الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
هل يمكن للجميع أن يكونوا من المخلصين؟

هل يمكن للجميع أن يكونوا من المخلصين؟

عند التأمّل والتفكّر في أحاديث وكلمات أهل البيت‏ عليهم السلام حول الإخلاص والصفات والخصائص التي يتمتع بها المخلصون والآثار المترتبة على نفس عملية الإخلاص نرى فيها العجب العجاب.

لقد وصلت أهمية الإخلاص إلى حدّ يعتقد معه البعض أنّه ليس من واجبات الجميع وإنّما هو أمر مختصّ بأولياء اللَّه‏ تعالى والصالحين والذين يجب عليهم الإستفادة من نعم البارئ عز وجلّ! ولكن يصرّح القرآن الكريم في إحدى دعواته‏ العامة إلى الناس بالقول:

«فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ».(158)

ويمكن الإستفادة من هذه الآية الشريفة أنّ كلّ إنسان مكلف بالإتيان بالدين الخالص من دون شوائب ورياء وسائر الأعمال والفرائض الدينية، بل ويجب عليه أن يجتنب ويتحرز من جميع المظاهر والأعمال والأفعال التي تتسم بالريا والتفاخر، وهذا ما أكدته الروايات والأحاديث الواردة عن بيت العصمة والطهارة عليهم السلام.

قال الإمام الصادق عليه السلام:

اَخْلِصْ حَرَكاتكَ مِنَ الرِّياءِ.(159)

لأنّه إذا كان عمل الإنسان خالصاً وقيماً فإنّه لا وجود إلى الريا والتظاهر فيه.

إذا السرّ والإعلان في المؤمن استوى

فقد عزّ في الدارين واستوجب الثنا

فإن خالف الإعلان سراً فما له

على سعيه فضل سوى الكدّ والعنا

ومن هذا المنطلق، فإنّ الإخلاص هو وظيفة عامة تقع على الجميع مسؤولية تحصيله، ونقول للأسف: فإنّ الكثير من‏ الأشخاص يدعون اللَّه مخلصين له في أوقات الشدة والبلاء فقط ويتركون الدعاء في بقية الأوقات وهذا ما صرّح به القرآن ‏الكريم قائلاً:

«هُوَ الَّذى يُسَيِّرُكُمْ فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى اِذا كُنْتُمْ فِى الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِريحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِها جائَتْها ريحٌ ‏عاسِفٌ وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَظَنُّوا اَنَّهُمْ اُحيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ اَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ ‏لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرينَ».(160)

وقال البارئ عزّ وجلّ في آية اخرى:

«فَاِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصينَ لَهُ الدّينَ فَلَمَّا نَجّيهُمْ اِلَى الْبَرِّ اِذا هُمْ يُشْرِكُونَ».(161)

إذن نستنتج من الآيات القرآنية الشريفة أنّ الإخلاص هو مسئولية وتكليف يدخل في دائرته الجميع من دون استثناء، ولابدّ أن يتضمن كلّ برنامج عبادي هذه الخصلة، ولعلنا لم نكشف سراً إذا قلنا: إنّ معظم الناس لايدعون البارئ سبحانه‏ وتعالى إلاّ في الشدائد والمحن والأخطار فقط.


158) الغافر: 14.

159) بحار الأنوار: 216/71.  

160) يونس: 22.

161) العنكبوت: 65.

 

 

 

 

 

 

    زيارة : 2710
    اليوم : 21791
    الامس : 164708
    مجموع الکل للزائرین : 139330107
    مجموع الکل للزائرین : 95877115