اليقين وتأثيره في إجابة الدعاء
نذكر أمران لهما تأثير مهمّ في إجابة الدعاء :
1 - رفع الموانع والحجب عن القلب وتطهيره من الظلمات الباطنيّة .
2 - ايجاد المقتضي ، وتحصيل صفاء الباطن وتنوير القلب .
يحتاج الإنسان لإجابة دعائه إلى هذين الأمرين ويلزم عليه إتيانهما حتّى لايشتدّ عليه الأمر ولايضطرّ .
فعليه : 1 - أن يزيح الغشاوة عن قلبه ، 2 - ويستبدلها بالأنوار الإلهيّة ، واليقين يحقّق هذا الأمرين ، لأنّه يزيل الشكّ والظلمة من جهة ، ويوجد الصفاء والنورانيّة في القلب من جهة اُخرى .
وكلّ من وصل إلى مرتبة اليقين في المعارف والإعتقادات العالية الصحيحة باطنه نورانيّ ، لأنّ وجود اليقين في القلب ملازم لوجود النور ، ولايوجد نور كنور اليقين .
قال مولانا الباقر عليه السلام : لا نور كنور اليقين .(93)
وبديهيّ أنّ اليقين إذا وقع في «الفؤاد» وصار القلب نورانيّاً فلايبقى محلّ للظلمة ؛ لأنّ النور والظلمة لايجتمعان في موضع واحد .
فمع تحصيل اليقين تنقشع الظلمة عن القلب الّتي هي المانعة من إجابة الدعاء وتتحقّق فيه النورانيّة المقتضية لإجابته .
ونذكر لمزيد الإطّلاع في مجال تأثير اليقين في إجابة الدعاء قضيّة مهمّة ذكرناها في المجلّد الأوّل من كتاب «أسرار النجاح» وهي :
نقل المرحوم آية اللَّه العظمى الخوئي في تأثير قراءة «بسم اللَّه الرحمن الرحيم» - إذا صدرت عن جزم ويقين - قضيّة عن الشيخ أحمد خادم استاد الفقهاء الميرزا الشيرازي الكبير أنّه قال : كان للسيّد خادم آخر يسمّى بالشيخ محمّد ، اعتزل الناس بعد رحيل الميرزا الشيرازي .
وجاء رجل في يوم من الأيّام إلى الشيخ محمّد وعند غروب الشمس رأى الشيخ محمّد قد ملأ مصباحه بالماء وأضاءه ! فتعجّب الرجل جدّاً وسأل الشيخ محمّد عن علّته !
أجابه الشيخ محمّد : منذ أن مات السيّد الشيرازي اعتزلت عن الناس لكثرة الهموم الواردة عليّ ولزمت البيت وقد استولى على قلبي حزن شديد ، وفي آخر ساعة من أحد الأيّام ورد عليّ شابّ عليه زيّ طلّاب العرب وآنس بي ومكث عندي إلى غروب الشمس ومن لذّة بياناته وكلماته زال عنّي الحزن تماماً ، وتكرّر مجيئه إليّ حتّى آنست به .
وفي أحد الأيّام حين كان يتحدّث معي تذكرت أنّ مصباحي لا زيت فيه ، لأنّ الدكاكين كانت تُغلق عند غروب الشمس . ولهذا فكرت بأنّني لو خرجت لشراء الزيت فأحرم من بياناته ، وفي صورة عدم شراء الزيت سأبقى في الظلمة حتّى الصباح .
فلمّا وجدني متحيّراً إلتفت إليّ وقال : ما لك لاتصغي إليّ ؟
قلت : أنا ملتفت لما تقول .
قال : كلّا ، إنّك غير منتبه كاملاً لما أقول .
فقلت : الواقع أنّ مصباحي في هذه الليلة لا زيت فيه .
فقال : عجيب !! إنّني ذكرت لك أحاديثاً كثيرة في فضيلة «بسم اللَّه الرحمن الرحيم» وفوائدها ، فلم تستفد منها حتّى تستغني عن شراء الزيت ؟!
قلت : لا أتذكّر أنّك حدّثتني حديثاً في هذا الصدد ؟!
فقال : هل نسيت ما قلت لك إنّ من خواصّ «بسم اللَّه الرحمن الرحيم» وفوائدها أنّك إذا قرأتها قاصداً لشيء يحصل لك ما قصدته ، املأ مصباحك بالماء وقل قاصداً أنّ الماء له فائدة الزيت : «بسم اللَّه الرحمن الرحيم» .
فقبلت ذلك وقمت وملأت مصباحي بالماء وقلت بالنيّة المذكورة : «بسم اللَّه الرحمن الرحيم» فلمّا أسرجته أنار .
منذ ذلك اليوم أنا أملأ مصباحي بالماء وأقول بالنيّة المذكورة : «بسم اللَّه الرحمن الرحيم» فيضيء مصباحي .
قال آية اللَّه العظمى الخوئي بعد نقل القضيّة : العجيب أنّ ما يعمله الشيخ محمّد من إنارة مصباحه بالماء لم يفقد أثره مع انتشار خبره بين الناس .
وكما ترى أنّ قراءة «بسم اللَّه الرحمن الرحيم» مرّة واحدة عن يقين لها أثر خارق العادة .
وكذا الأوحديّ من الناس الّذي هو عالم بالإسم الأعظم ، يستفاد من الأسماء الشايعة ذكرها في ألسنة الناس ، ولكنّه يمتاز عن غيره بيقينه ، لأنّ ليقينه في ما يتلفّظه تأثيراً تامّاً .
93) البحار : 165/78 .
اليوم : 62064
الامس : 242836
مجموع الکل للزائرین : 124825427
|