عصر الظّهور ، عصر الإطمئنان والأمان
في هذا الإطار نقول : إنّ الخصائص والمزايا الّتي ينفرد بها عصر الظّهور المتألّق هي أكثر بكثير مقارنة مع عصر الغيبة ، وقد تطرّقنا إلى بعضها في هذا الكتاب ، وواحدة من تلك الخصائص الّتي لها إرتباط في بحثنا هذا هي خصوصيّة الأمان في ذلك العصر .
فهو عصر النّجاة والخلاص من الشّكوك وحالات الإضطراب والكآبة وموت القلوب من الأفكار السّوداء والهدامة ، وفيه أيضاً تهلك الشّياطين ، الأمر الّذي يسبّب إلى تحوّل جذري في النّفس ، وتكامل العقول ، وحينئذ يجري ذكر اللَّه عزّ وجلّ والإمام صاحب العصر والزّمان عجّل اللَّه تعالى فرجه على كلّ الألسن والأفواه ، وهذا القضيّة بنفسها تبعث إلى إيجاد حالة من الأمان والطمئنينة .
وهذه حقيقة واضحة صرّح بها اللَّه سبحانه وتعالى في محكم كتابه ، إذ قال :
أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنّ الْقُلُوب .(24)
فذكر اللَّه عزّ وجلّ يولد لدي الإنسان حالة من اليقين ويزيده ، ونتيجة هذا اليقين يحصل الأمان والإطمئنان لديه . ومعناه أنّ القلب قد وصل إلى الإطمئنان الكامل فلايبقى فيه مكان للشكّ والتّردّد والإضطراب ، وبهذه الصّورة يسيطر الإنسان على نفسه ويهذّبها ويصونها من أخطار ووسوسة الشّيطان .
من المؤكّد فإنّ وسوسة الشّيطان ستؤثر حينما تتمكّن من الضّغط على الإنسان وإجباره على عمل ما ، بينما الإنسان الّذي يعيش في كنف الإطمئنان ، فمن المستحيل أن تجد لها موطئ قدم والتّأثير عليه من قريب أو من بعيد .
ومن هذا المنطلق ، فإنّ الإنسان الّذي إطمأنّ قلبه ، سينتصر على النّفس والشّيطان مادام محافظاً على هذه الحالة ، ويستطيع الإحساس بالحضور عند اللَّه سبحانه وتعالى ، وهذا الحضور يمنحه الإطمئنان والأمان ويردعه عن المعاصي والآثام .
وإليكم الآن هذه الرّواية :
سُئل الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام أيّ الطّرق يمكن الإستعانة بها من أجل الغضّ من الأبصار ؟ فأجاب الإمام عليه السلام : بالخمود تحت السلطان المطّلع على سرّك.(25)
فإذا علم الإنسان أنّ اللَّه سبحانه وتعالى وخليفته في الأرض الإمام عليه السلام مطّلعين على ظاهره وباطنه ، فعندها سيغضّ من بصره من حيث يشعر أو لايشعر والإبتعاد عن كلّ تعلّقاته . فلهذا فإنّ بعضاً من أولياء اللَّه المقرّبين يراعون حالة الظّهور هذه ، وذلك من أجل قطع القلب عن الأغيار والدّخول إلى مقام القرب المعنوي ، ومن هنا يرون أنفسهم في ساحة ومحضر الإمام صاحب العصر والزّمان عجّل اللَّه تعالى فرجه .
فكلّما زادت حالة الحضور فإنّه يرى نفسه حاضراً عند اللَّه عزّ وجلّ والإمام عجّل اللَّه تعالى فرجه ، ويكون أقدر على ترك كلّ عمل من شأنه غضب وسخط المولى عزّ وجلّ والإمام عجّل اللَّه تعالى فرجه . بالإضافة فإنّ نفس حالة الحضور توجد رويداً رويداً وبدون شعور مسبق حالات قيّمة أخرى بدون حدوث أيّ ضغط أو إجبار ، باعتبار أنّها عامل قويّ ومؤثّر إلى سوق الإنسان إلى عمل الخير والصّلاح .
24) سورة الرّعد ، الآية 28 .
25) مصباح الشّريعة : 9 .
بازديد امروز : 0
بازديد ديروز : 232084
بازديد کل : 122421563
|