(265)
دعاء الإمام الهادي عليه السلام في القنوت
برواية مولانا حسين بن روح قدس سره
يا منْ تَفَرَّدَ بِالرُّبُوبِيَّةِ ، وَتَوَحَّدَ بِالْوَحْدانِيَّةِ ، يا مَنْ أَضاءَ بِاسْمِهِ النَّهارُ ، وَأَشْرَقَتْ بِهِ الْأَنْوارُ ، وَأَظْلَمَ بِأَمْرِهِ حِنْدِسُ(213) اللَّيْلِ ، وَهَطَلَ بِغَيْثِهِ وابِلُ السَّيْلِ ، يا مَنْ دَعاهُ الْمُضْطَرُّونَ فَأَجابَهُمْ ، وَلَجَأَ إِلَيْهِ الْخائِفُونَ فَآمَنَهُمْ ، وَعَبَدَهُ الطَّائِعُونَ فَشَكَرَهُمْ ، وَحَمَدَهُ الشَّاكِرُونَ فَأَثابَهُمْ ، ما أَجَلَّ شَأْنَكَ ، وَأَعْلا سُلْطانَكَ ، وَأَنْفَذَ أَحْكامَكَ ، أَنْتَ الْخالِقُ بِغَيْرِ تَكَلُّفٍ ، وَالْقاضي بِغَيْرِ تَحَيُّفٍ ، حُجَّتُكَ الْبالِغَةُ ، وَكَلِمَتُكَ الدامِغَةُ.
بِكَ اعْتَصَمْتُ وَتَعَوَّذْتُ مِنْ نَفَثاتِ الْعَنَدَةِ ، وَرَصَداتِ الْمُلْحِدَةِ ، اَلَّذينَ أَلْحَدُوا في أَسْمائِكَ ، وَرَصَدُوا بِالْمَكارِهِ لِأَوْلِيائِكَ ، وَأَعانُوا عَلى قَتْلِ أَنْبِيائِكَ وَأَصْفِيائِكَ ، وَقَصَدُوا لِإِطْفاءِ نُورِكَ بِإِذاعَةِ سِرِّكَ ، وَكَذَّبُوا رُسُلَكَ ، وَصَدُّوا عَنْ آياتِكَ ، وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِكَ وَدُونَ رَسُولِكَ وَدُونَ الْمُؤْمِنينَ وَليجَةً رَغْبَةً عَنْكَ ، وَعَبَدُوا طَواغيتَهُمْ وَجَوابِيْتَهُمْ بَدَلاً مِنْكَ.
فَمَنَنْتَ عَلى أَوْلِيائِكَ بِعَظيمِ نَعْمائِكَ ، وَجُدْتَ عَلَيْهِمْ بِكَريمِ آلائِكَ ، وَأَتْمَمْتَ لَهُمْ ما أَوْلَيْتَهُمْ بِحُسْنِ جَزائِكَ ، حِفْظاً لَهُمْ مِنْ مُعانَدَةِ الرُّسُلِ وَضَلالِ السُّبُلِ ، وَصَدَقَتْ لَهُمْ بِالْعُهُودِ أَلْسِنَةُ الْإِجابَةِ ، وَخَشَعَتْ لَكَ بِالْعُقُودِ قُلُوبُ الْإِنابَةِ.
أَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ الَّذي خَشَعَتْ لَهُ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ ، وَأحْيَيْتَ بِهِ مَواتَ الْأَشْياءِ ، وَأَمَتَّ بِهِ جَميعَ الْأَحْياءِ ، وَجَمَعْتَ بِهِ كُلَّ مُتَفَرِّقٍ ، وَفَرَّقْتَ بِهِ كُلَّ مُجْتَمَعٍ ، وَأَتْمَمْتَ بِهِ الْكَلِماتِ ، وَأَرَيْتَ بِهِ كُبْرَى الْآياتِ ، وَتُبْتَ بِهِ عَلَى التَّوَّابينَ ، وَأَخْسَرْتَ بِهِ عَمَلَ الْمُفْسِدينَ ، فَجَعَلْتَ عَمَلَهُمْ هَباءً مَنْثُوراً ، وَتَبَّرْتَهُمْ تَتْبيراً ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَجْعَلَ شيعَتي مِنَ الَّذينَ حُمِّلُوا فَصَدَّقُوا ، وَاسْتُنْطِقُوا فَنَطَقُوا آمِنينَ مَأْمُونينَ.
