الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
بكاء الإمام الرّضا عليه السلام على محنة الإمام صاحب العصر والزّمان أرواحنا فداه

بكاء الإمام الرّضا عليه السلام

  على محنة الإمام صاحب العصر والزّمان أرواحنا فداه

  واستمرّ دعبل في قصيدته وذكر المظلوميّة التي تعرض لها أهل البيت عليهم السلام إلى أن انتهى به القول إلى ذكر ظهور الإمام المهدي عجّل اللَّه تعالى فرجه الشريف .

  عن الهرويّ ، قال : سمعت دعبل بن عليّ الخزاعي يقول : أنشدت مولاي عليّ بن موسى الرّضا عليه السلام قصيدتي ... فلمّا انتهيت إلى قولي :

 خروج إمام لا محالة خارج                يقوم على اسم اللَّه والبركات

 يميّز فينا كلّ حقّ وباطل                  ويجزي على النّعماء والنقمات

  بكى الإمام الرّضا عليه السلام بكاءاً شديداً (1) ، ثمّ رفع رأسه إليّ فقال لي :

يا خزاعيّ ؛ نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين ، فهل تدري من هذا الإمام ؟ ومتى يقوم ؟

  فقلت : لا ؛ يا مولاي ؛ إلاّ أنّي سمعت بخروج إمام منكم ، يطهّر الأرض من الفساد ويملاُها عدلاً كما ملئت جوراً . فقال عليه السلام :

 يا دعبل ؛ الإمام بعدي محمّد ابني ، وبعد محمّد ابنه عليّ ، وبعد عليّ ابنه الحسن ، وبعد الحسن ابنه الحجّة القائم ، المنتظر في غيبته ، المطاع في ظهوره ، لولم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل اللَّه ذلك اليوم حتّى يخرج فيملاُها عدلاً كما ملئت جوراً .

 وأمّا متى ؟ فإخبار عن الوقت ، ولقد حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن عليّ عليهم السلام : أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قيل له : يا رسول اللَّه ؛ متى يخرج القائم من ذريّتك ؟

 فقال صلى الله عليه وآله وسلم : مثله مثل السّاعة لايجلّيها لوقتها إلاّ هو ثقلت في السّماوات والأرض ، لايأتيكم إلاّ بغتة .(2) . (3)


1) عن دعبل قال : لمّا هربت من الخليفة ، بتّ ليلة في نيسابور وحدي ، وعزمت على أن أنظم قصيدة في عبداللَّه بن طاهر في تلك الليلة ، فإنّي لفي ذلك إذ سمعت والباب مردود عليّ : السّلام عليك ، يرحمك اللَّه .

 فاقشعرّ بدني من ذلك ، ونالني أمر عظيم فقال لي : لاترع ؛ عافاك اللَّه ؛ فإنّي رجل من إخوانك من الجنّ من ساكني اليمن طرأ إلينا طارئ من أهل العراق ، فأنشدنا قصيدتك - مدارس آيات - فأحببت أن أسمعها منك .

 قال : فأنشدته إيّاها ، فبكى حتّى خرّ ، ثمّ قال: رحمك اللَّه ؛ ألا أحدّثك حديثاً يزيد في نيّتك ، ويعينك على التّمسّك بمذهبك؟!

 قلت : بلى .

 قال : مكثت حيناً أسمع بذكر جعفر بن محمّد عليهما السلام ، فصرت إلى المدينة ، فسمعته يقول : حدّثني أبي عن أبيه ، عن جدّه ، أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم قال: عليّ وشيعته هم الفائزون . ثمّ ودّعني لينصرف ، فقلت له : يرحمك اللَّه ؛ إن رأيت أن تخبرني باسمك فافعل . قال : أنا ضبيان عامر . ونقل نظير هذه القصّة عن دعبل في كتاب دارالسلام للعراقي . (كشكول الإمامة : 95/1)

    وهناك قصّة طريفة اُخرى وقعت لدعبل في نظم قصيدته التائيّة ، ننقلها إليكم ، كذلك : عن الشيخ الطريحي في كتابه المنتخب عن بعض الثّقات ، عن أبي محمّد الكوفي أنّ دعبل قال :

    لمّا رجعت من مدينة مرو وزيارة الإمام الرّضا عليه السلام ، دخلت مدينة ري ، فكنت جالساً في إحدى الليالي وحدي مشغولاً في إصلاح قصيدتي التائيّة وبعد انقضاء شطر من الليل فجأة سمعت الباب يطرق ، فسألت من الطارق ؟

    قال : شخص من إخوتك ، فركضت مسرعاً وفتحت الباب ، فدخل رجل اقشعرّ منه بدني ، وانقطعت أنفاسي ، ثمّ جلس في أحد زوايا البيت ، وأخذ ينظر إليّ ، ثمّ قال : لاترع إنّي أخوك من طائفة الجنّ ، وكانت ولادتي يوم ولدت ، فكبرت معك وجئت الآن إليك لأنقل حديثاً يفرحك ، ويزيد من التمسّك بمذهبك ، ولمّا سمعت ذلك هدأ روعي ، ثمّ قال :

    يا دعبل ؛ إعلم لقد كانت عداوتي وبغضي لعليّ بن أبي طالب عليه السلام أكثر من خلق اللَّه أجمعين حتّى خرجت يوماً مع جماعة من أشرار الجنّ . وحينما جنّ الليل وقع طريقنا على جماعة تطلب زيارة الإمام الحسين عليه السلام ، فأردنا إيذائهم ، والإيقاع بهم ، ولمّا نظرنا شاهدنا الملائكة واقفة في طرف السّماء تمنعنا من إيذائهم ، وشاهدنا بعضاً من الملائكة واقفة على الأرض تمنع وقوع أخطار أهوام الأرض .

