الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
التمركز الفكري يرفع درجات القدرة على التفكّر

   التمركز الفكري يرفع درجات القدرة على التفكّر

إنّ الإنسان الذي يعيش حالة الفكر والتفكّر بكلّ وجوده وفي طوال مراحل حياته يتمتع بذهن مطمئن وراحة بال؛ لأنّ ‏مسألة التشويش الذهني تكون مانعاً وعقبة لإيجاد حالة التمركز المطلوبة، فتتبع تلك العملية فقدان أي شعور بالتمركز بالنسبة تجاه أي نوع من التفكير والحد من قدرته. 

ومن هنا ينبغي للإنسان الذي يريد إيجاد حالة من الفكر والتفكير في داخله، تهيئة المحيط الملائم والهادئ وذهن‏ مستريح ومطمئن، والابتعاد عن الظروف والأسباب التي تشتت الفكر والتفكير وتجعله يتجه إلى هذه الفكرة أو تلك،وكذلك اجتناب التفكّر في الحالات العصبية والاضطرابات النفسيّة وإفرازاتها؛ لأنّه في هذه الحالة لايمكن بحال من‏ الأحوال السيطرة بشكل كامل على الفكر والتفكّر.

ويقتضي التنبيه بهذا الصدد إلى أنّ الفرد إن استطاع من إيجاد القدرة على التمركز الفكري فسوف يتمتّع بتفكّر وفكرقوي ومؤثّر للغاية؛ باعتبار نفس عملية التمركز تضاعف القدرات الفكريّة، ولهذا تراه يتمتع بقدرة كبيرة، وهذا مما يزيد ضرورة ووجوب تعلم الطريق الصحيح والمناسب للتمركز الفكري ورفع العقبات والموانع التي تقف حائلاً دون ذلك. 

وبما أنّ التمركز الفكري ينبع من الحالات الروحية للإنسان وأنّ الحصول عليه يتطلب القدرة المتزامنة للسرعة، فعليه ‏يجب أن يقوم الإنسان بالتمرين وممارسته دوماً لكي يتمكن وبمرور الأيّام من إيجاد هذه القدرة والقابلية لديه.

وحينما يحصل ذلك الإنسان على القدرة في التمركز الفكري ويستفيد منها بالنحو المطلوب، فسوف يفتح له باب‏ النبوغ على مصرعيه.

إنّ هناك الكثير من العلماء والباحثين والطلبة يتمنى الوصول إلى ما وصل إليه «النوابغ» أو يغبطونهم على ذلك المقام‏ والمنزلة التي نالوها، ويشعرون بعدم الإرتياح؛ لأنّهم لم يروا أنفسهم بهذه الحالة أو المنزلة، بينما يكتب بعض العلماء والمحقّقين عن هذا الموضوع ما يلي:

«إنّ الفرق الواضح بين رؤية ونظرية الشخص النابغة عن الشخص العادي هو أنّ الشخص النابغة يستفيد بطريقة خاصة من مساحة أوسع من مساحات ذهنه، وأنت أيضاً قادر بالفعل على الإستفادة بطريقة خاصة من مساحات كبيرة من‏ ذهنك.» (21)

إنّ البعض يعتقد بأنّ الشخص النابغة يتمتع منذ نعومة أظفاره بحالة من الذكاء العجيبة وحافظة خارقة للعادة، ولكن هذا الاعتقاد غير صحيح وفي غير محله؛ لأنّنا نرى أنّ الكثير  من هؤلاء لاتظهر عليهم حالات النبوغ إلى مراحل متقدمة من‏ العمر، حتّى إنّ البعض منهم في أعين معلميهم أو والديهم كانوا في صغرهم من البلداء ومن هؤلاء «انشتاين» الذي هو واحد من النوابغ الذين عرفوا في أوساط مجتمعهم.

وحسب القاعدة والأصل المعروف  فإنّ عالم النبوغ يظهر عند النوابغ في أواخر سنين عمرهم(22)، ومع أنّ الكثير منهم‏ تظهر علامات النبوغ عليهم في صغرهم، ولكن هذا دليل غير كافٍ على أنّ جميع النوابغ تتجلى فيهم تلك الحالة في‏ مرحلة الطفولة؛ لأنّه وكما قلنا فإنّ من الممكن أن يوظف الإنسان قواه العقلية والدماغية في مرحلة عمرية معينة فيتمتع ‏بخصائص خارقة للطبيعة ويصبح إنساناً جديداً واستثنائياً.

إنّ التمركز الفكري طريق مؤثّر من أجل توظيف وتجيير القوى الدماغية، وبالتالي الإستفادة الأكبر من قدرات وإمكانيات الفكر.

وقد يتمتّع الفكر وتمركزه بأهمية خاصة ولم نتمكن إلى الآن من الإلمام ومعرفة القدر اليسير من أسراره وخباياه، ولاشكّ فإنّ عملية تجسيم الأفكار وإيجاد الحالات الفكريّة هي من المسائل العلمية التي ظل الإنسان يجهلها وعاجزاً عن ‏درك حقيقتها.

وكما ظلت مسألة حقيقة الروح لغزاً محيّراً لم يتمكن الإنسان من حلّه كذلك حقيقة الفكر والتفكير، فهي من القضايا التي استعصيت على البشرية وأصبحت من المجاهيل؛ والسبب يعود في ذلك إلى أنّ الفكر ينبع من الروح الإنسانيّة، وبما أنّ الإنسان قد فقده روحه؛ لذا فهو غير قادر على القيام بالفكر والتفكّر، إذن فإنّ الفكر هو حاصل ونتاج الروح، وإنّ الدماغ‏ وسيلة للروح التي تظهر بدورها الفكر والتفكير، كما أنّ العين هي وسيلة للروح، حيث إنّ الإنسان قادر وبواسطة تسلط الروح عليها من مشاهدة الأشياء.


21) القوى الغريبة للدماغ: 119.

22) تقوية وتمركز الفكر: 132. 

 

 

 

 

 

    زيارة : 2693
    اليوم : 32138
    الامس : 50151
    مجموع الکل للزائرین : 133482435
    مجموع الکل للزائرین : 92349420