الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
(5) الدعاء في يوم عاشوراء من بُعد

(5)

الدعاء في يوم عاشوراء من بُعد

 عن عبدالله بن سنان قال: دخلت على مولاي أبي عبدالله جعفر بن محمّد عليه السلام ‏يوم عاشوراء وهو متغيّر اللّون ودموعه تنحدر على خدّيه كالّلؤلؤ، فقلت له: ياسيّدي ممّا بكاؤك، لا أبكى الله عينيك، فقال لي: اما علمت انّ في مثل هذا اليوم‏ أصيب الحسين ‏عليه السلام؟ فقلت: بلى يا سيدي وانّما أتيتك مقتبس منك فيه علما ومستفيد منك لتفيدني فيه، قال: سل عمّا بدا لك وعمّا شئت.

فقلت: ما تقول يا سيّدي في صومه؟ قال: صمه من غير تبیيت وافطره من غير تشميت ولا تجعله يوما كاملا، ولكن افطر بعد العصر بساعة ولو بشربة من ماء، فانّ في ذلك الوقت من ذلك اليوم تجلّت الهيجاء عن آل الرسول عليه وعليهم ‏السلام، وانكشفت الملحمة عنهم وفي الأرض منهم ثلاثون صريعا يعزّ على‏ رسول الله صلّى الله عليه و آله مصرعهم.

قال: ثمّ بكى بكاء شديدا حتى اخضلّت لحيته بالدّموع وقال: أتدري أيّ يوم كان ذلك اليوم؟ قلت: انت اعلم به منّي يا مولاي، قال:

انّ اللَّه عزّوجلّ خلق النّور يوم الجمعة في أوّل يوم من شهر رمضان، وخلق ‏الظلمة في يوم الأربعاء يوم عاشوراء، وجعل لكلّ منهما شرعة ومنهاجا، يا عبدالله بن سنان أفضل ما تأتي به هذا اليوم ان تعمد إلى ثياب طاهرة فتلبسها وتحلّ ازرارك وتكشف عن ذراعيك وعن ساقيك، ثمّ تخرج إلى أرض مغفّرة حيث لا يراك أحدٌ أو في دارك حين يرتفع النّهار.

وتصلّي أربع ركعات تسلّم بين كلّ ركعتين، تقرأ في الركعة الأولى سورة «الحمد» و «قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ»، وفي الثانية سورة الحمد و«قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ»، وفي الثالثة سورة الحمد وسورة الأحزاب، وفي الرابعة الحمد والمنافقين.

ثمّ تسلّم وتحوّل وجهك نحو قبر أبي عبدالله عليه السلام وتمثّل بين يديك مصرعه، وتفرغ ذهنك وجميع بدنك وتجمع له عقلك، ثمّ تلعن قاتله ألف مرّة يكتب لك ‏بكلّ لعنة ألف حسنة، ويمحى عنك ألف سيئة، ويرفع لك ألف درجة في الجنّة، ثمّ تسعى من الموضع الذي صلّيت فيه سبع مرّات، و أنت تقول في كلّ مرّة من‏سعيك: إِنَّا لِله وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ رِضَا بِقَضاءِ اللهِ وَتَسْلِيما لِأَمْرِهِ - سبع مرات، وأنت ‏في كلّ ذلك عليك الکآبة والحزن ثاكلا حزينا متأسّفا.

فإذا فرغت من ذلك وقفت في موضعك الّذي صلّيت فيه وقلت سبعين مرة:

أَللَّهُمَّ عَذِّبِ الَّذِينَ حارَبُوا رُسُلَكَ وَشاقُّوكَ، وَعَبَدُوا غَيْرَكَ‏ وَاسْتَحَلُّوا مَحارِمَكَ، وَالْعَنِ الْقادَةَ وَالْأَتْبَاعَ، وَمَنْ كانَ مِنْهُمْ وَمَنْ رَضِيَ‏ بِفِعْلِهِمْ لَعْناً كَثِيراً.

ثمّ تقول:

أَللَّهُمَّ فَرِّجْ عَنْ أَهْلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، وَاسْتَنْقِذْهُمْ مِنْ أَيْدِي الْمُنافِقِينَ وَالْكُفّارَ وَالْجاحِدِينَ، وَامْنُنْ عَلَيْهِمْ، وَافْتَحْ لَهُمْ فَتْحاً يَسِيراً، وَاجْعَلْ لَهُمْ مِنْ لَدُنْكَ عَلَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ‏ سُلْطاناً نَصِيراً.

