن غيره، وإلاّ قد تسبب للإنسان المستشير حالة من الضياع والتيه بدلاً من الهداية والرشاد.

وعلى هذا الأساس يجب الإذعان إلى حقيقة مفادها: يجب اتباع الاُسلوب الأمثل في الإستشارة وهو استشارة من لديه ‏الاستعداد والمؤهلات الكافية التي تستند إلى تجارب ساخنة مأخودة من حراك المجتمع، وتبلغ الذروة العليا من الوعي‏ والعمق.

الرأي كالليل مسوّد جانبه

والليل لاينجلي إلاّ بإصباح

فاضمم مصابيح آراء الرجال إلى

مصباح رأيك تزدد ضوي مصباح

وقد وردت رواية اُخرى عن مولانا الإمام الصادق ‏عليه السلام توضح بشكل أكثر الشروط التي يجب توفرها في الشخص‏ المستشير فيقول ‏عليه السلام:

إِنَّ الْمَشْوَرَةَ لاتَكوُنُ إِلّا بِحُدوُدِها، فَمَنْ عَرَفَها بِحُدوُدِها وَإِلّا كانَتْ مَضَرَّتُها عَلَى الْمُسْتَشيرِ أَكْثَرَ مِنْ مَنْفَعَتِها لَهُ، فَاَوَّلُها أَنْ يَكوُنَ الَّذي يُشاوِرُهُ عاقِلاً، والثَّانِيَةُ أَنْ يَكوُنَ حُرّاً مُتَدَيِّنَاً، وَالثَّالِثَةُ أَنْ يَكوُنَ صَديقاً مُواخِياً، وَالرَّابِعَةِ أَنْ تُطْلِعَهُ عَلى سِرِّكَ فَيَكوُنَ عِلْمُهُ بِهِ كِعِلْمِكَ بِنَفْسِكَ، ثُمَّ يَسْتُرُ ذلِكَ وَيَكْتُمُهُ، فَإِنَّهُ إِذا كانَ عاقِلاً اِنْتَفَعْتَ‏ بِمَشْوَرَتِهِ، وَإِذا كانَ حُرّاً مُتَدَيِّنَاً جَهَدَ نَفْسَهُ فِي النَّصيحَةِ لَكَ، وِإِذا كانَ صَديقاً مُواخِياً، كَتَمَ سِرَّكَ إِذا أطْلَعْتَهُ عَلَيْهِ، وَإِذا أطْلَعْتَهُ عَلى سِرِّكَ فَكانَ عِلْمُهُ بِهِ كَعِلْمِكَ تَمَّتِ الْمَشْوَرَةُ وَكَمُلَتِ النَّصيحَةُ.(27)

إذا بلغ الرأي المشورة فاستعن

بحزم نصيح أو نصاحة حازم

ولا تجعل الشورى عليك غضاضة

فريش الخوافي تابع للقوادم

وما خير كف أمسك الغل أختها

وما خير سيف لم يؤيد بقائم

وعليه فقد تعدّ استشارة الأشخاص الذين ليس لهم القدرة على تحري السبل التي تقود إلى النجاة خطر كبير؛ لأنّه قدتأخذ بيد الإنسان إلى متاهات وشذوذ وانحراف ومزالق خطيرة للغاية.

عن الإمام أميرالمؤمنين ‏عليه السلام قال:

لاتُشاوِرْ مَنْ لايُصَدِّقُهُ عَقْلُكَ.(28)

إنّ اللبيب إذا تفرّق أمره

فتق الاُمور مناظراً ومشاوراً

وأخو الجهالة يستبدّ برأيه

فتراه يعتسف الاُمور مخاطراً


25) بحار الأنوار: 101/75.

26) بحار الأنوار: 103/75.

27) بحار الأنوار: 102/75.

28) بحار الأنوار: 103/75.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    زيارة : 2646
    اليوم : 24433
    الامس : 98667
    مجموع الکل للزائرین : 133871254
    مجموع الکل للزائرین : 92596428