الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
محبّة أهل البيت عليهم السلام لأصحابهم

محبّة أهل البيت عليهم السلام لأصحابهم

من الطبيعي بمكان أنّنا عندما نضع محبّة أهل البيت عليهم السلام في قلوبنا فإنّنا نكون ‏قد جعلنا محبتنا في قلوبهم كذلك؛ لأنّ الذين يحبّون هذا البيت الطاهر فإنهم‏ بالتأكيد يكونون في دائرة محبة وعطف ذلك البيت الذي طهّره اللَّه تطهيراً، واصطفاه من دون الخلق أجمعين، وهي معادلة لايمكن فصل أحد طرفيها عن‏ الآخر.

يقول حبيش بن المعتمر: دخلت على أميرالمؤمنين علي‏ عليه السلام فقلت له:

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا أَميرَالْمُؤْمِنينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ، كَيْفَ أَمْسَيْتَ؟ قالَ: أَمْسَيْتُ مُحِبّاً لِمُحِبّينا وَمُبْغِضاً لِمُبْغِضينا... .(164)

وثمّة شي‏ء هنا لابد من القول به، وهو أنّ الإنسان الذي يدخل في قلب أهل‏ البيت‏ عليهم السلام فإنّه يكون محبوباً لدى اللَّه تعالى ويتنوّر قلبه وعقله بمحبّة البارئ عزّوجلّ وحينما يتعمق هذا الحبّ ويصبح بدرجة عالية وشديدة يخرج كلّ الأغيار من قلبه، ويضحى للَّه وحده، ويترتّب عليه النظرة الباطنية للأشياء، وبالنتيجة يتعرّف على أولياء اللَّه الصالحين.

عن أميرالمؤمنين علي ‏عليه السلام أنّ اللَّه تبارك وتعالى قال لرسول اللَّه‏ صلى الله عليه وآله وسلم في ليلة المعراج:

مَنْ عَمِلَ بِرِضايَ اُلْزِمُهُ ثَلاثَ خِصالٍ: اُعَرِّفُهُ شُكْراً لايُخالِطُهُ ‏الْجَهْلُ، وَذِكْراً لايُخالِطُهُ النِّسْيانُ، وَمَحَبَّةً لايُؤْثِرُ عَلى مَحَبَّتي مَحَبَّةَ الْمَخْلُوقينَ، فَإِذا أَحَبَّني أَحْبَبْتُهُ، وَأَفْتَحُ عَيْنَ قَلْبِهِ إِلى جَلالي وَلا اُخفي عَلَيْهِ خاصَّةَ خَلْقي ... .(165)

وعلى أساس هذا فإنّ واحدة من علامات محبّة البارئ سبحانه وتعالى هي‏ معرفة الإنسان لأولياء اللَّه تعالى وخواص خلقه، ومن ثمّ التشرّف برؤيتهم.

ومن هنا نرى أنّ هناك العديد من الناس يبحث بكلّ وجودهم عن زيارة الإمام صاحب العصر والزمان عجّل اللَّه تعالى فرجه الشريف والحظوة بلقائه المبارك، سواء كان هذا اللقاء في اليقظة أو المنام بسبب الولع والمحبّة الشديدة؛ باعتبار أنّ المحبّة في الإنسان تزيد من الإشتياق لملاقاة المحبوب.

كان في قلب النبيّ إبراهيم‏ عليه السلام كراهيّة بالنسبة إلى الموت، فجاء النداء من اللَّه ‏تعالى إلى جبرئيل أن إذهب وقل له:

هَلْ رَأَيْتَ حَبيباً يُكْرِهُ لِقاءَ حَبيبِهِ؟ إِنَّ الْحَبيبَ يُحِبُّ لِقاءَ حَبيبِهِ.(166)

لقد كان هناك فئة من هؤلاء تعيش في زمن أهل البيت عليهم السلام وكانوا بعيدين عن ‏المدن والديار التي يعيش بها الأئمّة الأطهار عليهم السلام، ولكن كانت قلوبهم تطير عشقاً ومحبّة لهم والأمل يحدوهم بلقاء المحبوب، ومن هؤلاء هو أويس الذي‏كان قلبه ينبض بالشوق لرؤية النبيّ الأكرم ‏صلى الله عليه وآله وسلم وقد رسم في مخيلته صورة جميلة عن معالمه وخصاله.

وفي هذا الزمن الذي نعيشه فإنّ الأمّة في حالة ترقّب وانتظار وأمل في رؤية الإمام بقيّة اللَّه الأعظم أرواحنا لمقدمه الفداء وسرّ عالم الوجود والذي يعيش في غيبة طويلة، وهذا الأمل نابع من المحبّة والعلاقة الشديدة لآل اللَّه؛ باعتبارها ترتكز على قول البارئ جلّ وعلا «إِنَّ الْحَبيبَ يُحِبُّ لِقاءَ حَبيبِهِ».

زرني فديتك فالفؤاد مشوق

وبه من البلوى جوىً وحروقُ

طيف الحقيقة هل سأحظى لحظةً

بمناي منك فإنّك المعشوقُ

هل أرتوي من فيضِ نوركِ حينما

يجلو عيوني قدّك الممشوقُ

يا من سكنت قلوبَنا فعيونُنا

ترنو إليك وهدها التحديقُ

يا حجّةَ اللَّه الجليةَ في الورى

أَشفق وطُلَّ فمَن سواكَ شفيقُ


164) بحار الأنوار: 53/27، مجالس الشيخ المفيد: 197.

165) بحار الأنوار: 28/77.

166) بحار الأنوار: 127/6، عن أمالي الصدوق: 118.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    زيارة : 2865
    اليوم : 0
    الامس : 149133
    مجموع الکل للزائرین : 139255388
    مجموع الکل للزائرین : 95802384