الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
(9) دعاء الإمام الحسين‏ عليه السلام في يوم عرفة

(9)

دعاء الإمام الحسين‏ عليه السلام في يوم عرفة

 اَلْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي لَيْسَ لِقَضَائِهِ دَافِعٌ، وَلاَ لِعَطَائِهِ مَانِعٌ، وَلاَ كَصُنْعِهِ‏ صُنْعُ صَانِعٍ، وَهُوَ الْجَوَادُ الْوَاسِعُ، فَطَرَ أَجْنَاسَ الْبَدَائِعِ، وَأَتْقَنَ بِحِكْمَتِهِ‏ الصَّنَائِعَ، وَلاَ تَخْفَى عَلَيْهِ الطَّلاَئِعُ وَلاَ تَضِيعُ عِنْدَهُ الْوَدَائِعُ جَازِي كُلّ‏ صَانِعٍ، وَرَائِشُ كُلِّ قَانِعٍ، وَرَاحِمُ كُلِّ ضَارِعٍ، مُنْزِلُ الْمَنَافِعِ وَالْكِتَابِ‏ الْجَامِعِ بِالنُّورِ السَّاطِعِ، وَهُوَ لِلدَّعَوَاتِ سَامِعٌ، وَلِلْكُرُبَاتِ دَافِعٌ، وَلِلدَّرَجَاتِ رَافِعٌ، وَلِلْجَبَابِرَةِ قَامِعٌ، فَلاَ إِلَهَ غَيْرُهُ، وَلاَ شَيْ‏ءٌ يَعْدِلُهُ، وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ، وَهُوَ عَلَى كُلّ‏ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ.

أَللَّهُمَّ إِنِّي أَرْغَبُ إِلَيْكَ، وَأَشْهَدُ بِالرُّبُوبِيَّةِ لَكَ، مُقِرٌّ بِأَنَّكَ رَبِّي وَإِلَيْكَ ‏مَرَدِّي، اِبْتَدَأْتَنِي بِنِعْمَتِكَ قَبْلَ أَنْ أَكُونَ شَيْئاً مَذْكُوراً، خَلَقْتَنِي مِنَ ‏التُّرَابِ، ثُمَّ أَسْكَنْتَنِي اَلْأَصْلاَبَ، آمِناً لِرَيْبِ الْمَنُونِ وَاِخْتِلاَفِ الدُّهُورِ وَالسِّنِينَ، فَلَمْ أَزَلْ ظَاعِناً مِنْ صُلْبٍ إِلَى رَحِمٍ فِي تَقَادُمٍ مِنَ الْأَيَّامِ‏ الْمَاضِيَةِ، وَالْقُرُونِ الْخَالِيَةِ، لَمْ تُخْرِجْنِي لِرَأْفَتِكَ بِي، وَلُطْفِكَ لِي، وَإِحْسَانِكَ إِلَيَّ، فِي دَوْلَةِ أَئِمَّةِ الْكُفْرِ اَلَّذِينَ نَقَضُوا عَهْدَكَ، وَكَذَّبُوا رُسُلَكَ، لَكِنَّكَ أَخْرَجْتَنِي لِلَّذِي سَبَقَ لِي مِنَ الْهُدَى الَّذِي لَهُ يَسَّرْتَنِي ‏وَفِيهِ أَنْشَأْتَنِي وَمِنْ قَبْلِ ذَلِكَ رَأْفَةً بِي بِجَمِيلِ صُنْعِكَ وَسَوَابِغِ نِعَمِكَ، فَابْتَدَعْتَ خَلْقِي مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى، وَأَسْكَنْتَنِي فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ مِنْ بَيْنِ ‏لَحْمٍ وَدَمٍ، وَجِلْدٍ لَمْ تُشْهِدْني خَلْقِي، وَلَمْ تَجْعَلْ لِي شَيْئاً مِنْ أَمْرِي، ثُمّ‏أَخْرَجْتَنِي لِلَّذِي سَبَقَ لِي مِنَ الْهُدَى إِلَى الدُّنْيَا تَامّاً سَوِيّاً، وَحَفِظْتَنِي فِي‏ الْمَهْدِ طِفْلاً صَبِيّاً، وَرَزَقتَنِي مِنَ الْغَذَاءِ لَبَناً مَرِيّاً، وَعَطَفْتَ عَلَيَّ قُلُوبَ الْحَوَاضِنِ ‏وَكَفَّلْتَنِي الْأُمَّهَاتِ الرَّوَاحِمَ، وَكَلَأْتَنِي مِنْ طَوَارِقِ الْجَانِّ، وَسَلَّمْتَنِي مِنَ ‏الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، فَتَعَالَيْتَ يَا رَحِيمُ يَا رَحْمَانُ، حَتَّى إِذَا اسْتَهْلَلْتُ نَاطِقاً بِالْكَلاَمِ، وَأَتْمَمْتَ عَلَيَّ سَوَابِغَ الاِْنْعَامِ، وَرَبَّيْتَنِي زَائِداً  فِي كُلِّ عَامٍ، حَتَّى إِذَا اكْتَمَلَتْ فِطْرَتِي، وَاعْتَدَلَتْ سَرِيرَتِي، أَوْجَبْتَ عَلَيَّ حُجَّتَكَ، بِأَنْ‏أَلْهَمْتَنِي مَعْرِفَتَكَ، وَرَوَّعْتَنِي بِعَجَائِبِ حِكْمَتِكَ، وَأَيْقَظْتَنِي لِمَا ذَرَأْتَ ‏فِي سَمَائِكَ وَأَرْضِكَ مِنْ بَدَائِعِ خَلْقِكَ، وَنَبَّهْتَنِي لِشُكْرِكَ وَذِكْرِكَ ‏وَأَوْجَبْتَ عَلَيَّ طَاعَتَكَ وَعِبَادَتَكَ، وَفَهَّمْتَنِي مَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُكَ، وَيَسَّرْتَ لِي تَقَبُّلَ مَرْضَاتِكَ وَمَنَنْتَ عَلَيَّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِعَوْنِكَ ‏وَلُطْفِكَ.

