الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
صفات العارفين

صفات العارفين

من النتائج الحتمية التي يمكن الإطمئنان إليها هي أنّ الإنسان الذي تنور قلبه ‏بنور المعرفة والعلم ، فإنّ فكره وعقيدته ترتقي صوب التكامل والهداية نحو المحبوب الحقيقي وتكون توجهاته كلّها للَّه الواحد الأحد وعليه فإنّه يرى‏ نفسه في محضره وساحاته القدسيّة دوماً منشغلاً بالإرتباط  معه على الرغم من‏ تواجده بين الناس والعيش في أوساطهم.

وفي هذا الصدد يقول الإمام الصادق ‏عليه السلام:

اَلْعارِفُ شَخْصُهُ مَعَ الْخَلْقِ وَقَلْبُهُ مَعَ اللَّهِ.(49)

فهنا لابدّ للإنسان الإلتفات إلى نقطة في غاية الأهمية، وهي البون والفرق‏ الشاسع الذي نجده بين العرفإنّ الذي يعرفه أهل البيت‏ عليهم السلام في هذا الحديث‏ وسائر الأحاديث الاُخرى، والعرفان الظاهري والمزيف للأشخاص الذين‏ يريدون من خلاله جلب أنظار الناس إليهم والتلاعب بمقدراتهم ومصيرهم.

فإنّ اصحاب العرفان في نظرة مذهب أهل البيت ‏عليهم السلام هم ليس فقط من‏ سخروا وجودهم كاملاً للَّه عزّ وجلّ، وإنّما جعل البارئ عزّ وجلّ أرواحهم وأنفسهم‏ مأنوسة بمعرفته ووجوده.

فنقرأ في المناجاة الأنجيلية الواردة عن الإمام السجاد عليه السلام:

وَانَسْتَ نُفُوسَهُمْ بِمَعْرِفَتِكَ.(50)

وبالطبع فإنّ معرفة هؤلاء تزداد رويداً رويداً، وذلك نتيجة اُنسهم بتلك ‏العلوم والمعارف، وتظلّ هذه الزيادة بإطراد مستمرّ، وعلى أثرها يصلون إلى‏ المقامات والمراتب العالية، ويطلق على مثل هؤلاء العارفين إسم «العلوي» يقول الإمام الصادق‏ عليه السلام:

اَلْمُؤْمِنُ عَلَوِيٌّ لِأَنَّهُ عَلا فِي الْمَعْرِفةِ.(51)

وفي أثناء هذا فإنّ أنوار تلك العلوم والمعارف الإلهية تسطع في وجودهم‏ وتملئ كلّ زوايا من زواياه، فتظفي على نفوسهم وأرواحهم نوعاً من الصفاء والنقاوة والطمأنينة وتشكل نبعاً إعتبارياً مستديماً ينهلون منه وينالون من بحرتلك العلوم الكنوز الثمينة التي لاتقدر بثمن، فتزرع في تلك القلوب حالة لتكثيف العطاء الفكري والعقائدي.

يبقى أن نشير إلى نقطة جوهريّة في هذا الموضوع وهي أنّ هؤلاء الثلة الصالحة ستكون مستودعاً لودائع البارئ عزّ وجلّ وحافظاً للأمانة الإلهية.

عن الإمام الصادق عليه السلام قال:

اَلْعارِفُ اَمينُ وَدائِعِ اللَّهِ وَكَنْزُ اَسْرارِهِ.(52)

وعلى ضوء ما قلناه فإنّ تلك العلوم ستكون عوناً في حصولهم على المقام‏ المتعالي للعرفإنّ الحقيقي والسير فيه وعندها كيف يمكنهم إفشاء كلّ سرّ من ‏تلك الأسرار التي وصلوا إليهم وكيف تسمح نفوسهم بإعطاء الكنوز التي عثروا عليه إلى كلّ من هبّ ودبّ؟!


49) بحار الأنوار: 14/3.

50) بحار الأنوار: 156/94.

51) بحار الأنوار: 171/67، عن علل الشرايع: 152/2.

52) بحار الأنوار: 14/3.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    زيارة : 3053
    اليوم : 18407
    الامس : 85752
    مجموع الکل للزائرین : 133051953
    مجموع الکل للزائرین : 92134155