أَللَّهُمَّ إِنّي أَسْأَلُكَ لَهُمْ تَوْفيقَ أَهْلِ الْهُدى ، وَأَعْمالَ أَهْلِ الْيَقينِ ، وَمُناصَحَةَ أَهْلِ التَّوْبَةِ ، وَعَزْمَ أَهْلِ الصَّبْرِ ، وَتَقِيَّةَ أَهْلِ الْوَرَعِ ، وَكِتْمانَ الصِّدّيقينَ ، حَتَّى يَخافُوكَ اللَّهُمَّ مَخافَةً تَحْجُزُهُمْ عَنْ مَعاصيكَ ، وَحَتَّى يَعْمَلُوا بِطاعَتِكَ لِيَنالُوا كَرامَتَكَ ، وَحَتَّى يُناصِحُوا لَكَ وَفيكَ خَوْفاً مِنْكَ ، وَحتَّى يُخْلِصُوا لَكَ النَّصيحَةَ فِي التَّوْبَةِ حُبّاً لَكَ فَتُوجِبَ لَهُمْ مَحَبَّتَكَ الَّتي أَوْجَبْتَها لِلتَّوَّابينَ ، وَحَتَّى يَتَوَكَّلُوا عَلَيْكَ في اُمُورِهِمْ كُلِّها حُسْنَ ظَنٍّ بِكَ ، وَحتَّى يُفَوِّضُوا إِلَيْكَ اُمُورَهُمْ ثِقَةً بِكَ.
أَللَّهُمَّ لاتُنالُ طاعَتُكَ إِلّا بِتَوْفيقِكَ ، وَلاتُنالُ دَرَجَةٌ مِنْ دَرَجاتِ الْخَيْرِ إِلّا بِكَ . أَللَّهُمَّ يا مالِكَ يَوْمِ الدّينِ ، اَلْعالِمَ بِخَفايا صُدُورِ الْعالَمينَ ، طَهِّرِ الْأَرْضَ مِنْ نَجَسِ أَهْلِ الشِّرْكِ ، وَاخْرِصِ الْخَرَّاصينَ عَنْ تَقَوُّلِهِمْ عَلى رَسُولِكَ الْإِفْكَ.
أَللَّهُمَّ اقْصِمِ الْجَبَّارينَ ، وَأَبِرِ الْمُفْتَرينَ ، وَأَبِدِ الْأَفَّاكينَ ، اَلَّذينَ إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمانِ قالُوا أَساطيرُ الْأَوَّلينَ ، وَأَنْجِزْ لي وَعْدَكَ إِنَّكَ لاتُخْلِفُ الْميعادَ ، وَعَجِّلْ فَرَجَ كُلِّ طالِبٍ مُرْتادٍ ، إِنَّكَ لَبِالْمِرْصادِ لِلْعِبادِ.
أَعُوذُ بِكَ مِنْ كُلِّ لَبْسٍ مَلْبُوسٍ ، وَمِنْ كُلِّ قَلْبٍ عَنْ مَعْرِفَتِكَ مَحْبُوسٍ ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسٍ تَكْفِرُ إِذا أَصابَها بُؤْسٌ ، وَمِنْ واصِفِ عَدْلٍ عَمَلُهُ عَنِ الْعَدْلِ مَعْكُوسٌ ، وَمِنْ طالِبٍ لِلْحَقِّ وَهُوَ عَنْ صِفاتِ الْحَقِّ مَنْكُوسٌ ، وَمِنْ مُكْتَسِبِ إِثْمٍ بِإِثْمِهِ مَرْكُوسٌ ، وَمِنْ وَجْهٍ عِنْدَ تَتابُعِ النِّعَمِ عَلَيْهِ عَبُوسٌ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ ، وَمِنْ نَظيرِهِ وَأَشْكالِهِ وَأَشْباهِهِ وَأَمْثالِهِ ، إِنَّكَ عَلِيٌّ عَليمٌ حَكيمٌ.(214)
213) الحندس - بالكسر - : الظلمة .
214) مهج الدعوات : 82 ، البلد الأمين : 658 ، البحار : 227/85 .
اليوم : 183096
الامس : 297409
مجموع الکل للزائرین : 121496742
|