الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
أثر حالة النشاط في العبادة

أثر حالة النشاط في العبادة

لا شكّ فإنّ النشاط والحيوية تزيد من قدرة وإرادة وتصميم الإنسان واستقامته‏ وعزمه وتخطي حواجز الضعف، وتسهل الأعمال الكبيرة والمشاريع العظيمة، وتقلل من مشقّاتها وعذاباتها، ولهذا السبب فإنّ الأشخاص الذين يقومون ‏بالعبادات الكبيرة بشوق ورغبة منقطة يشعرون بمدى اللذة الروحية التي ‏استقطبتها تلك العبادة فتخلق روحاً جديدة لديهم لاتتعب ولاتمل، وترى ‏ألسنتهم تلهج دوماً بذكر اللَّه تعالى وتقدّسه وتتضرّع إلى بارئها إلى زيادة تلك‏ الحالة وبقائها في النفس، حتّى تزيد من شعلة العبادة في داخل وجودهم‏ والولوج إلى ساحته القدسيّة.

نقرأ في دعاء الإمام السجاد عليه السلام:

إِجْعَلْ ... نَشاطي في عِبادَتِكَ.(81)

ونقرأ في مناجاته عليه السلام أيضاً:

رَبَّنا ... وَامْنُنْ عَلَيْنا بِالنَّشاطِ.(82)

   وهكذا نقرأ في إحدى زيارات الجامعة:

تَحَبَّبْ إِلَيَّ عِبادَتَكَ ... وَتُنْشِطُني لَها.(83)

إنّ السرّ في طلب النشاط والحيوية في العبادة الوارد ذكره في الأدعية المأثورة هو أنّ حالة النشاط هي أفضل عنصر وداعم للإنسان في إعانته على‏ القيام بالعبادات الصعبة والكبيرة، وهذا الموضوع شبيه إلى حدّ ما بالأعمال ‏والفعاليّات التي تُنجز بشكل جمعي فترى القيام بها أسهل، وكذلك في سائر الحالات الروحيّة وهذا معنى أنّ الإنسان إذا ملك بعض القوى الروحيّة يستطيع‏ إنجاز عمل عدّة أشخاص.

وبالطبع فإنّ واحدة من القوى والقدرات الروحية هي النشاط والحيوية،فإن تمكّن الفرد من تقوية تلك الحالة في النفس كانت عليه العبادات الصعبة أمراً في غاية السهولة، كأنّه قام بها مع عدد من الأشخاص، ولهذا نقرأ في دعاء حلول شهر رمضان المبارك:

...اَحْسِنْ مَعُونَتي فِي الْجِدِّ وَالْاِجْتِهادِ وَالمُسارَعَةِ إِلى ما تُحِبّ‏ وَتَرْضى، وَالنَّشاطِ وَالْفَرَحِ وَالصِّحَةِ حَتّى اَبْلُغَ في عِبادَتِكَ وَطاعَتِكَ الَّتي يَحِقُّ لَكَ عَلَيَّ رِضاكَ.(84)

وكما هو واضح في هذا الدعاء فإنّ النشاط والصحة جُعلت من العوامل‏ المساعدة التي تعين النفس على القيام بالعبادات.

ولا شكّ فإنّنا ومن خلال التعاليم والإرشادات الواردة عن أهل البيت‏ عليهم السلام نستطيع ‏أن نعرف أنّ النشاط من الأسرار الكبيرة والمهمّة في نيل التوفيقات والنجاحات في‏ الأعمال الصعبة والكبيرة، فمن هنا يجب علينا أن نستخدمه في محطّات حياتنا المختلفة ونجسّده في كلّ خطواتنا العملية.

وأمّا إذا شعر الإنسان بأنّه قد فقد ذلك النشاط فلابدّ له من تلقين نفسه بقوّة وإلزامها به، وبالتالي توطيدها على القبول والتفاعل معه.

ومن هنا نرى أنّ أصحاب الأئمّة الأطهار صلوات اللَّه عليهم وعلى الرغم من‏ وصولهم إلى مراحل متقدّمة من العمر، ولكن قلوبهم عند العمل والعبادة تجدها في أوج نشاطها وقمة عطائها.

فإذا حلّت الهداية قلباً

نشطت للعبادة الأعضاء


81) بحار الأنوار: 200/90، عن البلد الأمين: 131.

82) بحار الأنوار: 125/94.

83) بحار الأنوار: 170/102، عن مصباح الزائر: 242.

84) بحار الأنوار: 330/97.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    زيارة : 3069
    اليوم : 18423
    الامس : 85752
    مجموع الکل للزائرین : 133051986
    مجموع الکل للزائرین : 92134173