الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
العمل والسعي المتزامن مع التدبير والتنظيم

 العمل والسعي

المتزامن مع التدبير والتنظيم

من الخصال التي يتمتّع بها الشخص المؤمن والعاقل هي السعي والعمل‏ المتواصل طوال حياته، ومن الطبيعي بمكان أن تجد مثل هذا الشخص‏ لايتراجع قيد أنملة عن طريقه الذي شقه بجهوده وسعيه المضني، فتراه ينطلق‏ من قاعدة الثقة المطلقة باللَّه، والثقة المطلقة بقدراته الإيمانية، فتكون هذه ‏المسألة هي حجر الأساس في عملية الوصول إلى أهدافه ومقاصده.

ينقل عن مولانا الإمام أميرالمؤمنين علي‏ عليه السلام حديثاً يوضح فيه هذه الحقيقة فيقول فيه:

اَلْمُؤْمِنُ قَليلُ الزَّلَلِ كَثيرُ الْعَمَلِ.(120)

إنّ الإنسان المؤمن والعامل لايرتكب الأخطاء إلاّ نادراً، ولن يتعثر في‏خطاه، فهو ثابت القدم، فينطلق من عمق المسئوليّة، فتراه يمتلك النظرة الجادّة العميقة للاُمور، وهذا دليل على الحقيقة القائلة بأنّه صاحب كيساسة وفطانة وقدرة وتدبير.

قال مولانا أميرالمؤمنين علي ‏عليه السلام:

اَلتَّدْبيرُ قَبْلَ الْفِعْلِ يُؤْمِنُ الْعِثارَ.(121)

ويقول‏ عليه السلام في حديث آخر يحذّر الإنسانيّة من مغبة العمل والإقدام من دون‏ تدبير ودراسة للاُمور: ِ

إيَّاكَ وَأَنْ تَعْمَلْ عَمَلاً بِغَيْرِ تَدْبيرٍ وَعلْم.(122)

وأمّا في خصوص الأعمال والنشاطات الإجتماعيّة فيقول صلوات اللَّه عليه:

اِجْعَلْ لِكُلِّ اِنْسانٍ مِنْ خَدَمِكَ عَمَلاً تَأْخُذُهُ بِهِ، فَإِنَّهُ اَحْرى اَلّا يَتَواكَلُوا في خِدْمَتِك.(123)

وبالطبع فإنّ في هذا الحديث إشارات متعدّدة تدّل على وجوب تعيّن وظيفة لكلّ شخص، ومسئوليّة يأخذها على عاتقه في الأعمال الجماعية والطلب‏ لانجازها حتّى لايكون هناك تهاون واتكال، وبالتالي الإسترخاء والتخبّطوا فتقادها إلى مقوّمات التقدم والإنجاز.

ولكنّ الإنسان في ذات الوقت عليه الإلتفات إلى نقطة، وهي أنّه في حالة حصول النجاح ونيل التوفيق في تلك الأعمال عليه أن لايصاب بداء العجب ‏والغرور، ويرى أنّها من نتاج قدرته، والتي جاءت من إرادته وتصميمه القاطع؛ لأنّ الإنسان يكون عاجزاً وضعيفاً ما لم ينلِ التوفيق الإلهي، وإنّ اللَّه سبحانه وتعالى ‏هو من أوجد لديه تلك الإرادة.

عن مولانا صادق أهل البيت عليه السلام قال:

فَاجْتَهِدُوا في طاعةِ اللَّهِ اِنْ سَرَّكُمْ اَنْ تَكُونُوا مُؤْمِنينَ حَقَّاً حَقّاً وَلاقُوَّةَ إِلّا بِاللَّه.(124)

إنّ الإنسان وعلى سبيل الفرض أنّه قد نال توفيقاً عظيماً وقام بأصعب ‏الأعمال وأعقدها، وعبد اللَّه صباحاً ومساءً، فعليه في كلّ الأحيان أن لايصاب ‏بالغرور، ويعتقد في قرارة نفسه أنّها نتيجة القوّة والقدرة التي يمتلكها، وهنا لابدّ من درك حقيقة مفادها: أنّ القوة هي للَّه الواحد القهّار، وهذا ما أشار إليه ‏الإمام ‏عليه السلام حين قال: «لا قوّة إلاّ باللَّه» إذن هو لطف من اللَّه شمل حال ذلك‏ الإنسان المؤمن الحقيقي وأولياء اللَّه المخلصين وجعلهم يقومون بتلك‏ الأعمال والأفعال بسهولة مطلقة على الرغم ممّا تحمل من مشقّة وليس‏ قدراتهم وقواهم الشخصية.

قال اللَّه عزّ وجلّ في محكم كتابه العزيز:

ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِك.(125)

لأنّه وكما أنّ منشأ ومصدر جميع الحسنات والخيرات هو اللَّه تعالى، فإنّ ‏الدافع من وراء كلّ السيئات هي النفس الآدمية، فإنّها ونتيجة حديث النفس أو الوساوس الشيطانيّة تجرّ الإنسان إلى التية والضياع والضلالة.


120) شرح غرر الحكم: 383/1.

121) شرح غرر الحكم: 384/1.

122) شرح غرر الحكم: 220/2.

123) بحار الأنوار: 143/74، نقلاً عن نهج البلاغة الرسالة رقم 31.

124) بحار الأنوار: 200/78.

125) النساء: 79.

 

 

 

 

 

 

    زيارة : 2801
    اليوم : 69752
    الامس : 164268
    مجموع الکل للزائرین : 144742297
    مجموع الکل للزائرین : 99727361