ثُمَّ إِذْ خَلَقْتَنِي مِنْ حَرِّ الثَّرَى لَمْ تَرْضَ لِي يَا إِلَهِي نِعْمَةً دُونَ أُخْرَى، وَرَزَقْتَنِي مِنْ أَنْوَاعِ الْمَعَاشِ، وَصُنُوفِ الرِّيَاشِ بِمَنِّكَ الْعَظِيمِ الْأَعْظَمِ ‏عَلَيَّ، وَإِحْسَانِكَ الْقَدِيمِ إِلَيَّ، حَتَّى إِذَا أَتْمَمْتَ عَلَيَّ جَمِيعَ النِّعَمِ وَصَرَفْتَ ‏عَنِّي كُلَّ النِّقَمِ، لَمْ يَمْنَعْكَ جَهْلِي وَجُرْأَتِي عَلَيْكَ أَنْ دَلَلْتَنِي إِلَى مَا يُقَرِّبُنِي ‏إِلَيْكَ، وَوَفَّقْتَنِي لِمَا يُزْلِفُنِي لَدَيْكَ، فَإِنْ دَعَوْتُكَ أَجَبْتَنِي، وَإِنْ سَأَلْتُكَ ‏أَعْطَيْتَنِي، وَإِنْ أَطَعْتُكَ شَكَرْتَنِي، وَإِنْ شَكَرْتُكَ زِدْتَنِي، كُلُّ ذَلِكَ إِكْمَالٌ ‏لِأَنْعُمِكَ عَلَيَّ وَإِحْسَانِكَ إِلَيَّ، فَسُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ مِنْ مُبْدِئٍ مُعِيدٍ حَمِيدٍ مَجِيدٍ، تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُكَ وَعَظُمَتْ آلاَؤُكَ، فَأَيَّ نِعَمِكَ يَا إِلَهِي أُحْصِي‏ عَدَداً وَذِكْراً، أَمْ أَيُّ عَطَايَاكَ أَقُومُ بِهَا شُكْراً، وَهِيَ يَا رَبِّ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ ‏يُحْصِيَهَا الْعَادُّونَ، أَوْ يَبْلُغَ عِلْماً بِهَا الْحَافِظُونَ، ثُمَّ مَا صَرَفْتَ وَ دَرَأْتَ ‏عَنِّي. أَللَّهُمَّ مِنَ الضُّرِّ وَالضَّرَّاءِ أَكْثَرُ مِمَّا ظَهَرَ لِي مِنَ الْعَافِيَةِ وَالسَّرَّاءِ، فَأَنَا أَشْهَدُ يَا إِلَهِي بِحَقِيقَةِ إِيمَانِي، وَعَقْدِ عَزَمَاتِ يَقِينِي، وَخَالِصِ صَرِيحِ ‏تَوْحِيدِي، وَبَاطِنِ مَكْنُونِ ضَمِيرِي، وَعَلاَئِقِ مَجَارِي نُورِ بَصَرِي، وَأَسَارِيرِ صَفْحَةِ جَبِينِي، وَخُرُقِ مَسَارِبِ نَفْسِي، وَخَذَارِيفِ مَارِنِ ‏عِرْنِينِي وَمَسَارِبِ سِمَاخِ سَمْعِي، وَمَا ضَمَّتْ وَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِ شَفَتَايَ، وَحَرَكَاتِ لَفْظِ لِسَانِي وَمَغْرَزِ حَنَكِ فَمِي وَفَكِّي وَمَنَابِتِ أَضْرَاسِي، وَمَسَاغِ مَطْعَمِي وَمَشْرَبِي، وَحِمَالَةِ أُمِّ رَأْسِي، وَبُلُوغِ فَارِغِ حَبَائِلِ عُنُقِي ‏وَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ تَامُورُ صَدْرِي وَحَمَائِلُ حَبْلِ وَتِينِي وَنِيَاطُ حِجَابِ ‏قَلْبِي، وَأَفْلاَذُ حَوَاشِي كَبِدِي، وَمَا حَوَتْهُ شَرَاسِيفُ أَضْلاَعِي، وَحِقَاقِ ‏مَفَاصِلِي، وَقَبْضِ عَوَامِلِي وَأَطْرَافِ أَنَامِلِي وَلَحْمِي وَدَمِي وَشَعْرِي ‏وَبَشَرِي وَعَصَبِي وَقَصَبِي وَعِظَامِي وَمُخِّي وَعُرُوقِي وَجَمِيعِ ‏جَوَارِحِي، وَمَا انْتَسَجَ عَلَى ذَلِكَ أَيَّامَ رِضَاعِي، وَمَا أَقَلَّتِ الْأَرْضُ مِنِّي، وَنَوْمِي وَيَقْظَتِي وَسُكُونِي وَحَرَكَاتِ رُكُوعِي وَسُجُودِي، أَنْ لَوْ حَاوَلْتُ ‏وَاجْتَهَدْتُ مَدَى الْأَعْصَارِ وَالأَحْقَابِ لَوْ عُمِّرْتُهَا أَنْ أُؤَدِّيَ شُكْرَ وَاحِدَةٍ مِنْ أَنْعُمِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ذَلِكَ إِلاَّ بِمَنِّكَ الْمُوجِبِ عَلَيَّ بِهِ شُكْرَكَ أَبَداً جَدِيداً، وَثَنَاءً طَارِفاً عَتِيداً، أَجَلْ وَلَوْ حَرَصْتُ أَنَا وَالْعَادُّونَ مِنْ أَنَامِكَ ‏أَنْ نُحْصِيَ مَدَى إِنْعَامِكَ سَالِفِهِ وَآنِفِهِ، مَا حَصَرْنَاهُ عَدَداً، وَلاَ  أَحْصَيْنَاهُ‏ أَمَداً، هَيْهَاتَ أَنَّى ذَلِكَ وَأَنْتَ الْمُخْبِرُ فِي كِتَابِكَ النَّاطِقِ، وَالنَّبَإِ الصَّادِقِ «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوهَا»(1) صَدَقَ كِتَابُكَ.

أَللَّهُمَّ وَأَنْبِيَاؤُكَ وَرُسُلُكَ مَا أَنْزَلْتَ عَلَيْهَا مِنْ وَحْيِكَ، وَشَرَعْتَ لَهَا وَبِهَا مِنْ دِينِكَ، غَيْرَ أَنِّي يَا إِلَهِي أَشْهَدُ بِجَهْدِي، وَجِدِّي وَمَبْلَغِ طَاقَتِي‏ وَوُسْعِي، وَأَقُولُ مُؤْمِناً مُوقِناً، اَلْحَمْدُ لِله اَلَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً فَيَكُونَ‏ مَوْرُوثاً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ فَيُضَادَّهُ فِيمَا اِبْتَدَعَ، وَلِاَوَلِيٌّ مِنَ ‏الذُّلِ فَيُرْفِدَهُ فِيمَا صَنَعَ، فَسُبْحَانَهُ، سُبْحَانَهُ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ ‏لَفَسَدَتا وَتَفَطَّرَتَا سُبْحَانَ اللهِ الْوَاحِدِ الْأَحَدِ الصَّمَدِ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْوَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ.

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْداً يُعَادِلُ حَمْدَ مَلاَئِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ وَأَنْبِيَائِهِ الْمُرْسَلِينَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى خِيَرَتِهِ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ‏ الْمُخْلَصِينَ وَسَلَّمَ.

ثمّ اندفع‏ عليه السلام في المسألة واجتهد في الدُّعاء وقال وعيناه تكفان دموعاً:

أَللَّهُمَّ اجْعَلْنِي أَخْشَاكَ كَأَنِّي أَرَاكَ، وَأَسْعِدْنِي بِتَقْوَاكَ، وَلاَ تُشْقِنِي ‏بِمَعْصِيَتِكَ، وَخِرْ لِي فِي قَضَائِكَ، وَبَارِكْ لِي فِي قَدَرِكَ، حَتَّى لاَ أُحِبّ ‏تَعْجِيلَ مَا أَخَّرْتَ، وَلاَ تَأْخِيرَ مَا عَجَّلْتَ.

