السعي والتوسّل

للعثور على الكتابين الخطيين

يقول العالم الرباني المرحوم السيد أسد اللَّه الإصفهاني: تشرفت يوماً مع‏ المرحوم المحدّث النوري بزيارة كربلاء المقدسة، وفي أثناء الطريق ذكر المحدّث كتابين وقال عنهما: لديّ الرغبة والعلاقة الشديدة لاقتنائهما، وقدبحثت عنهما كثيراً من دون جدوى، ولكن في سفري هذا سوف اُواصل البحث‏ وأطلب من مولاي الإمام سيّدالشهداء عليه السلام مساعدتي في إيجادهما.

وقد كرّر كلامه هذا لمرّات عديدة حتّى دخلنا إلى مدينة كربلاء المقدّسة وتشرّفنا بزيارة ضريح مولانا الإمام الحسين صلوات اللَّه عليه وبعد الإنتهاء من ‏الزيارة والخروج من الحرم الطاهر شاهدنا إمرأة بالقرب من مكان الأحذية وبيدها كتابان، فسأل منها المحدّث النوري ‏رحمه الله ما هذان الكتابان؟ فقالت المرأة: إنّهما للبيع، فلمّا تصفّحناهما وجدناهما هما الكتابان اللذان سعى المحدث‏ النوري‏ رحمه الله للحصول عليهما، فسأل منها المحدّث بكم تبيعهما؟ فقالت المرأة: بإثنين وعشرين قران، فالتفت لي وقال: أعطها كلّ ما نملك، فكان كلّ ما نملك‏ أنا وهو ستّة قرانان، فأعطيناها إليها.

فقلت في نفسي: إنّنا دخلنا إلى هذه المدينة ولما نأكل شيئاً وقد أنفقنا كلّ ‏المال الذي عندنا من أجل شراء الكتابين، فمن أين نأتي ببقيّة المال لكي نعطيه ‏إلى تلك المرأة؟

ثمّ التفت المحدّث إلى المرأة وقال لها: تعالي معنا إلى السوق لنكمل لك‏ بقيّة المال، وهناك باع المحدّث عمامته وعباءته وقباءه ولكن لم يكتمل المال، فبادر إلى بيع حذائه فاكتمل بقيّة المبلغ وأعطاه إلى المرأة.

ولم يبق على جسده سوى العراقجين والقميص وسروال! فقلت له: مولانا ماذا عملت بنفسك؟ فقال: لاتبالي فالأمر سهل، إنّني الآن درويش! فدخلنا بهذا الوضع إلى الحرم الشريف فشاهدنا بعض الأصدقاء فجاءوا بملابس‏ فلبسها المحدث.

إنّ المرحوم المحدث النوري هو واحد من كبار علماء الشيعة، ويتمتّع ‏بجلالة كبيرة ومنزلة رفيعة، إلاّ أنّه ولأجل الحصول على هذين الكتابين تضرّع ‏كثيراً وسعى طويلاً ومشى في الأزقة والأسواق من دون عباءة وعمامة وقبا، ولم ير في ذلك منافاة مع جلالة قدره ومنزلته العلمية.(119)

---

119) راجع إلى كتاب معجزات وكرامات الأئمّة الأطهار عليهم السلام: 72.