الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
الفصل الأوّل : في زيارات أيّام الأسبوع

 

الفصل الأوّل

في زيارات أيّام الأسبوع

  

فضيلة زيارة أبي عبدالله ‏عليه السلام في ليلة الجمعة

روى الشيخ محمّد بن جعفر المشهدي في مزاره الكبير عن الأعمش قال: كنت ‏نازلاً بالكوفه و كان لي جار كثيراً ما كنت أقعد إليه وكان ليله الجمعة فقلت له: ما تقول في زيارة الحسين‏ عليه السلام؟ فقال لي: بدعة وكلّ بدعة ضلالة، وكلّ ضلالة في ‏النار ... فقمت من بين يديه وأنا ممتلئ غضباً، وقلت: إذا كان السحر أتيته وحدّثته ‏من فضائل أميرالمؤمنين ما يسخن الله به عينيه.

قال: فأتيته وقرعت عليه الباب فاذا أنا بصوت من وراء الباب: انّه قد قصد الزيارة في أوّل اللّيل، فخرجت مسرعاً فأتيت الحير فاذا أنا بالشيخ ساجد لا يملّ من‏ السجود والركوع، فقلت له: بالأمس تقول لي: بدعة، وكلّ بدعة ضلالة، وكلّ‏ ضلالة في النّار، واليوم تزوره؟! فقال لي: يا سليمان لا تلمني، فإنّي ما كنت أثبت ‏لأهل هذا البيت إمامة حتّى كانت ليلتي هذه، فرأيت رؤيا أرعبتني.

فقلت: ما رأيت أيّها الشيخ؟ قال: رأيت رجالاً بالطويل الشّاهق ولا بالقصيراللاّصق، لا اُحسن أصفه من حسنه وبهائه، معه أقوام يحفّون به حفيفاً ويزفّونه ‏زفّاً، بين يديه فارس على فرس له ذنوب، على رأسه تاج، للتاج أربعه أركان، في‏كلّ ركن جوهرة تضي‏ء مسيرة ثلاثة أيّام.

فقلت: من هذا؟ فقالوا: محمّد بن عبدالله بن عبدالمطلب ‏عليه السلام، فقلت: والآخر؟ فقالوا: وصيّة علي بن أبي طالب ‏عليه السلام ثمّ مددت عيني فإذا أنا بناقة من نور عليها هودج من نور تطير بين السماء والأرض.

فقلت: لمن الناقة؟ قالوا: لخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمّد. قلت: والغلام؟ قالوا: الحسن بن علي. قلت: فأين يريدون؟ قالوا: يمضون بأجمعهم ‏إلى زياره المقتول ظلماً الشهيد بكربلاء الحسين بن علي، ثمّ قصدت الهودج وإذا أنا برقاع تَساقط من السماء أماناً من الله جلّ ذكره لزوّار الحسين بن علي ليلة الجمعة، ثمّ هتف بنا هاتف ألا إنّا وشيعتنا في الدّرجة العليا من الجنّة، والله يا سليمان لا أفارق هذا المكان حتّى تفارق روحي جسدي.(1)

ونقل الشيخ الطريحي آخر الخبر هكذا:

«وإذا أنا برقاع مكتوبة تُساقط من السماء، فسألت: ما هذه الرقاع؟ فقال: فيها أمان‏ من النار لزوّار الحسين‏ عليه السلام في ليلة الجمعة. فطلبت منه رقعة، فقال لي: انّك تقول‏ زيارته بدعة، فانّك لاتنالها حتى تزور الحسين وتعتقد فضله و شرفه، فانتبهت ‏من نومي فزعاً مرعوباً، وقصدت من وقتي وساعتي إلى زيارة سيدي ‏الحسين‏ عليه السلام».(2)

 