أَللَّهُمَّ اجْعَلْ غِنَائِي فِي نَفْسِي، وَالْيَقِينَ فِي قَلْبِي، وَالْإِخْلاَصَ  فِي‏ عَمَلِي، وَالنُّورَ  فِي بَصَرِي، وَالْبَصِيرَةَ فِي دِينِي، وَمَتِّعْنِي بِجَوَارِحِي، وَاجْعَلْ سَمْعِي وَبَصَرِي الْوَارِثَيْنِ مِنِّي، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ ظَلَمَنِي، وَأَرِنِي فِيهِ ثَأرِي وَمَآرِبِي، وَأَقِرَّ بِذَلِكَ عَيْنِي، أَللَّهُمَّ اكْشِفْ كُرْبَتِي، وَاسْتُرْ عَوْرَتِي، وَاغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي، وَاخْسَأْ شَيْطَانِي، وَفُكَّ رِهَانِي، وَاجْعَلْ لِي يَا إِلَهِي الدَّرَجَةَ الْعُلْيَا فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى. أَللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَمَا خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي سَمِيعاً بَصِيراً، وَلَكَ الْحَمْدُ كَمَا خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي‏ خَلْقاً سَوِيّاً، رَحْمَةً بِي، وَقَدْ كُنْتَ عَنْ خَلْقِي غَنِيّاً، رَبِّ بِمَا بَرَأْتَنِي‏ فَعَدَّلْتَ فِطْرَتِي، رَبِّ بِمَا أَنْشَأْتَنِي فَأَحْسَنْتَ صُورَتِي، رَبِّ بِمَا أَحْسَنْتَ‏إِلَيَّ وَفِي نَفْسِي عَافَيْتَنِي، رَبِّ بِمَا كَلَأْتَنِي وَوَفَّقْتَنِي، رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ ‏عَلَيَّ فَهَدَيْتَنِي، رَبِّ بِمَا أَوْلَيْتَنِي، وَمِنْ كُلِّ خَيْرٍ أَعْطَيْتَنِي، رَبِّ بِمَا أَطْعَمْتَنِي وَسَقَيْتَنِي، رَبِّ بِمَا أَغْنَيْتَنِي وَأَقْنَيْتَنِي، رَبِّ بِمَا أَعَنْتَنِي‏ وَأَعْزَزْتَنِي، رَبِّ بِمَا أَلْبَسْتَنِي مِنْ سِتْرِكَ الصَّافِي وَيَسَّرْتَ لِي مِنْ‏ صُنْعِكَ الْكَافِي، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَعِنِّي عَلَى بَوَائِقِ ‏الدُّهُورِ، وَصُرُوفِ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ، وَنَجِّنِي مِنْ أَهْوَالِ الدُّنْيَا وَكُرُبَاتِ ‏الْآخِرَةِ، وَاكْفِنِي شَرَّ مَا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ فِي الْأَرْضِ. أَللَّهُمَّ مَا أَخَافُ‏ فَاكْفِنِي، وَمَا أَحْذَرُ فَقِنِي، وَفِي نَفْسِي وَدِينِي فَاحْرُسْنِي، وَفِي سَفَرِي ‏فَاحْفَظْنِي، وَفِي أَهْلِي وَمَالِي فَاخْلُفْنِي، وَفِيمَا رَزَقْتَنِي فَبَارِكْ لِي، وَفِي ‏نَفْسِي فَذَلِّلْنِي، وَفِي أَعْيُنِ النَّاسِ فَعَظِّمْنِي، وَمِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ‏فَسَلِّمْنِي، وَبِذُنُوبِي فَلاَ تَفْضَحْنِي، وَبِسَرِيرَتِي فَلاَ تُخْزِنِي، وَبِعَمَلِي فَلاَتَبْتَلِنِي، وَنِعَمَكَ فَلاَ تَسْلُبْنِي [تبسلني]، وَإِلَى غَيْرِكَ فَلاَ تَكِلْنِي، إِلَهِي ‏إِلَى مَنْ تَكِلُنِي إِلَى قَرِيبٍ فَيَقْطَعَنِي، أَمْ إِلَى بَعِيدٍ فَيَتَجَهَّمَنِي، أَمْ إِلَى ‏الْمُسْتَضْعَفِينَ لِي، وَأَنْتَ رَبِّي وَمَلِيكُ أَمْرِي، أَشْكُو إِلَيْكَ غُرْبَتِي وَبُعْدَ دَارِي وَهَوَانِي عَلَى مَنْ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي. إِلَهِي فَلاَ تُحْلِلْ عَلَيَّ غَضَبَكَ، فَإِنْ ‏لَمْ تَكُنْ غَضِبْتَ عَلَيَّ فَلاَ أُبَالِي، سُبْحَانَكَ غَيْرَ أَنَّ عَافِيَتَكَ أَوْسَعُ لِي، فَأَسْأَلُكَ يَا رَبِّ بِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَشْرَقَتْ لَهُ الْأَرْضُ وَالسَّمَاوَاتُ، وَكَشَفْتَ بِهِ الظُّلُمَاتِ، وَصَلَحَ بِهِ أَمْرُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، أَنْ لاَ تُمِيتَنِي‏عَلَى غَضَبِكَ، وَلاَ تُنْزِلَ بِي سَخَطَكَ لَكَ الْعُتْبَى حَتَّى تَرْضَى قَبْلَ ذَلِكَ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، رَبُ الْبَلَدِ الْحَرَامِ وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، وَالْبَيْتِ الْعَتِيقِ الَّذِي‏ أَحْلَلْتَهُ الْبَرَكَةَ، وَجَعَلْتَهُ لِلنَّاسِ أَمْناً، يَا مَنْ عَفَا عَنْ عَظِيمِ الذُّنُوبِ بِحِلْمِهِ، يَا مَنْ أَسْبَغَ النَّعْمَاءَ بِفَضْلِهِ، يَا مَنْ أَعْطَى الْجَزِيلَ بِكَرَمِهِ، يَا عُدَّتِي فِي ‏شِدَّتِي، يَا صَاحِبِي فِي وَحْدَتِي، يَا غِيَاثِي فِي كُرْبَتِي، يَا وَلِيِّي فِي ‏نِعْمَتِي، يَا إِلَهِي وَإِلَهَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ، وَرَبَّ جَبْرَئِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، وَرَبَّ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَآلِهِ ‏الْمُنْتَجَبِينَ، مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ وَالْفُرْقَانِ، وَمُنْزِلَ كهيعص ‏وَطه وَيس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ، أَنْتَ كَهْفِي حِينَ تُعْيِينِي الْمَذَاهِبُ فِي‏سَعَتِهَا وَتَضِيقُ بِيَ الْأَرْضُ بِرُحْبِهَا، وَلَوْ لاَ رَحْمَتُكَ لَكُنْتُ مِنَ الْهَالِكِينَ، وَأَنْتَ مُقِيلُ عَثْرَتِي، وَلَوْ لاَ سِتْرُكَ إِيَّايَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَفْضُوحِينَ، وَأَنْتَ‏ مُؤَيِّدِي بِالنَّصْرِ عَلَى أَعْدَائِي، وَلَوْ لاَ نَصْرُكَ إِيَّايَ لَكُنْتُ مِنَ الْمَغْلُوبِينَ، يَا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِالسُّمُوِّ وَالرِّفْعَةِ، فَأَوْلِيَاؤُهُ بِعِزِّهِ يَعْتَزُّونَ، يَا مَنْ جَعَلَتْ‏ لَهُ الْمُلُوكُ نِيرَ الْمَذَلَّةِ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ فَهُمْ مِنْ سَطَوَاتِهِ خَائِفُونَ، يَعْلَمُ ‏خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ، وَغَيْبَ مَا تَأْتِي بِهِ الْأَزْمِنَةُ وَالدُّهُورُ، يَا مَنْ لاَ يَعْلَمُ كَيْفَ هُوَ إِلاَّ هُوَ، يَا مَنْ لاَ يَعْلَمُ مَا هُوَ إِلاَّ هُوَ، يَا مَنْ كَبَسَ ‏الْأَرْضَ عَلَى الْمَاءِ وَسَدَّ الْهَوَاءَ بِالسَّمَاءِ، يَا مَنْ لَهُ أَكْرَمُ الْأَسْمَاءِ، يَا ذَاالْمَعْرُوفِ الَّذِي لاَ يَنْقَطِعُ أَبَداً، يَا مُقَيِّضَ الرَّكْبِ لِيُوسُفَ فِي الْبَلَدِ الْقَفْرِ، وَمُخْرِجَهُ مِنَ الْجُبِّ، وَجَاعِلَهُ بَعْدَ الْعُبُودِيَّةِ مَلِكاً، يَا رَادَّهُ عَلَى يَعْقُوبَ ‏بَعْدَ أَنْ اِبْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ، يَا كَاشِفَ الضُّرِّ وَالْبَلْوَى عَنْ‏أَيُّوبَ، وَمُمْسِكَ يَدَيْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ ذِبْحِ ابْنِهِ بَعْدَ كِبَرِ سِنِّهِ وَفَنَاءِ عُمْرِهِ، يَا مَنِ اسْتَجَابَ لِزَكَرِيَّا فَوَهَبَ لَهُ يَحْيَى وَلَمْ يَدَعْهُ فَرْداً وَحِيداً، يَا مَنْ أَخْرَجَ ‏يُونُسَ مِنْ بَطْنِ الْحُوتِ، يَا مَنْ فَلَقَ الْبَحْرَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَنْجَاهُمْ وَجَعَلَ‏ فِرْعَوْنَ وَجُنُودَهُ مِنَ الْمُغْرَقِينَ، يَا مَنْ أَرْسَلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ بَيْنَ يَدَيْ ‏رَحْمَتِهِ، يَا مَنْ لَمْ یُعَجِّلْ عَلَى مَنْ عَصَاهُ مِنْ خَلْقِهِ، يَا مَنِ اسْتَنْقَذَ السَّحَرَةَ مِنْ بَعْدِ طُولِ الْجُحُودِ، وَقَدْ غَدَوْا فِي نِعْمَتِهِ يَأْكُلُونَ رِزْقَهُ، وَيَعْبُدُونَ‏ غَيْرَهُ، وَقَدْ حَادُّوهُ، وَنَادُوهُ، وَكَذَّبُوا رُسُلَهُ، يَا اَللهُ، يَا اَللهُ ، يَا بَدِي‏ءُ، يَابَدِيعُ، لاَ نِدَّ لَكَ، يَا دَائِمُ لاَ نَفَادَ لَكَ، يَا حَيُّ حِينَ لاَ حَيَّ، يَا مُحْيِيَ ‏الْمَوْتَى، يَا مَنْ هُوَ قائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ، يَا مَنْ قَلَّ لَهُ شُكْرِي ‏فَلَمْ يَحْرِمْنِي، وَعَظُمَتْ خَطِيئَتِي فَلَمْ يَفْضَحْنِي وَرَآنِي عَلَى الْمَعَاصِي ‏فَلَمْ يَشْهَرْنِي، يَا مَنْ حَفِظَنِي فِي صِغَرِي، يَا مَنْ رَزَقَنِي فِي كِبَرِي، يَامَنْ أَيَادِيهِ عِنْدِي لاَ تُحْصَى، وَنِعَمُهُ لاَ تُجَازَى، يَا مَنْ عَارَضَنِي بِالْخَيْرِوَالْإِحْسَانِ، وَعَارَضْتُهُ بِالْإِسَاءَةِ وَالْعِصْيَانِ، يَا مَنْ هَدَانِي لِلْإِيمَانِ مِنْ‏قَبْلِ أَنْ أَعْرِفَ شُكْرَ الْإِمْتِنَانِ، يَا مَنْ دَعَوْتُهُ مَرِيضاً فَشَفَانِي، وَعُرْيَاناً فَكَسَانِي، وَجَائِعاً فَأَشْبَعَنِي، وَعَطْشَاناً فَأَرْوَانِي، وَذَلِيلاً فَأَعَزَّنِي، وَجَاهِلاً فَعَرَّفَنِي، وَوَحِيداً فَكَثَّرَنِي، وَغَائِباً فَرَدَّنِي، وَمُقِلاًّ فَأَغْنَانِي، وَمُنْتَصِراً فَنَصَرَنِي، وَغَنِيّاً فَلَمْ يَسْلُبْنِي، وَأَمْسَكْتُ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ ‏فَابْتَدَأَنِي، فَلَكَ الْحَمْدُ وَالشُّكْرُ، يَا مَنْ أَقَالَ عَثْرَتِي، وَنَفَّسَ كُرْبَتِي، وَأَجَابَ دَعْوَتِي، وَسَتَرَ عَوْرَتِي، وَغَفَرَ ذُنُوبِي، وَبَلَّغَنِي طَلِبَتِي، وَنَصَرَنِي عَلَى عَدُوِّي، وَإِنْ أَعُدَّ نِعَمَكَ وَمِنَنَكَ وَكَرَائِمَ مِنَحِكَ لاَأُحْصِيهَا، يَا مَوْلاَيَ، أَنْتَ الَّذِي أَنْعَمْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَحْسَنْتَ، أَنْتَ الَّذِي‏ أَجْمَلْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَفْضَلْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَكْمَلْتَ، أَنْتَ الَّذِي رَزَقْتَ، أَنْتَ ‏الَّذِي وَفَّقْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَعْطَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَغْنَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَقْنَيْتَ،أَنْتَ الَّذِي آوَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي كَفَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي هَدَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي ‏عَصَمْتَ، أَنْتَ الَّذِي سَتَرْتَ، أَنْتَ الَّذِي غَفَرْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَقَلْتَ، أَنْتَ ‏الَّذِي أَعْزَزْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَعَنْتَ، أَنْتَ الَّذِي عَضَدْتَ، أَنْتَ الَّذِي أَيَّدْتَ، أَنْتَ الَّذِي نَصَرْتَ، أَنْتَ الَّذِي شَفَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي عَافَيْتَ، أَنْتَ الَّذِي‏أَكْرَمْتَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، فَلَكَ الْحَمْدُ دَائِماً، وَلَكَ الشُّكْرُ وَاصِباً أَبَداً، ثُمَّ أَنَا يَا إِلَهِي، الْمُعْتَرِفُ بِذُنُوبِي فَاغْفِرْهَا لِي، أَنَا الَّذِي أَسَأْتُ، أَنَا الَّذِي‏ أَخْطَأْتُ، أَنَا الَّذِي هَمَمْتُ، أَنَا الَّذِي جَهِلْتُ، أَنَا الَّذِي غَفَلْتُ، أَنَا الَّذِي ‏سَهَوْتُ، أَنَا الَّذِي اِعْتَمَدْتُ، أَنَا الَّذِي تَعَمَّدْتُ، أَنَا الَّذِي وَعَدْتُ، أَنَا الَّذِي أَخْلَفْتُ، أَنَا الَّذِي نَكَثْتُ، أَنَا الَّذِي أَقْرَرْتُ، أَنَا الَّذِي اِعْتَرَفْتُ ‏بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَعِنْدِي، وَأَبُوءُ بِذُنُوبِي فَاغْفِرْهَا لِي، يَا مَنْ لاَ تَضُرُّهُ‏ ذُنُوبُ عِبَادِهِ، وَهُوَ الْغَنِيُّ عَنْ طَاعَتِهِمْ، وَالْمُوَفِّقُ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْهُمْ ‏بِمَعُونَتِهِ وَرَحْمَتِهِ، فَلَكَ الْحَمْدُ، إِلَهِي وَسَيِّدِي إِلَهِي أَمَرْتَنِي فَعَصَيْتُكَ، وَنَهَيْتَنِي فَارْتَكَبْتُ نَهْيَكَ، فَأَصْبَحْتُ لاَ ذَا بَرَاءَةٍ لِي فَأَعْتَذِرَ، وَلاَ ذَا قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرَ، فَبِأَيِّ شَيْ‏ءٍ أَسْتَقْبِلُكَ، يَا مَوْلاَيَ أَبِسَمْعِي، أَمْ بِبَصَرِي، أَمْ‏ بِلِسَانِي، أَمْ بِيَدِي، أَمْ بِرِجْلِي، أَلَيْسَ كُلُّهَا نِعَمَكَ عِنْدِي وَبِكُلِّهَا عَصَيْتُكَ ‏يَا مَوْلاَيَ، فَلَكَ الْحُجَّةُ وَالسَّبِيلُ عَلَيَّ، يَا مَنْ سَتَرَنِي مِنَ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ أَنْ يَزْجُرُونِي، وَمِنَ الْعَشَائِرِ وَالْإِخْوَانِ أَنْ يُعَيِّرُونِي، وَمِنَ ‏السَّلاَطِينِ أَنْ يُعَاقِبُونِي، وَلَوِ اطَّلَعُوا يَا مَوْلاَيَ عَلَى مَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ ‏مِنِّي، إِذًا مَا أَنْظَرُونِي وَلَرَفَضُونِي وَقَطَعُونِي، فَهَا أَنَا ذَا يَا إِلَهِي بَيْنَ ‏يَدَيْكَ يَا سَيِّدِي خَاضِعٌ ذَلِيلٌ حَصِيرٌ حَقِيرٌ، لاَ ذُو بَرَاءَةٍ فَأَعْتَذِرَ، وَلاَ ذُوقُوَّةٍ فَأَنْتَصِرَ، وَلاَ ذُو حُجَّةٍ فَأَحْتَجَّ بِهَا، وَلاَ قَائِلٌ لَمْ أَجْتَرِحْ وَلَمْ أَعْمَلْ‏ سُوءاً، وَمَا عَسَى الْجُحُودُ لَوْ جَحَدْتُ يَا مَوْلاَيَ يَنْفَعُنِي، كَيْفَ وَأَنَّی ذَلِكَ ‏وَجَوَارِحِي كُلُّهَا شَاهِدَةٌ عَلَيَّ بِمَا قَدْ عَمِلْتُ وَعَلِمتُ يَقِيناً غَيْرَ ذِي شَكٍّ إِنَّكَ‏ سَائِلِي عَنْ عَظَائِمِ الْأُمُورِ، وَإِنَّكَ الْحَكَمُ الْعَدْلُ الَّذِي لاَ تَجُورُ، وَعَدْلُكَ‏ مُهْلِكِي، وَمِنْ كُلِّ عَدْلِكَ مَهْرَبِي، فَإِنْ تُعَذِّبْنِي يَا إِلَهِي فَبِذُنُوبِي بَعْدَ حُجَّتِكَ عَلَيَّ، وَإِنْ تَعْفُ عَنِّي فَبِحِلْمِكَ وَجُودِكَ وَكَرَمِكَ، لاَ إِلهَ إِلاّ أَنْتَ‏ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ ‏الْمُسْتَغْفِرِينَ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْخَائِفِينَ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ‏ مِنَ الْوَجِلِينَ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الرَّاجِينَ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ ‏سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الرَّاغِبِينَ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ ‏الْمُهَلِّلِينَ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ السَّائِلِينَ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ‏ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ ‏الْمُكَبِّرِينَ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ رَبِّي وَرَبُّ آبَائِيَ الْأَوَّلِينَ.

