الكائنات السماويّة

ومحبّة أهل البيت عليهم السلام

وعطفاً على ما سبق فإنّ محبّي وموالي أهل البيت‏ عليهم السلام ليس وحدهم من‏ يمتلّك تلك العظمة والمكانة العالية، وإنّما جميع الموجودات الكونيّة فإنّها ترتفع وتسمو بسبب محبّتها أهل البيت صلوات اللَّه عليهم، وهذا الأمر يشمل‏ الملائكة المقرّبين إذ إنّهم يكتسبون تلك العظمة والشرف من خلال محبّتهم‏ للعترة الطاهرة عليهم السلام.

قال رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم :

هَلْ شَرَفَتِ الْمَلائِكَةُ إِلّا بِحُبِّها لِمُحَمَّدٍ وَعَليٍّ وَقَبوُلِها لِوِلايَتِهِما؟...(161)

وهذا الحديث صريح على أنّ شرف الملائكة جاء نتيجة حبّها للنبيّ‏ الأكرم ‏صلى الله عليه وآله وسلم والإمام أميرالمؤمنين علي‏ عليه السلام.

إنّ المحبّة للوصيّ فريضة

أعني أميرالمؤمنين عليّاً

قد كلّف اللَّه البريّة كلّها

واختاره للمؤمنين وليّاً

ومع أنّ الرواية تتحدّث عن الملائكة، ولكن الروايات الأخرى التي هي من‏ نفس السنخيّة تؤكّد هذه الحقيقة، وتصرح بأنّ جميع الكائنات السماوية سواء الملائكة وغيرها هي محبّة لأهل البيت عليهم السلام ومواليه لهم وأنّها بواسطة تلك‏ المحبّة تزداد تقرّباً؛ لأنّه وكما قلنا آنفاً فإنّ المحب تتجلّى فيه صفات المحبوب، وتظهر عليه شاء أم أبى، ولا شكّ فإنّ واحدة من الصفات التي يتمتّع بها أهل بيت‏ الوحي والرسالة عليهم السلام هي القرب من اللَّه تعالى، ومن هنا فإنّ الكائنات السماوية تؤمن‏ بأنّ محبّة هؤلاء الأبرار الأخيار هي وسيلة لقربها من اللَّه جلّ وعلا.

ونقرأ في إحدى الزيارات الجامعة الواردة عن أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام تلك العبارة :

يَتَقَرَّبُ أَهْلُ السَّماءِ بِحُبِّكُمْ، وَبِالْبَرائَةِ مِنْ أَعْدائِكُمْ.(162)

يا سادتي يا بني علي

يا آل طه وآل صاد

من ذا يوازيكم وأنتم

خلائف اللَّه في البلاد

أنتم نجوم الهدى اللواتي

يهدي بها اللَّه كلّ هاد

لا زلت في حبّكم أوالي

عمري وفي بغضكم أعادي

وما تزوّدت غير حبّي

إيّاكم وهو خير زاد

وذاك ذخري الذي عليه

في عرصة الحشر اعتمادي

---

161) بحار الأنوار: 227/21، نقلاً عن تفسير الإمام الحسن العسكري‏ عليه السلام: 152.

162) بحار الأنوار: 164/102، عن كتاب مصباح الزائر: 239.