الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
1 - الإعتياد على الأعمال الدانية والإستناس بها

1 - الإعتياد على الأعمال الدانية والإستناس بها

واحدة من الاُمور والقضايا تمنع الإنسان من نيل مبتغاه في الأعمال التي ‏يقوم بها وتعدّ من الآفات الملموسة والمحسوسة والمهمّة في إيقاف عجلة نشاطه، ولها آثار مخربة عطيمة وشديدة للغاية هي الغلبة على عادات الأعمال ‏السابقة، ومن هنا جاء قول الإمام أميرالمؤمنين علي ‏عليه السلام:

آفَةُ الرِّياضَةِ غَلَبَةُ الْعادَةِ.(116)

إنّ الإعتياد على الأعمال الطالحة أو تلك التي لا قيمة لها هي مؤامرة كبرى‏ ومخزية يشنها الإنسان على نفسه لمحو الآثار المترتبة على العمل والسعي، كما تعمل الجراثيم على سلب الصحة والسلامة من جسم الإنسان، ويبدو أنّنا لانبالغ إذا قلنا: إنّ غلبة وسيطرة العادات السيّئة والقبيحة تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على القيام بالأعمال التي لها أبعاد وآفاق بعيدة المدى والمشاريع ‏المهمّة وتسلب عؤامل النجاح منها.

إنّ الإنسان إذا أراد الوصول إلى النتيجة المطلوبة، ويرى ثمرات عمله وسعيه‏ فلايكتفي بالنشاطات والفعاليات الحياتية فحسب، وإنّما عليه التغلّب على‏ العادات التي من شأنها إحباط كلّ مساعيه وجعلها في خبر كان.

يقول الإمام أميرالمؤمنين‏ عليه السلام في هذا الصدد :

اَلْفَضيلَةُ غَلَبَةُ الْعادَة.(117)

ومن هنا فإنّ الحصول على الفضائل الإنسانيّة لايمكن من خلال العمل ‏والسعي فقط، وإنّما الغلبة على العادات السيّئة والقبيحة ونأتي هنا بمثال بسيط، وهو إذا أراق الإنسان ماءً طاهراً ونظيفاً في حوض مملوء بالماء الملوث فإنّه ‏بمجرّد سكب الماء النظيف المحدود فيه لايتغيّر أوصاف الحوض إلاّ إذا استمرّت تلك العمليّة وسكبنا ماءً كثيراً عليه، ففي تلك الحالة سوف يغلب‏ على الماء الملوث فيغير حينها طعم ولون ماء الحوض ويصبح ماءً زلالاً وطاهراً.

إنّ مثل العادات السيئة والطالحة كمثل المياه الملوثة، فإنّها تلوث أعماق‏ الإنسان ووجوده في حين أنّه يصل إلى مراتب الفضيلة والسموّ عندما يطهّر أعماقه من تلك العادات ومن ثمّ تأتي مرحلة الغلبة عليها، وأمّا إذا غلبت‏ العادات السيئة فيصبح العمل الصالح كمثل سكب الماء الزلال في الحوض‏ المملوء بالمياه الآسنة، فإنّ هذا العمل لايطهر وينظف ماء الحوض، وإنّما يلوث نفس الماء الزلال، وبالطبع فإنّ سكب الكثير من الماء الزلال واستمرارية العمل عليه لمدة من الزمن هو الذي يستطيع إخراج الحوض من حالة التلوث.

وهذا هو الجاري في العادات لدى الإنسان إذ عليه القيام بالأعمال الصالحة والخيرة بشكل دائم والمواظبة عليها حتّى يتمكّن من قلع جذور العادات ‏السيئة من أصلها وإلاّ لن يحصد من أعماله الصالحة والخيرة شيئاً.

ولذا فإن أراد الشخص منّا أن ترسو أعماله وأفعاله على برّ الأمان ويرى‏ ثمارها ونتائجها في دنياه قبل آخرته، فعليه أن يزيل الموانع والعقبات التي من ‏شأنها تعويده على الأعمال والأفعال المتدنبة والتي يكون الخطأ والإنحراف‏ عن الهدف من أهمّها.

وكما شاهدنا في قصّة الشابين الخيبريين، وكيف أنّهما استطاعا التخلص‏ من الإعتياد على وضعهما السابق والسير في طريق الفضيلة والسعادة.


116) شرح غرر الحكم: 104/3.

117) شرح غرر الحكم: 97/1.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    زيارة : 2797
    اليوم : 67995
    الامس : 164982
    مجموع الکل للزائرین : 142111321
    مجموع الکل للزائرین : 97993680