خدمة المؤمنين

واحدة من العبادات التي تدّل على نبل وعظمة الروح الآدمية هي العمل ‏على خدمة الإخوة المؤمنين ومساعدتهم في رفع المشاكل والمصائب التي ‏يقعون فيها، ولعلّ هذا قانون أخلاقي واجتماعي ولد فطرياً مع الإنسان قبل أن‏ يُنظم بالقوانين الدستوريّة.

ولا شكّ فإذا كان الأخذ بأيدي الإخوة المؤمنين ومشاركتهم في محنهم‏ وإنقاذهم ممّا هم عليه في سبيل اللَّه عزّ وجلّ خالصاً له، فهي تعتبر في الواقع عبادة في غاية الأهميّة ويترتب عليها مقدار كبير من الأجر والثواب، وقد أكدت عليها الأحاديث الكثيرة والمتواترة عن أهل البيت صلوات اللَّه عليهم واعتبروها من أشرف‏ وأفضل أنواع العبادات.

فقال الإمام السجاد عليه السلام في هذا الصدد :

إِنَّ أَشْرَفَ الْعِبادَةِ خِدْمَتُكَ اِخْوانَكَ الْمُؤْمِنينَ.(67)

وبطبيعة الحال فإنّ عدم الإكتراث لهذه المسألة الأساسية له تأثيراته الحياتية الوضعية في مسألة التعاطف والتعايش الإنساني وله تبعات وأضرار جسيمة.

يقول مولانا الإمام الصادق‏ عليه السلام في حديث له يعدّ فيها المعاصي الكبيرة :

... تَرْكُ مُعاوَنَةِ الْمَظْلُومينَ.(68)

ويجب في هذا المضمار الإلتفات إلى نقطة وهي: أنّ مدّ يد العون ‏والمساعدة لايقتصر على المساعدة والعون المادّي؛ بل يتعدها ليشمل جانب‏ الهداية والأرشاد، وذلك بمقدار الإستطاعة والقدرة.

قال الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام :

أَعِنْ أَخاكَ عَلى هِدايَتِهِ.(69)

ويتّضح من خلال هذا البيان أنّ واحدة من العبادات التي تتميّز بخصلة الشرافة والرفعة والعظمة هي تقديم الخدمة والعون لإخوة الإيمان والأخذ بيديهم في الجانب المعنوي.

ويمكن للإنسان عن طريق تلك العبادة الوصول إلى أعلى المراتب ‏والكمالات المعنويّة، ويدر عليه العطف والحبّ الإلهي وعناية وألطاف أهل‏ بيت العصمة والطهارة صلوات اللَّه عليهم أجمعين.

قال الإمام الصادق عليه السلام :

إِنَّ أَحَبَّ الْمُؤْمِنينَ إِلَى اللَّهِ مَنْ أَعانَ الْمُؤْمِنَ الفَقيرَ مِنَ الفَقْرِ في‏ دُنْياهُ وَمَعاشِهِ، وَمَنْ أَعانَ وَنَفَعَ وَدَفَعَ المَكْرُوهَ عَنِ الْمُؤْمِنينَ.(70)

---

67) بحار الأنوار: 318/75، عن كتاب تفسير الإمام العسكري‏ عليه السلام: 260.

68) بحار الأنوار: 10/79، عن كتاب الخصال: 155/2.

69) شرح غرر الحكم: 178/2.

70) بحار الأنوار: 261/78، عن تحف العقول: 357.