أَللَّهُمَّ هَذَا ثَنَائِي عَلَيْكَ مُمَجِّداً، وَإِخْلاَصِي لِذِكْرِكَ مُوَحِّداً، وَإِقْرَارِي ‏بِآلاَئِكَ مُعَدِّداً، وَإِنْ كُنْتُ مُقِرّاً إِنِّي لَمْ أَحْصِهَا لِكَثْرَتِهَا وَسُبُوغِهَا وَتَظَاهُرِهَا وَتَقَادُمِهَا إِلَى حَادِثٍ مَا لَمْ تَزَلْ تَتَغَمَّدُنِي بِهِ مَعَهَا مُنْذُ خَلَقْتَنِي ‏وَبَرَأْتَنِي مِنْ أَوَّلِ الْعُمُرِ، مِنَ الْإِغْنَاءِ مِنَ الْفَقْرِ وَكَشْفِ الضُّرِّ، وَتَسْبِيبِ ‏الْيُسْرِ، وَدَفْعِ الْعُسْرِ، وَتَفْرِيجِ الْكَرْبِ وَالْعَافِيَةِ فِي الْبَدَنِ، وَالسَّلاَمَةِ فِي‏ الدِّينِ، وَلَوْ رَفَدَنِي عَلَى قَدْرِ ذِكْرِ نِعْمَتِكَ جَمِيعُ الْعَالَمِينَ مِنَ الْأَوَّلِينَ ‏وَالْآخِرِينَ، مَا قَدَرْتُ وَلاَ هُمْ عَلَى ذَلِكَ.

