الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
2 - النصب والفتور

2 - النصب والفتور

إنّ المانع والعقبة الثانية التي تقف في طريق القيام بالعمل هو التعب ‏والكسل، حيث يجب على الإنسان عدم المزايدة في فعل الخير وتركه، لأجل‏ حالة الكسل التي تصيبه؛ باعتبار أنّ الكسل قد تكون عارضة مؤقتة وكاذبة، وفي تلك الحالة عليه التخلص منها بطريقة ذكيّة وبنظر ثاقب، وليس ترك ‏العمل ووضع يده على خدّه، وأمّا في حالة إصابته في هذه الحالة فإنّه يستطيع ‏من خلال الإصرار والمقاومة وإيجاد التنوع في الأعمال الخلاص منها.

يقول مولانا أميرالمؤمنين علي ‏عليه السلام في وصيّته لابنه الإمام الحسين‏ عليه السلام:

بُنَيَّ اُوصيكَ ... بِالْعَمَلِ فِي النّشاطِ وَالْكَسِلِ.(118)

ويمكن الإستفادة من هذه الوصيّة بأنّ الإنسان يجب عليه المحافظة على‏ مسار العمل وديمومته إذا أصابته حالة التعب والنصب، إذ إنّ الجلوس عاطلاً يؤدي إلى أن يفقد ذلك العمل مقوّماته الحيوية والفاعلية بالإضافة إلى شعوره‏ بخيبة الأمل وفقدان الشعور بلذّة الحياة، وأمّا إذا حدثت له تلك الحالة فما عليه ‏سوى إختيار عمل آخر، فإنّ ذلك يعيد له نشاطه وحيويته؛ لأنّ التغيّر والتنوّع ‏في العمل والخروج من حالة الرتابة يمنح الفرد النشاط والحيوية وتنجيه من‏ الملل وتمنحه التوفيق في إنجاز عمل آخر.

وعلى ضوء هذه الحقيقة فإنّ الإنسان يمكنه وبدل رفع يديه عن العمل‏ بدليل التعب أن يستمر بفعاليّته ونشاطه من خلال التنوّع والتحوّل والتغيّر في‏ العمل، فهو بهذه الطريقة والأسلوب يتخلّص من حالة النصب والعياء التي‏ تلازمه.

إذن فإنّ أحد النتائج التي يمكن استخلاصها من الوصية التي أوصى بها أميرالمؤمنين ‏عليه السلام لابنه الإمام الحسين‏ عليه السلام هي عدم جعل التعب والنصب والكسل حجة وذريعة في ترك العمل والفعالية.

دع الخمول والنوم والركود

وانهض لتعمل وقم ببذل مجهود

واجعل الإرادة لك حافزاً ووقود

واعمل بجدّ تفتح لك كلّ السدود

تشجع كافح وكن مع الناس ودود

تلين لك الأشواك وتصبح ورود

أظهر مهارتك وتحدى كلّ السدود

وكن رمزاً بارزاً مثالاً للصمود

لاتيأس ولاتبالي بالردود

وواجه أجواء البروق والرعود

أتقن أعمالك واختمها بالمردود

يبقى عليها الناس للأبد شهود

أكتب إسمك بأعرض البنود

يكتب في التاريخ مع مر العقود

كن كريماً طيّباً وتميّز بالجود

وكن صادقاً أميناً وفيّاً للوعود

ضع بصمتك واثبت للوجود

بأنّ الإبداع ليس له حدود

وأمّا النتيجة الاُخرى التي يمكن الإستفادة منها من هذه الوصيّة القيّمة هي أنّ‏ التعب المفرط والملل والروتين ومن أيّ الأنواع كانت سواء من جهة صعوبة العمل والمشروع أو من جهة عدم استقبال الناس أو سائر الأمور الاُخرى، فلن ‏يكون ذلك أيضاً سبباً مقنعاً في تركه؛ لأنّ العمل والمشروع الذي اختاره، وأراد السير فيه إذا كان صحيحاً من وجهة نظر الدين وأمضى عليه الشارع المقدّس ‏فيجب عدم تركه لإرضاء الناس، إذ إنّ إرضائهم غاية لاتدرك، وبالتالي فقد الأمل بل إنّ الوظيفة تحتم عليه الإستمرار فيه مادامت القناعة موجودة والتشخيص صحيحاً ولكن بشكل ونمطية اُخرى.

اُنظر إلى القصّة التي سوف نسردها إليك عزيزي القارئ، وكيف أنّ ‏المرحوم المحدّث النوري ترك كلام الناس جانباً واستمرّ بجديّة ومثابرة منقطعة النظير، وذلك من أجل العثور على كتابين خطيين.


118) تحف العقول: 88، بحار الأنوار: 238/77.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    زيارة : 2974
    اليوم : 75126
    الامس : 164268
    مجموع الکل للزائرین : 144753044
    مجموع الکل للزائرین : 99732735