    وعندما شاهدنا هذه الكرامة تراءى لنا وكأنّنا صحونا من غفلتنا ، ونهضنا من نومنا ، وعلمنا أنّ هذه الكرامة لاتحدث إلاّ من قبل ذلك الشّخص الّذي قصدوا زيارته ، فندمت على قبيح أعمالي ، فتبت في وقتها ، فذهبت معهم لزيارة قبر الإمام الحسين عليه السلام ، ومن ثمّ تشرّفت في نفس السّنة لزيارة بيت اللَّه ، وقبر النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، فشاهدت في مسجد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم رجلاً يجتمع حوله جماعة ، ولما سألت عن اسمه قالوا : إنّه ابن رسول اللَّه جعفر بن محمّد الصّادق عليه السلام . ولمّا سمعت ذلك ذهبت إليه فسلّمت عليه ، فردّ السّلام عليّ .

    ثمّ قال عليه السلام : مرحباً بك يا أخا أهل العراق ؛ فهل تذكر تلك الليلة وأنت في بطن كربلاء ، وشاهدت تلك الكرامة من اللَّه في خصوص أوليائه ؟ واللَّه ؛ إنّ اللَّه قبّل توبتك ، وغفر لك ذنوبك .فقلت له : الحمد للَّه الّذي منّ عليّ بمعرفتكم ، ونوّر قلبي بهدايتكم ، وجعلني من المتمسّكين بولايتكم ، يابن رسول اللَّه ؛ حدّثني بحديث لاُقدّمه لقومي هديّة حين رجوعي وعودتي .

    فقال الإمام‏ عليه السلام: حدّثني أبي ‏عليه السلام، عن أبيه عليّ بن الحسين‏ عليهما السلام ، عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: يا علي ؛ الجنّة محرّمة على الأنبياء حتّى أدخلها ، وعلى الأوصياء حتّى تدخلها ، وعلى الاُمم حتّى تدخل اُمّتي ، وعلى اُمّتي حتّى يقرّوا بولايتك ويدينوا بإمامتك ، يا علىّ ؛ والّذي بعثني بالحقّ نبيّاً ؛ لايدخل الجنّة إلاّ من أخذ منك بنسب أو سبب .

    فيقول دعبل : بعد ذلك قال : يا دعبل ؛ تقبّل ذلك منّي ، فإنّك لاتسمع ذلك من مثله غيري . فقال ذلك ، ثمّ دخل إلى الأرض ، ولم اُشاهده بعد ذلك قطّ . (كشكول الإمامة : 96/1)

2) بحار الأنوار : 154/51 و 237/49 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام : 269/2 ، بهجة النظر : 121 .

3) يروي أخو دعبل عن الإمام الرّضا عليه السلام ، فقال في حديث له : إنّ سيّدي أباالحسن الرضا عليه السلام خلع على أخي دعبل قميص خزّ أخضر وقال‏ عليه السلام له : إحتفظ بهذا القميص ، فقد صلّيت فيه ألف ليلة كلّ ليلة ألف ركعة، وختمت فيه القرآن ألف ختمة .

    ويروي النّجاشي بسنده هذا الحديث ، ولكنّه يختلف عنه أنّه قال: إنّ الإمام الرّضا عليه السلام خلع قميصاً أخضر من خزّ ، وخاتماً فصّه عقيق . (وسائل الشيعة : 73/3)

    وكان أهل مدينة قم قد غصبوا الخلعة الّتي أهديها الإمام الرّضا عليه السلام إليه ، وأعطوه ثلاثين ألف درهم ، وردّوا إليه كمّاً منها . (دعبل شاعر الإمام الرّضا عليه السلام : 58)

    ويقول العلاّمة المجلسي رحمه الله في كتابه شرح تائيّة دعبل الخزاعي : كان لدعبل جارية وكان شغوفاً بها ، فأصاب عينيها رمدٌ عظيم فكشف عليها الأطبّاء والكحّالون أخبروه بتلف عينها اليمنى ولكن يمكن معالجة عينها الاُخرى وهناك أمل لشفائها ، فأصابه من ذلك همّ عظيم وجزع شديد ، فحظّه بباله اللجوء إلى القطعة الّتي كانت معه من خلعة الإمام الرضا عليه السلام ، فجعل يمسح بها على عينها ، ووضعها كعصابة على رأسها ، ولمّا أصبح الصباح رجع لها بصرها الأوّل ، وأصبح أقوى من قبل ببركة تلك الخلعة . (دعبل شاعر الإمام الرضا عليه السلام : 53)

 

 

 

    زيارة : 3328
    اليوم : 0
    الامس : 64530
    مجموع الکل للزائرین : 129869546
    مجموع الکل للزائرین : 90114707