تَقَدَّسْتَ وَتَعَالَيْتَ مِنْ رَبٍّ كَرِيمٍ عَظِيمٍ رَحِيمٍ، لاَ تُحْصَى آلاَؤُكَ وَلاَيُبْلَغُ ثَنَاؤُكَ، وَلاَ تُكَافَى نَعْمَاؤُكَ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَتْمِمْ‏ عَلَيْنَا نِعَمَكَ، وَأَسْعِدْنَا بِطَاعَتِكَ، سُبْحَانَكَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ.

أَللَّهُمَّ إِنَّكَ تُجِيبُ الْمُضْطَرَّ، وَتَكْشِفُ السُّوءَ وَتُغِيثُ الْمَكْرُوبَ، وَتَشْفِي السَّقِيمَ، وَتُغْنِي الْفَقِيرَ، وَتَجْبُرُ الْكَسِيرَ، وَتَرْحَمُ الصَّغِيرَ، وَتُعِينُ الْكَبِيرَ، وَلَيْسَ دُونَكَ ظَهِيرٌ، وَلاَ فَوْقَكَ قَدِيرٌ، وَأَنْتَ الْعَلِيّ ‏الْكَبِيرُ، يَا مُطْلِقَ الْمُكَبَّلِ الْأَسِيرِ، يَا رَازِقَ الطِّفْلِ الصَّغِيرِ، يَا عِصْمَةَ الْخَائِفِ الْمُسْتَجِيرِ، يَا مَنْ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَلاَ وَزِيرَ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ ‏مُحَمَّدٍ، وَأَعْطِنِي فِي هَذِهِ الْعَشِيَّةِ أَفْضَلَ مَا أَعْطَيْتَ وَأَنَلْتَ أَحَداً مِنْ ‏عِبَادِكَ، مِنْ نِعْمَةٍ تُوَلِّيهَا، وَآلاَءٍ تُجَدِّدُهَا، وَبَلِيَّةٍ تَصْرِفُهَا، وَكُرْبَةٍ تَكْشِفُهَا، وَدَعْوَةٍ تَسْمَعُهَا، وَحَسَنَةٍ تَتَقَبَّلُهَا، وَسَيِّئَةٍ تَتَغَمَّدُهَا، إِنَّكَ‏ لَطِيفٌ بِمَا تَشَاءُ خَبِيرٌ، وَعَلَى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ.

أَللَّهُمَّ إِنَّكَ أَقْرَبُ مَنْ دُعِيَ، وَأَسْرَعُ مَنْ أَجَابَ وَأَكْرَمُ مَنْ عَفَا، وَأَوْسَعُ‏ مَنْ أَعْطَى، وَأَسْمَعُ مَنْ سُئِلَ، يَا رَحْمَانَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَرَحِيمَهُمَا، لَيْسَ كَمِثْلِكَ مَسْئُولٌ، وَلاَ سِوَاكَ مَأْمُولٌ، دَعَوْتُكَ فَأَجَبْتَنِي، وَسَأَلْتُكَ‏ فَأَعْطَيْتَنِي، وَرَغِبْتُ إِلَيْكَ فَرَحِمْتَنِي، وَوَثِقْتُ بِكَ فَنَجَّيْتَنِي، وَفَزِعْتُ‏إِلَيْكَ فَكَفَيْتَنِي.

أَللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَنَبِيِّكَ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ ‏الطَّاهِرِينَ أَجْمَعِينَ، وَتَمِّمْ لَنَا نَعْمَاءَكَ، وَهَنِّئْنَا عَطَاءَكَ، وَاكْتُبْنَا لَكَ ‏شَاكِرِينَ، وَلآِلاَئِكَ ذَاكِرِينَ، آمِينَ آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ.

أَللَّهُمَّ يَا مَنْ مَلَكَ فَقَدَرَ، وَقَدَرَ فَقَهَرَ، وَعُصِيَ فَسَتَرَ، وَاسْتَغْفَرَ فَغَفَرَ، يَا غَايَةَ الطَّالِبِينَ، وَمُنْتَهَى أَمَلِ الرَّاجِينَ، يَا مَنْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عِلْماً، وَوَسَّعَ الْمُسْتَقِيلِينَ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَحِلْماً.

أَللَّهُمَّ إِنَّا نَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ فِي هَذِهِ الْعَشِيَّةِ الَّتِي شَرَّفْتَهَا وَعَظَّمْتَهَا بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ وَرَسُولِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ، وَأَمِينِكَ عَلَى وَحْيِكَ، الْبَشِيرِ النَّذِيرِ، السِّرَاجِ الْمُنِيرِ، الَّذِي أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَجَعَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ.

أَللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ كَمَا مُحَمَّدٌ أَهْلٌ لِذَلِكَ مِنْكَ، يَا عَظِيمُ، فَصَلِّ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الْمُنْتَجَبِينَ الطَّاهِرِينَ أَجْمَعِينَ، وَتَغَمَّدْنَا بِعَفْوِكَ عَنَّا فَإِلَيْكَ عَجَّتِ الْأَصْوَاتُ بِصُنُوفِ اللُّغَاتِ، فَاجْعَلْ لَنَا أَللَّهُمَّ فِي‏ هَذِهِ الْعَشِيَّةِ نَصِيباً مِنْ كُلِّ خَيْرٍ تَقْسِمُهُ بَيْنَ عِبَادِكَ، وَنُورٍ تَهْدِي بِهِ‏ وَرَحْمَةٍ تَنْشُرُهَا، وَبَرَكَةٍ تُنْزِلُهَا، وَعَافِيَةٍ تُجَلِّلُهَا، وَرِزْقٍ تَبْسُطُهُ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

أَللَّهُمَّ اقْلِبْنَا فِي هَذَا الْوَقْتِ مُنْجِحِينَ مُفْلِحِينَ مَبْرُورِينَ غَانِمِينَ وَلاَ تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ، وَلاَ تُخْلِنَا مِنْ رَحْمَتِكَ، وَلاَ تَحْرِمْنَا مَا نُؤَمِّلُهُ مِنْ‏ فَضْلِكَ، وَلاَ تَجْعَلْنَا مِنْ رَحْمَتِكَ مَحْرُومِينَ، وَلاَ لِفَضْلِ مَا نُؤَمِّلُهُ مِنْ‏ عَطَائِكَ قَانِطِينَ، وَلاَ تَرُدَّنَا خَائِبِينَ، وَلاَ مِنْ بَابِكَ مَطْرُودِينَ، يَا أَجْوَدَ الْأَجْوَدِينَ، وَأَكْرَمَ الْأَكْرَمِينَ، إِلَيْكَ أَقْبَلْنَا مُوقِنِينَ وَلِبَيْتِكَ الْحَرَامِ آمِّينَ‏ قَاصِدِينَ فَأَعِنَّا عَلَى مَنَاسِكِنَا، وَأَكْمِلْ لَنَا حَجَّنَا، وَاُعْفُ أَللَّهُمَّ عَنَّا وَعَافِنَا، فَقَدْ مَدَدْنَا إِلَيْكَ أَيْدِيَنَا، فَهِيَ بِذِلَّةِ الاِعْتِرَافِ مَوْسُومَةٌ.

أَللَّهُمَّ فَأَعْطِنَا فِي هَذِهِ الْعَشِيَّةِ مَا سَأَلْنَاكَ، وَاكْفِنَا مَا اسْتَكْفَيْنَاكَ، فَلاَكَافِيَ لَنَا سِوَاكَ، وَلاَ رَبَّ لَنَا غَيْرُكَ، نَافِذٌ فِينَا حُكْمُكَ، مُحِيطٌ بِنَا عِلْمُكَ، عَدْلٌ فِينَا قَضَاؤُكَ، اِقْضِ لَنَا الْخَيْرَ وَاجْعَلْنَا مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ.

أَللَّهُمَّ أَوْجِبْ لَنَا بِجُودِكَ عَظِيمَ الْأَجْرِ، وَكَرِيمَ الذُّخْرِ، وَدَوَامَ الْيُسْرِ، وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا أَجْمَعِينَ، وَلاَ تُهْلِكْنَا مَعَ الْهَالِكِينَ، وَلاَ تَصْرِفْ عَنَّا رَأْفَتَكَ وَرَحْمَتَكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

أَللَّهُمَّ اجْعَلْنَا فِي هَذَا الْوَقْتِ مِمَّنْ سَأَلَكَ فَأَعْطَيْتَهُ، وَشَكَرَكَ فَزِدْتَهُ ‏وَتَابَ إِلَيْكَ فَقَبِلْتَهُ، وَتَنَصَّلَ إِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِهِ كُلِّهَا فَغَفَرْتَهَا لَهُ، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالْإِكْرَامِ.

أَللَّهُمَّ وَفِّقْنَا وَسَدِّدْنَا وَاقْبَلْ تَضَرُّعَنَا، يَا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ، وَيَا أَرْحَمَ مَنِ‏ اسْتُرْحِمَ، يَا مَنْ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ إِغْمَاضُ الْجُفُونِ، وَلاَ لَحْظُ الْعُيُونِ، وَ لاَ مَا اسْتَقَرَّ فِي الْمَكْنُونِ، وَلاَ مَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مُضْمَرَاتُ الْقُلُوبِ، أَلاَ كُلُّ ذَلِكَ ‏قَدْ أَحْصَاهُ عِلْمُكَ، وَوَسِعَهُ حِلْمُكَ، سُبْحَانَكَ وَتَعَالَيْتَ عَمَّا يَقُولُ‏ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيراً، تُسَبِّحُ لَكَ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرَضُونَ وَمَنْ ‏فِيهِنَّ، وَإِنْ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ وَالْمَجْدُ وَعُلُوُّ الْجَدِّيَا ذَا الْجَلاَلِ وَالْإِكْرَامِ، وَالْفَضْلِ وَالْإِنْعَامِ، وَالْأَيَادِي الْجِسَامِ، وَأَنْتَ ‏الْجَوَادُ الْكَرِيمُ، الرَّءُوفُ الرَّحِيمُ.

أَللَّهُمَّ أَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلاَلِ، وَعَافِنِي فِي بَدَنِي وَدِينِي، وَآمِنْ خَوْفِي وَأَعْتِقْ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، أَللَّهُمَّ لاَ تَمْكُرْ بِي، وَلاَتَسْتَدْرِجْنِي وَلاَ تَخْدَعْنِي، وَادْرَأْ عَنِّي شَرَّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ.

قال بشر وبشير ثمّ رفع‏ عليه السلام صوته وبصره إلى السّماء وعيناه قاطرتان كأنّها مزادتان وقال:

يَا أَسْمَعَ السَّامِعِينَ، وَيَا أَبْصَرَ النَّاظِرِينَ، وَيَا أَسْرَعَ الْحَاسِبِينَ، وَيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ السَّادَةِ الْمَيَامِينَ، وَأَسْئَلُكَ اللَّهُمَّ حَاجَتِيَ الَّتِي إِنْ أَعْطَيْتَنِيهَا لَمْ يَضُرَّنِي مَا مَنَعْتَنِي، وَإِنْ‏ مَنَعْتَنِيهَا لَمْ يَنْفَعْنِي مَا أَعْطَيْتَنِي، أَسْئَلُكَ فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ وَحْدَكَ لاَشَرِيكَ لَكَ، لَكَ الْمُلْكُ وَلَكَ الْحَمْدُ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ، يَا رَبِّ، يَارَبِّ.

قال بشر وبشير فلم يكن له‏ عليه السلام جهد إلاّ قوله يَا رَبِّ يَا رَبِّ بعد هذا الدّعاء وشغل من حضر ممّن كان حوله وشهد ذلك المحضر عن الدّعاء لأنفسهم وأقبلواعلى الاستماع له ‏عليه السلام والتّأمين على دعائه قد اقتصروا على ذلك لأنفسهم ثمّ علت‏أصواتهم بالبكاء معه وغربت الشّمس وأفاض‏عليه السلام وأفاض النّاس معه.(2)