ثمّ اقنت بعد الدّعاء وقل في قنوتك:

أَللَّهُمَّ إِنَّ الأُمَّةَ خالَفَتِ الْأَئِمَّةَ وَكَفَرُوا بِالْكَلِمَةِ، وَأَقامُوا عَلَى الضَّلالَةِ وَالْكُفْرِ وَالرَّدى وَالْجَهالَةِ وَالْعِمَى، وَهَجَرُوا الْكِتَابَ الَّذِي أَمَرْتَ ‏بِمَعْرِفَتِهِ، وَالْوَصِيَّ الَّذِي أَمَرْتَ بِطاعَتِهِ، فَأَمَاتُوا الْحَقَّ وَعَدَلُوا عَنِ‏ الْقِسْطِ، وَأَضَلُّوا الأُمَّةَ عَنِ الْحَقِّ وَخالَفُوا السُّنَّةَ، وَبَدَّلُوا الْكِتَابَ وَمَلَكُواالأَحْزابَ، وَكَفَرُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ وَتَمَسَّكُوا بِالْبَاطِلِ، وَضَيَّعُوا الْحَقّ وَأَضَلُّوا خَلْقَكَ، وَقَتَلُوا أَوْلادَ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَخِيَرَةَ عِبادِكَ ‏وَأَصْفِيَاءِكَ، وَحَمَلَةَ عَرْشِكَ، وَخَزَنَةَ سِرِّكَ، وَمَنْ جَعَلْتَهُمْ الْحُكَّامَ فِي‏ سَمَاواتِكَ وَأَرْضِكَ.

أَللَّهُمَّ فَزَلْزِلْ أَقْدامَهُمْ، وَأَخْرِبْ دِيارَهُمْ، وَاكْفُفْ سِلاَحَهُمْ وَأَيْدِيَهُمْ، وَأَلْقِ الْإِخْتِلاَفَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَأَوْهِنْ كَيْدَهُمْ، وَاضْرِبْهُمْ بِسَيْفِكَ الصّارِمِ‏ وَحَجَرِكَ الدَّامِغِ، وَطَمِّهِمْ بِالْبَلاَءِ طَمَّاً، وَارْمِهِمْ بِالْبَلاَءِ رَمْياً، وَعَذِّبْهُمْ ‏عَذَاباً شَدِيداً نُكْراً، وَارْمِهِمْ بِالْغَلاَءِ، وَخُذْهُمْ بِالسِّنِينَ الَّذِي أَخَذْتَ بِهَا أَعْدَاءَكَ، وَأَهْلِكْهُمْ بِمَا أَهْلَكْتَهُمْ بِهِ، أَللَّهُمَّ وَخُذْهُمْ أَخْذَ الْقُرَى وَهِيَ‏ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهَا أَلِيمٌ شَدِيدٌ.

أَللَّهُمَّ إِنَّ سُبُلَكَ ضائِعَةٌ، وَأَحْكامَكَ مُعَطَّلَةٌ، وَأَهْلَ نَبِيِّكَ فِي الأَرْضِ‏ هائِمَةٌ كَالْوَحْشِ السَّائِمَةِ، أَللَّهُمَّ أَعْلِ الْحَقَّ وَاسْتَنْقِذِ الْخَلْقَ، وَامْنُنْ عَلَيْنا بِالنَّجاةِ وَاهْدِنا لِلاِْيمَانِ، وَعَجِّلْ فَرَجَنَا بِالْقَائِمِ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَاجْعَلْهُ لَنا رِدْءاً، وَاجْعَلْنَا لَهُ رِفْداً.

أَللَّهُمَّ وَأَهْلِكْ مَنْ جَعَلَ قَتْلَ أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكَ عِيداً، وَاسْتَهَلَّ فَرَحاً وَسُرُوراً، وَخُذْ آخِرَهُمْ بِمَا أَخَذْتَ بِهِ أَوَّلَهُمْ، أَللَّهُمَّ أَضْعِفِ الْبَلاَءَ وَالْعَذَابَ وَالتَّنْكِيلَ عَلَى الظَّالِمِينَ مِنَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ، وَعَلَى ظَالِمِي آلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، وَزِدْهُمْ نَكَالاً وَلَعْنَةً، وَأَهْلِكْ ‏شِيعَتَهُمْ وَقادَتَهُمْ وَجَمَاعَتَهُمْ، أَللَّهُمَّ ارْحَمِ الْعِتْرَةِ الضَّائِعَةِ الْمَقْتُولَةِ الْذَّلِيلَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ الطَّيِّبَةِ الْمُبارَكَةِ.

