الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
1 - الاندفاع والحماس يقويان الإرادة الإنسانيّة

1 - الاندفاع والحماس يقويان الإرادة الإنسانيّة

من البديهي أنّ الشيطان الرجيم يوجد الأساليب والطرق التي من شأنها تحريف الإنسان ومن ثم يوسوس إليه ويسوقه‏ صوبها، لكي يبعد من خلالها ذلك الشخص أو الأشخاص عن الجادة القويمة والصراط المستقيم، وبالتالي لايظفرون إلاّ بالخسران المبين، ولاشك أنّ واحداً من تلك الأساليب الخبيثة التي يجر إليها هي الاندفاع والشوق نحو طلب الشهرة والجاه والمقام، يصرح البارئ عز وجل في محكم كتابه العزيز:

«وَيُريدُ الَّذينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ اَنْ تَميلُوا مَيْلاً عَظيماً».(60)

إنّ الميل العظيم والاندفاع والاشتياق للوصول إلى الشهوات والملذات الجسدية في النفس البشرية يكون من نتاج ‏النفس الأمّارة وعمل الشيطان، وفي نهاية المطاف يتحمل من يسلك ذلك الطريق تبعاته وشدة مشقاته وشدّة وطأته.

وكما أنّ الإندفاع والشوق الكثير للوصول إلى الشهوات هو أحد العوامل المؤثرة والقوية في حصول عملية الضلالة والخسران، فإنّ نفس الإندفاع والحماسة - ولكن المبرمج - هو عامل قوي للوصول إلى الأهداف المتعالية وعامل فعال‏ لنيل المقاصد المعنوية والعلمية الكبيرة.

وعليه فإذا كان الإنسان يميل إلى الحصول على الأهداف الإنسانية العالية ويحب الوصول اليها بسهولة، فما عليه سوى ‏أن يوجد حالة من الاندفاع والحماس القوي في نفسه حتى تضاعف من قوة الإرادة لديه، ويمكن - ومن خلاله - تخطي‏ الصعوبات وتذليلها وتسهيل الشدائد وتقريب الأهداف المنشودة.

إنّ حالة الاندفاع والشوق الشديد تكون قادرة على تعبيد الطرق ورفع الحواجز والموانع وتقوي الإرادة لكسب الهدف‏ المطلوب، وتبعث على ترك المسائل والاُمور الهامشية والجانبية وركنها جانباً، وتعمل لأجل هدف واحد هو النجاة من ‏المسائل المختلفة والوصول إلى تلك الغاية والهدف.

ويجب على الإنسان أن يختار أفضل الأهداف وأسماها ومن ثمّ يزرع حالة الإندفاع والشوق عنده إليها، فاذا حدث‏ الشوق في النفس لنيل الهدف المنشود فإنّه يضع بقيّة الاُمور والأشياء الاُخرى على الرف ولايحسب له أي حسبان.

نقرأ في رواية منسوبة إلى مولانا الإمام الصادق عليه السلام قوله:

مَثَلُ الْمُشْتاقِ مَثَلُ الْغَريقِ، لَيْسَ لَهُ هِمَّةٌ اِلاَّ خَلاصُهُ وَقَدْ نَسِيَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ دُونَهُ.(61)

ومن هذا الحديث نفهم أنّ الشخص الذي أوجد نوعاً من الشوق والرغبة إلى شي‏ء ما في نفسه فإنّه سوف ينسى سائر الاُمور الاُخرى، ويجعل إرادته وهمّه الأوحد ينصب في تحقيق ذلك الشي‏ء.


60) النساء: 27.

61) بحار الأنوار: 24/70.

 

 

 

 

 

    زيارة : 2622
    اليوم : 114305
    الامس : 162091
    مجموع الکل للزائرین : 143173375
    مجموع الکل للزائرین : 98774911