تکامل العقول
إنّ بناء الإنسان ووجوده هي من الأمور المعقدة والمثيرة للغاية ، بحيث إذا استطاع الإنسان من معرفة نفسه بالّشكل الصحيح والمناسب ، فإنّه قادر على القيام بأعمال خارقة للغاية ، وأمّا إذا تجاهل القدرات المكنونة في وجوده ، فإنّه سيهدر ويضيع أكبر رأس مال له ، وهو فوات عمره وسنين حياته .
وقد بيّن الإمام أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام هذه الحقيقة مرّات ومرّات من خلال أحاديثه النيّرة ، وحذّر الإنسان من تجاهل نفسه وقدراته واعتقاده بأنّه عنصر لا أهميّة له ، جاهلاً في وجوده عالم محيّر وعجيب .
وما أروع ما قاله أمير البيان والبلاغة الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام حين قال :
أتحسب أنّك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
ومع الأسف الشديد نقول : إنّ المجتمع آنذاك كان غير مؤهّل لأن يقوده الإمام العظيم ولم يثمن تلك القيادة الحكيمة ، وإلاّ فقد كان يطلب من الجميع السؤال ، ليس عن عوالم الأرض وعجائبها ، وإنّما عن السّموات وطرقها أيضاً ، فلم يجبه عن طلبه هذا سوى شخص فقط قام من بين الجموع ، يسأله عن عدد شعرات رأسه ! ولم يسجّل التّاريخ أيّ حالة إعتراض أو توبيخ قام بها النّاس إتّجاه سؤال هذا الشخص الجاهل .
واطّلع الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام الإنسانيّة على القدرات العجيبة للدّماغ ، وأخبر عن القوى الخفيّة له الّتي يجب على الإنسان تأجيرها وتوظيفها ، ولكن لم يأخذ بذلك إلاّ أصحابه المقرّبون ، وظلّت البقيّة الباقية عاجزة عن معرفة ما للدّماغ من قدرات وطاقات وكيفيّة استعمالها بالشّكل المطلوب .
ومنذ ذلك اليوم فقد مضت القرون العديدة ، ولكن بقي الكثير من النّاس في جهلهم يتخبّطون متجاهلين القدرات العجيبة الّتي يحملها الدّماغ وعدم قدرتهم على إدراكها جيّداً ، وظلّت الكثير من قدرات الدّماغ جامدة وساكنة وخفيّة ، لم يعثروا على وسيلة وطريقة لتفعيلها وتحريكها .
Pengunjung hari ini : 0
Total Pengunjung : 190094
Total Pengunjung : 123705310
|