أَللَّهُمَّ أَعْلِ كَلِمَتَهُمْ، وَأَفْلِجْ حُجَّتَهُمْ، وَثَبِّتْ قُلُوبَهُمْ وَقُلُوبَ شِيعَتِهِمْ‏ عَلَى مُوَالاَتِهِمْ، وَانْصُرْهُمْ وَأَعِنْهُمْ وَصَبِّرْهُمْ عَلَى الأذَى فِي جَنْبِكَ، وَاجْعَلْ لَهُمْ أَيَّاماً مَشْهُوداً وَأَيَّاماً مَعْلُومَةً، كَما ضَمِنْتَ لِأَوْلِياءِكَ فِي ‏كِتَابِكَ الْمُنْزَلِ، فَإِنَّكَ قُلْتَ: «وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ‏لِيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ ‏دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً»(1) .

أَللَّهُمَّ أَعْلِ كَلِمَتَهُمْ يَا لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، يَا لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، يَا لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، فَإِنِّي عَبْدُكَ الْخائِفُ مِنْكَ وَالرَّاجِعُ ‏إِلَيْكَ، وَالسَّائِلُ لَدَيْكَ وَالْمُتَوَكِّلُ عَلَيْكَ، وَاللاَّجِئُ  بِفِنَاءِكَ، فَتَقَبَّلْ دُعَائِي ‏وَاسْمَعْ نَجْوَايَ، وَاجْعَلْنِي مِمَّنْ رَضِيتَ عَمَلَهُ وَهَدَيْتَهُ، وَقَبِلْتَ نُسُكَهُ‏ وَانْتَجَبْتَهُ، بِرَحْمَتِكَ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْوَهَّابُ.

أَسْئَلُكَ يَا اَلله بِلاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ أَلا تُفَرِّقَ بَيْنِي وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ وَالْأَئِمَّةِ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنْ شِيعَةِ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ - وتذكرهم واحداً واحداً بأسمائهم إلى القائم ‏عليه السلام - وَأَدْخِلْنِي فِيما أَدْخَلْتَهُمْ فِيهِ‏ وَأَخْرِجْنِي مِمَّا أَخْرَجْتَهُمْ مِنْهُ.

ثمّ عفّر خدّيك على الأرض وقل:

يا مَنْ يَحْكُمُ بِمَا يَشَاءُ وَيَعْمَلُ ما يُرِيدُ، أَنْتَ حَكَمْتَ فِي أَهْلِ بَيْتِ ‏مُحَمَّدٍ مَا حَكَمْتَ، فَلَكَ الْحَمْدُ مَحْمُوداً مَشْكُوراً، وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ ‏وَفَرَجَنَا بِهِمْ، فَإِنَّكَ ضَمِنْتَ إِعْزَازَهُمْ بَعْدَ الذِّلَّةِ، وَتَكْثِيرَهُمْ بَعْدَ الْقِلَّةِ، وَإظْهارَهُمْ بَعْدَ الْخُمُولِ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

أَسْئَلُكَ يَا إِلَهِي وَسَيِّدِي بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ أَنْ تُبَلِّغَنِي أَمَلِي وَتَشْكُرَ قَلِيلَ عَمَلِي، وَأَنْ تَزِيدَ فِي أَيَّامِي، وَتُبَلِّغَنِي ذَلِكَ الْمَشْهَدَ، وَتَجْعَلَنِي مِنَ ‏الَّذِينَ دُعِيَ فَأَجابَ إِلَى طَاعَتِهِمْ وَمُوَالاَتِهِمْ، وَأَرِنِي ذَلِكَ قَرِيباً سَرِيعاً إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ.

 وارفع رأسك إلى السماء فانّ ذلك أفضل من حجة وعمرة، واعلم انّ الله عزّوجلّ يعطي من صلّى هذه الصلاة في ذلك اليوم ودعا بهذا الدعاء عشر خصال: منها انّ الله تعالى يوقيه من ميتة السوء، ولا يعاون عليه عدوا إلى أن يموت، ويوقيه من المكاره والفقر ويؤمنه الله من الجنون والجذام، ويؤمن ولده من ذلك ‏إلى أربع اعقاب، ولا يجعل للشيطان ولا لأوليائه عليه سبيلا، قال: قلت:

اَلْحَمْدُ لِله الَّذِي مَنَّ عَلَيَّ بِمَعْرِفَتِكُمْ وَمَعْرِفَةِ حَقِّكُمْ وَأَدَاءِ مَا افْتَرَضَ لَكُمْ بِرَحْمَتِهِ‏ وَمَنِّهِ وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.(2)

 


(1) النور: 55.

(2) اقبال الأعمال: 42.

 

 

 

    زيارة : 2668
    اليوم : 60710
    الامس : 89977
    مجموع الکل للزائرین : 136066306
    مجموع الکل للزائرین : 93883313