رؤيا فيها بشارة لمن زار أبا عبد الله ‏عليه السلام في ليلة الجمعة

الشيخ فخر الدين الطريحي في المنتخب عن سليمان الأعمش، أنّه قال: كنت ‏نازلا بالكوفة وكان لي جار وكنت آتي إليه وأجلس عنده، فأتيت ليلة الجمعة إليه ‏فقلت له: يا هذا ما تقول في زيارة الحسين ‏عليه السلام فقال لي: هي بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ذي ضلالة في النار، قال سليمان: فقمت من عنده، وأنا ممتلى‏ء عليه‏ غيظا، فقلت في نفسي إذا كان وقت السحر آتيه وأحدثه شيئا من فضائل‏ الحسين ‏عليه السلام، فإن أصرّ على العناد قتلته، قال سليمان: فلمّا  كان وقت السحر أتيته، وقرعت عليه الباب ودعوته بإسمه، فإذا بزوجته تقول لي: أنه قصد إلى زيارة الحسين‏ عليه السلام من أول الليل، قال سليمان: فسرت في أثره إلى زيارة الحسين ‏عليه السلام ‏فلمّا دخلت إلى القبر فإذا أنا بالشيخ ساجد لله (عزّوجلّ) وهو يدعو ويبكي في ‏سجوده ويسأله التوبة والمغفرة ثمّ رفع رأسه بعد زمان طويل فرآني قريبا منه، فقلت له: يا شيخ بالأمس کنت تقول زيارة الحسين ‏عليه السلام بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ذي ضلالة في النّار، واليوم أتيت تزوره؟ فقال: يا سليمان لا تلمني فإني ما كنت أثبت لأهل البيت ‏عليهم السلام إمامة حتّى كانت ليلتي تلك فرأيت رؤيا هالتني وروعتني، فقلت له: ما رأيت أيها الشيخ؟ قال: رأيت رجلا جليل القدر لا بالطويل ‏الشاهق ولا بالقصير الملاصق، لا أقدر أصفه من عظم جلاله وجماله وبهائه ‏وكماله، وهو مع أقوام يقفون به حفيفا ويزفونه زفيفا(3) وبين يديه فارس وعلى ‏رأسه تاج، وللتاج أربعة أركان، وفي كل ركن جوهرة تضيى‏ء من مسير ثلاثة أيام، فقلت لبعض خدّامه: من هذا؟ فقال: هذا محمّد المصطفى، قلت:

ومن هذا الآخر؟ فقال: علي المرتضى وصيّ رسول الله ‏صلى الله عليه وآله وسلم ثمّ مددت نظري فإذا أنا بناقة من نور، وعليها هودج من نور وفيه امرأتان والناقة تطير بين السماء والأرض، فقلت: لمن هذه الناقة؟ فقال: لخديجة الكبرى، وفاطمة الزهراء، فقلت: ومن هذا الغلام؟ فقال: هذا الحسن بن علي ‏عليه السلام فقلت:

وإلى أين يريدون بأجمعهم؟ فقالوا: لزيارة المقتول ظلما الشهيد بكربلاء الحسين ‏بن علي المرتضى ‏عليه السلام، ثمّ إنّي قصدت نحو الهودج الذي فيه فاطمة الزهراء عليها السلام ‏وإذا برقاع مكتوبة من السماء تتساقط من السماء فسألت: ما هذه الرقاع؟ فقال: هذه رقاع فيها أمان النار لزوار الحسين‏ عليه السلام ليلة الجمعة، فطلبت منه رقعة، فقال ‏لي: إنّك تقول زيارته بدعة، فإنّك لا تنالها حتّى تزور الحسين‏ عليه السلام وتعتقد فضله ‏وشرفه، فانتبهت من نومي فزعا مرعوبا وقصدت من وقتي وساعتي إلى زيارة سيدي الحسين ‏عليه السلام وأنا تائب إلى الله تعالى فوالله يا سليمان لا أفارق قبر الحسين‏ عليه السلام حتّى يفارق روحي جسدي.(4)

 


(1) راجع المزار الكبير: 330 - 331، بحارالأنوار: 58/101.

(2) النجم الثاقب: 162/2، المنتخب (للطريحي): 196/1.

(3) حف القوم بالرجل: أحدقوا واستداروا به. وزف زفيفا: أسرع.

(4) دارالسلام في ما يتعلق بالرؤيا والمنام: 300/1.

 

 

    زيارة : 2719
    اليوم : 29146
    الامس : 164708
    مجموع الکل للزائرین : 139344812
    مجموع الکل للزائرین : 95891826