الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
غلبة النفس على العقل

   غلبة النفس على العقل

تتمتّع القوى النفسية بقوى هائلة بحيث يمكنها تغيير المسائل الفطرية للإنسان وتجعله مستعداً لارتكاب أبشع ‏الجرائم والمعاصي، وإن كانت على حساب أقرب الناس إليه وأحبّهم.

ومع أنّ محبّة الأهل ومؤدّتهم نابعة من المسائل الفطرية والطبع الإنساني السليم، ولكن نفس تلك الطباع الإنسانية يمكنها أن تتغير، وتتبدل تلك المحبة والمودة إلى عداء لدود وخصومة جراء أتباع هوى النفس، فها نحن نرى كيف‏ ارتكب أول شخص على هذه الكرة الأرضية «قابيل» جريمة نكراء حدثت نتيجة مطاوعته لهوى نفسه، فيحدثنا القرآن ‏الكريم عن هذه القصة فيقول:

«فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ اَخيهِ فَقَتَلَهُ فَاَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرينَ».(127)

ومن هذا المنطلق فإنّ النفس لاتغير طباع وصفات الإنسان فقط، وإنّما تعمل على تغير المسائل الفطرية التي منحها له ‏البارئ عزّ وجلّ، وذلك نتيجة الوساوس والتحريك لتك النفس، كما حدث ذلك مع «قابيل» حيث ملأت قلبه حقداً وحسداً وعداءاً لأخيه «هابيل» والنتيجة كانت قتله وتلطيخ يديه بدمه.

ففي مثل هذه الموارد تكون الغلبة للنفس على العقل وتكون هي المسيطرة والمهيمنة في مثل هذه المواقف ‏والأحداث إذ يأتي أحياناً تكون قدرة وقوة النفس كبيرة بحيث تستطيع التفوق على العقل على الرغم من قدرته وإمكانيته ‏الهائلة وتكون حاجباً مانعاً من إيصال التوجيهات والإرشادات والنصائح الصالحة له.

وفي هذا الصدد يقول أميرالمؤمنين علي عليه السلام:

وَكَمْ مِنْ عَقْلٍ اَسيرٌ تَحْتَ هَوى اَميرٍ.(128)

إنّنا نرى أنّ هناك الكثير من الناس الذين يتمتعون بقوى عقلية خارقة للعادة ولهم الاستعداد ذاتياً للوصول إلى الأهداف‏ العالية، ولكنّهم لايستفيدون من تلك الموهبة والكنوز العظيمة فحسب، وإنّما يكونون أسرى للنفس وشهواتها وملذاتها التي عادة ماتكون آنية ووقتية، وهذا ما لم يحدث لولا اتباع النفس الأمارة، والنتيجة هي قتل القدرات والإرشادات العقلية لديهم.

ومن هنا يجب على الإنسان أن يجاهد النفس الأمارة لكي لايمكنها بحال من الأحوال أن تسيطر وتتغلب على القوى ‏العقلية.


127) المائدة: 30.

128) نهج البلاغة: الكلمات القصار 202.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    زيارة : 2598
    اليوم : 0
    الامس : 75168
    مجموع الکل للزائرین : 135915896
    مجموع الکل للزائرین : 93807794