الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
قضیة لکتابة الرقعة

  قضیة لکتابة الرقعة

  قال الشيخ أبوالمفضّل رحمه الله : فذكرت حديث رقعة ابوالعباس بن کشمرد في مجلس أبي وائل داود بن حمدان بنصيبين سنة اثنين وعشرين وثلاثمائة ، وحضر هذا المجلس يومئذ رجل من أهل نصيبين يقال له أبوعثمان سعيد بن البندقي الشاعر ، وكان من شهود البلد فقال أبو عثمان عند قولي ما تقدّم من قول أبي العبّاس ابن كشمرد : على يدي كان الحديث وذلك أنّي حججت في سنة الهبير وهي السنة الّتي اُسر فيها أبوالعبّاس ابن كشمرد ، والخال وفلفل الخادم وغيرهم من وجوه الأولياء مع أبي الهيجاء واُسرت فيمن اُسر معهم من الحاجّ .

  فطال بالأحساء محبسنا ، وكنت أقول الشعر فامتدحت السيّد أبي الطاهر بقصيدة أوصلها إليه أبوالهيجاء ، فأذن لي السيّد بالدخول ، والخروج من الحبس فكنت أدخل على أبي العبّاس ابن كشمرد وكان يأنس بي ويحدّثني فأرسل إليّ ذات يوم في السحر قبل طلوع الشمس وقال لي : خذ هذه الرقعة وهي في كتلة الطين وامض بها إلى موضع وصفه لي ، وكان فيه ماء جار ، قال : واقرأ سورة يس واطرح الرقعة في الماء ، فأخذتها فصرت إلى الماء ، وأحببت أن أقف على الرقعة فقلعت الطين عنها ونشرتها وقرأت ما فيها .

  قال أبو عثمان : وأخذت عوداً وبلّلته في الماء ، وكتبت ما في الرقعة على كفّي وكتبت اسمي وإسم أبي واُمّي ، وأعدت الرقعة في الطين وقرأت سورة يس عنّي وغسلت كفّي في الماء ، ثمّ قرأت سورة يس عن أبي العبّاس ابن كشمرد ، وطرحت الرقعة في الماء ، وعدت إلى مجلسي ذلك بعقب طلوع الشمس ، فلم يمض إلّا ساعة زمانيّة وإذا رسول السيّد يأمر بإحضاري ، فحضرت .

  فلمّا بصر بي قال : إنّه قد اُلقي في قلبي رحمة لك وقد عملت على إطلاقك فكيف تحبّ أن تسير إلى أهلك في البرّ أم في البحر ؟ فخشيت إن سرت في البرّ أن يبدو له ، فيلحقوني فيردّوني ، فقلت : في البحر ، فأمر أن يدفع لي كفافي من زاد وتمر ، وخرجت في البحر فصرت إلى البصرة .

  فلمّا كان بعد ثلاثة أيّام من وصولي البصرة ، جلست عند أصحاب الكتب فإذا أنا بأبي العبّاس ابن كشمرد راكب في موكب عظيم والاُمراء من خلفه ، وقد خرج أمير البصرة استقبله ، والجند بين يديه ومن خلفه ، والعساكر محدقة به وهو وأمير البصرة يتسايران ، فلمّا رأيته قمت إليه ، فلمّا أبصر بي نزل عن دابّته ووقف عليّ ، وقال : يا فتى كيف عملت حتّى تخلّصت ؟ فحدّثته ما صنعت من كتبتي ما كان في الرقعة بالماء على كفّي ، وغسلت بالماء يدي ، ما كنت كتبت عليها قبل أن رميت رقعته .

  فقال لى : أنا وأنت من طلقاء أميرالمؤمنين صلوات اللَّه عليه ؟ فقلت : نعم ومضى حتّى نزل في دار اُعدّت له ، وحمل إليه أمير البصرة الهدايا واللّباس والآلات والدوابّ والفرش وغير ذلك ، فلمّا استقرّ في موضعه أرسل إليّ فدخلت عليه ، وأقمت عنده أيّاماً وأحسن إليّ ، وحملني مكرّماً إلى بلدي .

  فعجب أبو وائل من ذلك وقال : يا أبا المفضّل أنت صادق في حديثك ولقد اتّفق لك ما أكّده ، فهذه الرقعة معروفة بين أصحابنا يعملون بها ويعوّلون عليها في الاُمور العظيمة والشدائد ، والرواة فيها مختلفة ، لكنّي أوردت ما هو سماعي ببغداد .(1)

 ..........................

(1) قد ذکر الرقعة الکشمردیة التی تجعل فی طی الرقعة الی مولانا صاحب الزمان صلوات الله علیه فی کتاب «الصحیفة المبارکة المهدیة: 397» .

 

 

المصدر : کتاب «کتابة الرقعة : 69»

نقلا عن کتاب «الصحیفة المبارکة المهدیة : 404»

زيارة : 3033
اليوم : 0
الامس : 74099
مجموع الکل للزائرین : 133773571
مجموع الکل للزائرین : 92547425