إِلَهِي أَنَا الْفَقِيرُ  فِي غِنَايَ، فَكَيْفَ لاَ أَكُونُ فَقِيراً فِي فَقْرِي، إِلَهِي أَنَا الْجَاهِلُ فِي عِلْمِي فَكَيْفَ لاَ أَكُونُ جَهُولاً فِي جَهْلِي، إِلَهِي إِنَّ اخْتِلاَفَ‏ تَدْبِيرِكَ، وَسُرْعَةَ طَوَاءِ مَقَادِيرِكَ مَنَعَا عِبَادَكَ الْعَارِفِينَ بِكَ عَنِ السُّكُونِ ‏إِلَى عَطَاءٍ، وَالْيَأْسِ مِنْكَ فِي بَلاَءٍ، إِلَهِي مِنِّي مَا يَلِيقُ بِلُؤْمِي، وَمِنْكَ مَايَلِيقُ بِكَرَمِكَ، إِلَهِي وَصَفْتَ نَفْسَكَ بِاللُّطْفِ وَالرَّأْفَةِ لِي قَبْلَ وُجُودِ ضَعْفِي أَفَتَمْنَعُنِي مِنْهُمَا بَعْدَ وُجُودِ ضَعْفِي، إِلَهِي إِنْ ظَهَرَتِ الْمَحَاسِنُ ‏مِنِّي فَبِفَضْلِكَ، وَلَكَ الْمِنَّةُ عَلَيَّ، وَإِنْ ظَهَرَتِ الْمَسَاوِي مِنِّي فَبِعَدْلِكَ، وَلَكَ الْحُجَّةُ عَلَيَّ، إِلَهِي كَيْفَ تَكِلُنِي وَقَدْ تَكَفَّلْتَ لِي، وَكَيْفَ أُضَامُ‏ وَأَنْتَ النَّاصِرُ لِي، أَمْ كَيْفَ أَخِيبُ وَأَنْتَ الْحَفِيُّ بِي، هَا أَنَا أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ ‏بِفَقْرِي إِلَيْكَ، وَكَيْفَ أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِمَا هُوَ مَحَالٌ أَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ، أَمْ كَيْفَ ‏أَشْكُو إِلَيْكَ حَالِي وَ هُوَ لاَ يَخْفَى عَلَيْكَ، أَمْ كَيْفَ أُتَرْجِمُ بِمَقَالِي وَهُوَ مِنْكَ ‏بَرَزَ إِلَيْكَ، أَمْ كَيْفَ تُخَيِّبُ آمَالِي وَهِيَ قَدْ وَفَدَتْ إِلَيْكَ، أَمْ كَيْفَ لاَ تُحْسِنُ ‏أَحْوَالِي وَبِكَ قَامَتْ، يَا إِلَهِي مَا أَلْطَفَكَ بِي مَعَ عَظِيمِ جَهْلِي، وَمَا أَرْحَمَكَ بِي مَعَ قَبِيحِ فِعْلِي، إِلَهِي مَا أَقْرَبَكَ مِنِّي، وَقَدْ أَبْعَدَنِي عَنْكَ، وَمَا أَرْأَفَكَ بِي، فَمَا الَّذِي يَحْجُبُنِي عَنْكَ، إِلَهِي عَلِمْتُ بِاخْتِلَافِ الْآثَارِ، وَتَنَقُّلاَتِ الْأَطْوَارِ أَنَّ مُرَادَكَ مِنِّي أَنْ تَتَعَرَّفَ إِلَيَّ فِي كُلِّ شَيْ‏ءٍ، حَتَّى لاَ أَجْهَلَكَ فِي شَيْ‏ءٍ، إِلَهِي كُلَّمَا أَخْرَسَنِي لُؤْمِي أَنْطَقَنِي كَرَمُكَ، وَكُلَّمَا آيَسَتْنِي أَوْصَافِي أَطْمَعَتْنِي مِنَنُكَ، إِلَهِي مَنْ كَانَتْ مَحَاسِنُهُ مَسَاوِيَ‏ فَكَيْفَ لاَ يَكُونُ مَسَاوِيهِ مَسَاوِيَ، وَمَنْ كَانَتْ حَقَائِقُهُ دَعَاوِيَ فَكَيْفَ لاَتَكُونُ دَعَاوِيهِ دَعَاوِيَ، إِلَهِي حُكْمُكَ النَّافِذُ، وَمَشِيَّتُكَ الْقَاهِرَةُ لَمْ يَتْرُكَ الِذِي مَقَالٍ مَقَالاً وَلاَ لِذِي حَالٍ حَالاً، إِلَهِي كَمْ مِنْ طَاعَةٍ بَنَيْتُهَا، وَحَالَةٍ شَيَّدْتُهَا هَدَمَ اعْتِمَادِي عَلَيْهَا عَدْلُكَ، بَلْ أَقَالَنِي مِنْهَا فَضْلُكَ، إِلَهِي إِنَّكَ‏ تَعْلَمُ أَنِّي وَإِنْ لَمْ تَدُمِ الطَّاعَةُ مِنِّي فِعْلاً جَزْماً فَقَدْ دَامَتْ مَحَبَّةً وَعَزْماً، إِلَهِي كَيْفَ أَعْزِمُ وَأَنْتَ الْقَاهِرُ، وَكَيْفَ لاَ أَعْزِمُ وَأَنْتَ الْآمِرُ، إِلَهِي تَرَدُّدِي‏ فِي الْآثَارِ يُوجِبُ بُعْدَ الْمَزَارِ، فَاجْمَعْنِي عَلَيْكَ بِخِدْمَةٍ تُوصِلُنِي، إِلَيْكَ ‏كَيْفَ يُسْتَدَلُّ عَلَيْكَ بِمَا هُوَ فِي وُجُودِهِ مُفْتَقِرٌ إِلَيْكَ، أَيَكُونُ لِغَيْرِكَ مِنَ ‏الظُّهُورِ مَا لَيْسَ لَكَ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْمُظْهِرَ لَكَ، مَتَى غِبْتَ حَتَّى تَحْتَاجَ ‏إِلَى دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَيْكَ، وَمَتَى بَعُدْتَ حَتَّى تَكُونَ الْآثَارُ هِيَ الَّتِي تُوصِلُ ‏إِلَيْكَ، عَمِيَتْ عَيْنٌ لاَ تَزَالُ عَلَيْهَا رَقِيباً وَحَسَرَتْ صَفْقَةُ عَبْدٍ لَمْ تَجْعَلْ لَهُ‏مِنْ حُبِّكَ نَصِيباً، إِلَهِي أَمَرْتَ بِالرُّجُوعِ إِلَى الْآثَارِ فَارْجِعْنِي إِلَيْكَ بِكِسْوَةِ الْأَنْوَارِ وَهِدَايَةِ الْإِسْتِبْصَارِ، حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكَ مِنْهَا كَمَا دَخَلْتُ إِلَيْكَ مِنْهَا مَصُونَ السِّرِّ عَنِ النَّظَرِ إِلَيْهَا، وَمَرْفُوعَ الْهِمَّةِ عَنِ الْإِعْتِمَادِ عَلَيْهَا، إِنَّكَ‏ عَلَى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ، إِلَهِي هَذَا ذُلِّي ظَاهِرٌ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَهَذَا حَالِي لاَيَخْفَى عَلَيْكَ، مِنْكَ أَطْلُبُ الْوُصُولَ إِلَيْكَ، وَبِكَ أَسْتَدِلُّ عَلَيْكَ، فَاهْدِنِي‏ بِنُورِكَ إِلَيْكَ وَأَقِمْنِي بِصِدْقِ الْعُبُودِيَّةِ بَيْنَ يَدَيْكَ، إِلَهِي عَلِّمْنِي مِنْ‏ عِلْمِكَ الْمَخْزُونِ، وَصُنِّي بِسِرِّكَ الْمَصُونِ، إِلَهِي حَقِّقْنِي بِحَقَائِقِ أَهْلِ ‏الْقُرْبِ، وَاسْلُكْ بِي مَسْلَكَ أَهْلِ الْجَذْبِ، إِلَهِي أَقِمْنِي بِتَدْبِيرِكَ لِي عَنْ ‏تَدْبِيرِي، وَاخْتِيَارِكَ لِي عَنِ اخْتِيَارِي، وَأَوْقِفْنِي عَلَى مَرَاكِزِ اضْطِرَارِي، إِلَهِي أَخْرِجْنِي مِنْ ذُلِّ نَفْسِي، وَطَهِّرْنِي مِنْ شَكِّي وَشِرْكِي قَبْلَ حُلُولِ ‏رَمْسِي، بِكَ أَنْتَصِرُ فَانْصُرْنِي، وَعَلَيْكَ أَتَوَكَّلُ فَلاَ تَكِلْنِي، وَإِيَّاكَ أَسْأَلُ ‏فَلاَ تُخَيِّبْنِي، وَفِي فَضْلِكَ أَرْغَبُ فَلاَ تَحْرِمْنِي، وَبِجَنَابِكَ أَنْتَسِبُ فَلاَ تَبْعُدْنِي، وَبِبَابِكَ أَقِفُ فَلاَ تَطْرُدْنِي، إِلَهِي تَقَدَّسَ رِضَاكَ أَنْ تَكُونَ لَهُ‏ عِلَّةٌ مِنْكَ فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ عِلَّةٌ مِنِّي، إِلَهِي أَنْتَ الْغَنِيُّ بِذَاتِكَ أَنْ يَصِلَ ‏إِلَيْكَ النَّفْعُ مِنْكَ، فَكَيْفَ لاَ تَكُونُ غَنِيّاً عَنِّي، إِلَهِي إِنَّ الْقَضَاءَ وَالْقَدَرَ يُمَنِّينِي، وَإِنَّ الْهَوَاءَ بِوَثَائِقِ الشَّهْوَةِ أَسَرَنِي، فَكُنْ أَنْتَ النَّصِيرَ لِي حَتَّى‏تَنْصُرَنِي وَتُبَصِّرَنِي، وَأَغْنِنِي بِفَضْلِكَ حَتَّى أَسْتَغْنِيَ بِكَ عَنْ طَلَبِي، أَنْتَ ‏الَّذِي أَشْرَقْتَ الْأَنْوَارَ فِي قُلُوبِ أَوْلِيَائِكَ حَتَّى عَرَفُوكَ وَوَحَّدُوكَ وَأَنْتَ ‏الَّذِي أَزَلْتَ الْأَغْيَارَ عَنْ قُلُوبِ أَحِبَّائِكَ حَتَّى لَمْ يُحِبُّوا سِوَاكَ وَلَمْ يَلْجَئُوا إِلَى غَيْرِكَ، أَنْتَ الْمُونِسُ لَهُمْ حَيْثُ أَوْحَشَتْهُمُ الْعَوَالِمُ، وَأَنْتَ الَّذِي ‏هَدَيْتَهُمْ حَيْثُ اسْتَبَانَتْ لَهُمُ الْمَعَالِمُ، مَاذَا وَجَدَ مَنْ فَقَدَكَ، وَمَا الَّذِي فَقَدَ مَنْ وَجَدَكَ، لَقَدْ خَابَ مَنْ رَضِيَ دُونَكَ بَدَلاً، وَلَقَدْ خَسِرَ مَنْ بَغَى عَنْكَ مُتَحَوِّلاً، كَيْفَ يُرْجَى سِوَاكَ وَأَنْتَ مَا قَطَعْتَ الْإِحْسَانَ، وَكَيْفَ يَطْلُبُ مِنْ ‏غَيْرِكَ، وَأَنْتَ مَا بَدَّلْتَ عَادَةَ الْإِمْتِنَانِ، يَا مَنْ أَذَاقَ أَحِبَّاءَهُ حَلاَوَةَ الْمُؤَانَسَةِ فَقَامُوا بَيْنَ يَدَيْهِ مُتَمَلِّقِينَ، وَيَا مَنْ أَلْبَسَ أَوْلِيَاءَهُ مَلاَبِسَ هَيْبَتِهِ‏ فَقَامُوا  بَيْنَ يَدَيْهِ مُسْتَغْفِرِينَ، أَنْتَ الذَّاكِرُ قَبْلَ الذَّاكِرِينَ، وَأَنْتَ الْبَادِي ‏بِالْإِحْسَانِ قَبْلَ تَوَجُّهِ الْعَابِدِينَ، وَأَنْتَ الْجَوَادُ بِالْعَطَاءِ قَبْلَ طَلَبِ ‏الطَّالِبِينَ، وَأَنْتَ الْوَهَّابُ ثُمَّ لِمَا وَهَبْتَ لَنَا مِنَ الْمُسْتَقْرِضِينَ، إِلَهِي ‏اطْلُبْنِي بِرَحْمَتِكَ حَتَّى أَصِلَ إِلَيْكَ، وَاجْذِبْنِي بِمَنِّكَ حَتَّى أُقْبِلَ عَلَيْكَ، إِلَهِي إِنَّ رَجَائِي لاَ يَنْقَطِعُ عَنْكَ وَإِنْ عَصَيْتُكَ، كَمَا أَنَّ خَوْفِي لاَ يُزَايِلُنِي‏ وَإِنْ أَطَعْتُكَ، فَقَدْ رَفَعَتْنِي الْعَوَالِمُ إِلَيْكَ، وَقَدْ أَوْقَعَنِي عِلْمِي بِكَرَمِكَ‏ عَلَيْكَ، إِلَهِي كَيْفَ أَخِيبُ وَأَنْتَ أَمَلِي، أَمْ كَيْفَ أُهَانُ وَعَلَيْكَ مُتَّكَلِي، إِلَهِي كَيْفَ أَسْتَعِزُّ وَفِي الذِّلَّةِ أَرْكَزْتَنِي، أَمْ كَيْفَ لاَ أَسْتَعِزُّ وَإِلَيْكَ نَسَبْتَنِي، إِلَهِي كَيْفَ لاَ أَفْتَقِرُ وَأَنْتَ الَّذِي فِي الْفُقَرَاءِ أَقَمْتَنِي، أَمْ كَيْفَ أَفْتَقِرُ وَأَنْتَ ‏الَّذِي بِجُودِكَ أَغْنَيْتَنِي، وَأَنْتَ الَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُكَ، تَعَرَّفْتَ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ فَمَا جَهِلَكَ شَيْ‏ءٌ، وَأَنْتَ الَّذِي تَعَرَّفْتَ إِلَيَّ فِي كُلِّ شَيْ‏ءٍ فَرَأَيْتُكَ ظَاهِراً فِي ‏كُلِّ شَيْ‏ءٍ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ، يَا مَنِ اسْتَوَى بِرَحْمَانِيَّتِهِ فَصَارَ الْعَرْشُ غَيْباً فِي ذَاتِهِ، مَحَقْتَ الْآثَارَ بِالْآثَارِ، وَمَحَوْتَ الْأَغْيَارَ بِمُحِيطَاتِ أَفْلاَكِ الْأَنْوَارِ، يَا مَنِ احْتَجَبَ فِي سُرَادِقَاتِ عَرْشِهِ عَنْ أَنْ ‏تُدْرِكَهُ الْأَبْصَارُ، يَا مَنْ تَجَلَّى بِكَمَالِ بَهَائِهِ فَتَحَقَّقَتْ عَظَمَتُهُ الْإِسْتِوَاءَ، كَيْفَ تَخْفَى وَأَنْتَ الظَّاهِرُ، أَمْ كَيْفَ تَغِيبُ وَأَنْتَ الرَّقِيبُ الْحَاضِرُ، إِنَّكَ ‏عَلَى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ.(3)

