الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
المدخل

بسم اللَّه الرحمن الرحيم

المدخل

من الطبيعي أن يحتاج الإنسان إلى معرفة نفسه للوصول إلى التكامل الروحي‏ والإلمام والإطلاع على القدرات الروحية والنفسية العظيمة، ويمكن من خلال‏ تلك المعرفة النفسية تهيئة الأرضية والمناخ المناسب للتعرّف على العلوم‏ والمعارف التي تضمن للقلب نوره وهدايته وسلامته وسوقه صوب النورانيّة والإنفتاح، وبالنتيجة الحصول على العلوم المتعالية والعقائد السليمة والصحيحة.

وفي تلك الساعة ستكون العبادة خالصة للَّه عزّ وجل، وستكون للمناجاة والوصال ‏مع المعبود الحقيقي لذّة ما بعدها لذّة، فتتحقّق حالة القرب والجاذبية الإلهية،والتي من شأنها تخليص الإنسان من الجاذبية والأهواء النفسية وتبعده عنها.

وبالطبع فإنّ الإنسان إذا تمكّن من تحقيق هذا الأمر وكسب ذلك المقام فإنّ ‏عبادته وعبوديّته تتزامنان مع عمليّة التقوى والإيمان الخالص، وبالتالي تجنبه ‏من كل المعاصي والآثام، وإلاّ فإنّ العبادة من دون تقوى لايحصد منها سوى‏ العذاب والملل والنفرة من الدين.

وينبغي لكل من يريد مقام التقوى العمل والسعي بجديّة متناهية وأن يُولِد في‏ نفسه شعوراً نفسياً خاصاً يتسم بالمقدرة، ويستمدّ ذلك من الإيمان؛ باعتبار أنّ ‏نيل الحالات الروحيّة والكمالات المعنوية يحتاج إلى عمل متواصل ودؤب‏ واجتناب كلّ عوامل الضعف والإستكانة والتعقيد والإلتواء.

وأمّا إذا شعر الإنسان أنّ جهوده وممارساته تذهب سدى ولا أثر لها ويعتقد أنّ ‏حركته هذه غير هادفة فلابدّ له من الإستعانة بالعالم الغيبي والتوسّل بأهل البيت‏ صلوات اللَّه عليهم أجمعين وترك المعصية جانباً وبذلك يمكنه الوصول إلى ‏القرب الإلهي ونيله كل ما يتمنّاه.

وأمّا إذا وقع الإنسان في بحر البلايا والمصائب فعليه التحرك باتّجاه سفن النجاة وهم ولاية آل اللَّه‏ عليهم السلام فحينما يدرك عظمة ومنزلة تلك الولاية ويتمسك‏ بعروتها الوثقى فما يلبث أن تغدق عليه محبتهم والثبات على ولايتهم فيتشكل‏ في ظلّ ذلك سلوك ولائي يتناغم مع القيّم والمبادئ الصالحة في تهذيب النفس‏ وإصلاحها.

وحينئذ يدرك بأنّ طريق الخلاص والنجاه هو الإعتقاد بولاية ومحبة أهل‏ البيت‏ عليهم السلام؛ لأنّ محبتهم هو إكسير الشفاء والحياة الكريمة، وكلّما ازدات تلك ‏المحبة كلما كانت النفس والروح أكثر طهارة وصفاءً ونقاوة بشكل توجد معها الإستعداد الباطني لتقبل الحكومة الإلهية، ويعدّ العدة ويحسب الأيام ‏والساعات في إنتظار وترقب حلول التغير والإصلاح العالمي على يد مولانا الإمام صاحب العصر والزمان أرواحنا لمقدمه الفداء، وفي ظل هذه الحالة الوهاجة ينال كلّ عوامل السمو والرفعة والوصول إلى حلّ شفرة الموفقية في ‏الدارين.

إنّ معنى الإنتظار الحقيقي هو إظهار الأسرار الخفية في داخل النفس وعدم‏ البوح بها، فإن استطاع الإنسان إيجاد تلك الحالة في نفسه وتمكن من الحفاظ على لسانه فإنّ نجاحاته سوف تزداد يوماً بعد آخر، ويخطو خطوات كبيرة في ‏مسيرته صوب «أسرار النجاح»، ويطلع عليه أكثر فأكثر، فتكون مرتعاً خصباً للإنفتاح على نماذج من القيم والمثل التي تلزمه تجنّب السقوط والإنحراف في‏ مسيرة حياته.

 

   السيّد مرتضى المجتهدي السيستاني

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    زيارة : 3639
    اليوم : 43304
    الامس : 85752
    مجموع الکل للزائرین : 133101738
    مجموع الکل للزائرین : 92159051