الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
مخالفة النفس أو الكبح من جماحها

مخالفة النفس أو الكبح من جماحها

عادة ما يتمكن الإنسان من الحصول على القوى الروحية العظيمة، وذلك من خلال مخالفته هوى النفس والسيطرة عليها، وكذلك الإستفادة من الطاقات الروحية العجيبة الناتجة جراء تهذيبها تدريجياً، ويمكنه حلّ الكثير من المشاكل‏ التي تواجهه وتواجه الآخرين بسهولة نتيجة تشكيل وبلورة القوى الروحية تلك.

وأمّا الإنسجام والتناغم مع متطلبات النفس ورغباتها فإنّه يؤدي إلى بعثرة القوى الروحية وتشتتها، وهو فعل يعاكس‏ الصورة المقابلة والتي ذكرناها آنفاً وهي مسألة مخالفة النفس وحاكميتها، إذ أنّها تجمع القوى وتجعلها متحدة فيما بينها،ومنسجمة إلى حدّ أن تكون فعالة داخل تلك النفس.

ويمكن تشبيه عملية مخالفة النفس بالسد المنيع الذي يقف أمام جريان الماء، حيث لن يعمل على عدم هدر المياه ‏فحسب، وإنما هو قادر على جمعها في مكان واحد، وبالتالي الإستفادة منها في توليد الطاقة الكهربائية وتمويل المدن ‏وتشغيل المعامل الكبيرة بهذه الطاقة العظيمة.

وكذلك عمليّة مخالفة النفس فإنّها بالإضافة إلى أنّها تكون مانعاً من تشتت الطاقات الروحية والسماويّة المودعة في داخل ‏الإنسان فهي قادرة ونتيجة تجمع تلك القوى أن تصنع من إنسان عادي إنساناً عظيماً يمتلك كلّ مقومات النجاح والفلاح، ويكون ‏صاحب إرادة قويّة وشخصية مثالية قل نظيرها.

لقد أودع الله تبارك وتعالى في الإنسان عقلاً جعله بمثابة ذلك السدّ الذي يستطيع بواسطته كبح جماح النفس و السيطرة على القوى الروحية.

فهل يا ترى سيكون الإنسان مستعداً للإستفادة من القوى الجبارة والعظيمة التي أودعها البارئ عزّ وجلّ فيه، وذلك من‏خلال مخالفة هوى نفسه؟

إنّ الكل يعلم أنّ هناك الكثير من الأشياء الثمينة والقيّمة مدفونة تحت الأرض وفي أعماقها السحيقة، وقد يوجد أيضاً وراء ستار الأهواء النفسية للإنسان قوى روحية عجيبة خارقة للعادة، وبما أنّ عملية الوصول إلى تلك الكنوز والأشياء الثمينة لاتتم إلاّ عن طريق إزاحة التراب والأحجار الكبيرة، فكذلك لايمكن الحصول على القوى الكبيرة والعظيمة المودعة من قبل السماء في داخل الإنسان إلاّ من خلال إزاحة الستار عن الأهواء النفسية ووضعها جانباً.

وعلى ذلك فإنّ موافقة النفس والمشي وراء رغباتها لاتكون نتيجته سوى هدر القوى الروحية والطاقات والقوى‏ السماوية، وتكون عاملاً مساعداً للحيلولة دون تنظيمها.

وبالطبع فإذا خالف الإنسان هوى نفسه، وجنح عن ذلك وعمل خلاف مقتضاها وشهواتها فسوف تظهر وتتجلّى له ‏القدرات والقوى الروحية بامتياز، وينبض قلبه بالحياة المعطاء من جديد، وعليه سيتمتع بقوى عظيمة لاتعقل، حينها سيعجب هو من حصول ذلك الأمر! 

قال رسول اللَّه ‏صلى الله عليه وآله وسلم:

بِمَوْتِ النَّفْسِ يَكُونُ حَياةُ الْقَلْبِ.(126)

فعندما تزول الجوانب الحيوانية للنفس وتتنحى وتستقر الحالات الرحمانية فيها حينها يحيا القلب حياة جديدة كلها صلاح وتقى وإيمان.

إنّ الإنسان صاحب البصيرة عندما يتمعن جيداً في حديث رسول اللَّه ‏صلى الله عليه وآله وسلم يراه وعلى الرغم من قصره يحمل الكثير من‏ المعاني والمفاهيم الرفيعة التي تشع في النفس أنوار العلوم والمعارف.

وعلى أي حال ففي حياة القلوب تتكون وتبرز القدرات الروحية والمعنوية، وفيها يجري تنطيم القدرات المعنوية الاستثنائية وتصب في مختلف مجالات الحياة.


126) بحار الأنوار: 391/70، مصباح الشريعة: 61.

 

 

 

 

 

 

 

    زيارة : 2673
    اليوم : 50450
    الامس : 93963
    مجموع الکل للزائرین : 135866490
    مجموع الکل للزائرین : 93783077