1 - دور الإرادة في معرفة النفس
بطبيعة الحال إذا لم يستطيع الإنسان الصمود أمام قواه النفسية ورآها أمراً غالباً، فعليه أن يعلم أنّ تصميمه وإرادته في بناء نفسه وصقلها ضعيف ولايرتقي إلى المستوى المطلوب والغائي.
ومن هنا فإنّ الإنسان الذي يتخذ قراراً قاطعاً وصارماً ويعمل في تخطي كلّ الموانع والمشاكل والمعوقات التي تقف في طريقه نحو الرقي بالنفس ومقدراتها ومستقبلها من هيمنة المغريات واللذات، وخطى باتّجاه الطريق المستقيم بإرادة قوية وعزم لايلين، فإنّه يصل إلى مرحلة اليقين وسوف يتغلب على نفسه الأمارة وهواها وجماحها.
وليكن لدى الشخص اليقين القاطع بأنّ قدرة الإرادة والعزيمة الراسخة كفيلة لتوصله إلى حقيقة مفادها أنّ النفس ليس لها القدرة الكافية أمام ذلك التصميم الذي أتخذه والنية الخالصة التي تبناها فتجعلها في منأى من التقلبات والميول والرغبات غير الشرعية، ولا شكّ فهذه حقيقة أشار إليها مولانا الإمام الصادق عليه السلام حين قال :
صاحِبُ النِّيَّةِ الْخالِصَةِ نَفْسُهُ وَهَواهُ مَقْهُورَتانِ تَحْتَ سُلْطانِ تَعْظيمِ اللَّهِ وَالْحَياءِ مِنْهُ.(10)
ومعنى ذلك هو أنّ الشخص الذي له تصميم قاطع ونية خالصه متجذرة يرى نفسه حاضرة في الساحة القدسية، فيكون حياؤه مانعاً من القيام بالأعمال الطالحة ومصححاً لمساره، ومن هنا يتغلب على أهوائه النفسية ويستطيع التحكم بها ومهارها.
وعلى ضوء ذلك، فمن يمتلك القدرة على الإمساك بزمام نفسه وعدم إقحامها في ميدان الشهوات عليه أن يتفاخر ويترنح طرباً وفرحاً، وبالطبع فهي مهمة يتوقّف تحقيقها على مستوى تأسيس قاعدة رصينة وقويّة قادرة على مصارعة كلّ الأهواء، وأمّا إذا كان الإنسان يتمتّع بإرادة ضعيفة وعاجزاً عن امتلاك عزيمة صلبة فعليه العمل على تقويتها وان يعيد إصلاحها والنهوض بها.
10) بحار الأنوار: 210/70 ، عن مصباح الشريعة: 4.
اليوم : 0
الامس : 221854
مجموع الکل للزائرین : 123079672
|