أقول: قد أورد الكفعميّ ‏رحمه الله أيضاً هذا الدّعاء في البلد الأمين(4) وابن طاووس في‏ مصباح الزائر كما سبق ذكرهما، ولكن ليس فى آخره فيهما بقدر ورق تقريباً وهومن قوله «إلهي أنا الفقير في غناي» إلى آخر هذا الدعاء، وكذا لم يوجد هذه الورقة في بعض النسخ العتيقة من الاقبال أيضاً، وعبارات هذه الورقة لا تلائم سياق ‏أدعية السّادة المعصومين أيضاً وإنّما هي على وفق مذاق الصّوفيّة، ولذلك قد مال ‏بعض الأفاضل إلى كون هذه الورقة من مزيدات بعض مشايخ الصوفيّة ومن ‏إلحاقاته وإدخالاته.

وبالجملة هذه الزيادة إمّا وقعت من بعضهم أولاً في بعض الكتب، وأخذ ابن‏ طاووس عنه في الاقبال غفلة عن حقيقة الحال، أو وقعت ثانياً من بعضهم في ‏نفس كتاب الاقبال، ولعلّ الثاني أظهر على ما أومأنا إليه من عدم وجدانها في ‏بعض النسخ العتيقة، وفي مصباح الزائر، والله أعلم بحقايق الأحوال.(5)

 

(1) سورة إبراهيم: 34.

(2) البلد الأمين: 352، زاد المعاد: 260، وفي إقبال الأعمال: 651، مفتاح الجنّات: 323/3، وأبواب الجنان وبشائرالرضوان: 718، وعمدة الزائر في الأدعية والزيارات بزيادة.

(3) إقبال الأعمال: 651.

(4) البلد الأمين: 352.

(5) بحارالأنوار: 216/98.

 

 

 

    زيارة : 2694
    اليوم : 0
    الامس : 111124
    مجموع الکل للزائرین : 134634750
    مجموع الکل للزائرین : 93073657