الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
قدرة وعظمة العقل

 قدرة وعظمة العقل

  الآن وبعد أن تطرقنا إلى بحث القدرات العظيمة للعقل نقول : إنّ الإنسانيّة لم تتمكّن وإلى يومنا هذا من توظيف عقولها وإيصالها إلى غاية إستعمالها .

  وأذعن الكثير من المفكّرين والكتّاب عن عجزهم وعدم قدرتهم من الإستفادة من جميع القوى العظيمة للعقل ، ونأتي هنا إلى ذكر عدد من تلك الإعترافات :

  ... يستعمل عقلنا بشكله الطبيعي جزء قليل من قدراته ، ومن المؤسف أن نستفيد أحياناً من تلك القدرات ، مع أنّ هناك إختيارات وقدرات عظيمة جدّاً ، وضعت تحت تصرّف كلّ إنسان... .(24)

  يمكن إصابة كبد الحقيقة إذا قلنا : إنّ الإنسان ومع كلّ هذا التّألّق والإستعداد ، فإنّه لايستعمل طوال عمره أكثر من واحد بالمليار من قوى عقله .(25)

  لايوجد أدنى شكّ ، إنّنا إلى الآن لانعلم ماذا يجري في عقولنا الواسعة - هذا العالم الخفي في وجود الإنسان - حين حصول عمليّة الإبداع والتّفكير والعمل .

  على أيّ حال ، فإنّ الأساليب التّجربيّة وبجانبها التّحقيقات والدّراسات الّتي أنجزت وضعت معلومات كثيرة تحت تصرّفنا بخصوص ذلك البناء العقلي للإنسان وأساليب تفكيره ، وسهلت وساعدت كثيراً لتحديد مقايس عديدة ، وأقلّها تشخيص وتعيّن طرق لأجل السّيطرة على قسم من العمليّات الذهنيّة .(26)

  ويوضح هذا الموضوع وجود قدرات عظيمة في العقل الإنساني وعدم الإستفادة الكاملة منها ، وهذا هو الإبتلاء الحقيقي للإنسان في عصرنا الحاضر .

  ومن المؤكّد فإنّ تلك القوى والطّاقات الخفيّة الكامنة في عقول الإنسانيّة ستتجلّى وتصل إلى الكمال المنشود في العصر الّذي تظلّل فيه الرّحمة الإلهيّة جميع البشريّة ، وتمسح وتلاطف اليد العظيمة والمباركة للإمام وليّ اللَّه الأعظم عجّل اللَّه تعالى فرجه على رؤوس الإنسانيّة المعذّبة والمحرومة في عصر الغيبة .

  «إنّ أوعية الدّماغ الّتي هي مكان إستقرار الأفكار ومخزن الذّكريّات وجميع الأنشطة الفكريّة كالعقيدة والهدفيّة والقيود والآمال كلّها تتشكّل من العوامل الأصليّة لخلايا صغيرة جدّاً لايتجاوز عددها من 10 إلى 13 مليار خليّة ، وكلّ واحدة منها تشبه جذور ورقة الشّجر ، حيث تتبادل عمليّة إنتقال الإيعازات الكهربائيّة بينها .

  ولا شكّ في أنّ عمليّة التّفكير والذّكريّات ، هي من عمل تلك العوامل الّتي هي دوماً في إرتباط مباشر بعضها مع البعض الآخر .

  أثبتت التّجربة العمليّة أنّ أكثر البشر نبوغاً لايصرف سوى مقدار صغير من تلك الذّخائر .»(27)

  ويتشكّل دماغ الإنسان من أربعة عشر مليار خليّة عصبيّة ، وإذا أخذنا بنظر الإعتبار أنّ كلّ خليّة لها خمسة آلاف إرتباط مع بقيّة الخلايا الأخرى ، ويمكن أن يقع هذا الإرتباط وسط الخليّة في مختلف الحالات ، ففي هذه الحالة فإنّ عدد الحالات والدّرجات المتحرّرة من خلايا الدّماغ بالقوّة ستفوق حدود تصوّر الإنسان .

  ويمكن القول : إنّ كلّ إنسان سواء أكان عادّياً أم أنّه من النّوابغ ، فإنّه لايستعمل طوال فترة حياته سوى واحد بالمليار من طاقة دماغه .

  وإذا تمّ إستعمال الواحد بالمليار من طاقة وقدرة كلّ الدّماغ ، سواء كان الشّخص نابغة أم شخصاً عادّياً ، فسوف يشاهد أنّ هناك فرقاً بينهما ، وهذا الفرق والإختلاف يكون كيفيّاً وليس كمّياً .(28)

  الآن وبعد أن علمتم إنّ جميع الأشخاص يستعملون مقداراً قليلاً من أدمغتهم إليكم هذا التقرير :

  «تعمل ذاكرة الحاسوب الّتي تقع في نواته المركزيّة ، بواسطة مليون خليّة معلوماتيّة ، يطلق عليه في مصطلح الحاسوب إسم «بايت» .

  ولا شكّ فإنّ عمل دماغ الإنسان يشبه إلى حدّ كبير عمل هذا الجهاز ، إذ أنّه يخزن أجزاء من الحافظة والخلايا العصبيّة للمعلومات ويهيّئها ، ويقوم الطّفل في المهد في هذا العمل حتّى بشكل لا شعوري . بالطبع ، فنحن نختزن ونحفظ على مدى حياتنا الكثير من المعلومات ، ما تمكّننا من الإستفادة منها في الأيّام الّتي نحتاج إليها ، ويندر أن نقبل أنّ دماغنا لايطمئن بحافظته العلميّة .

  إنّنا إذا أجرينا مقايسة بسيطة بين عمل دماغ الإنسان وبين جهاز الحاسوب ، نرى أن النّواة المركزيّة للحاسوبات المتطورّة تعمل مع أنواع مختلفة من الأوامر تقدر بنحو عشرة ملايين أمر ، ويمكن حفظ عناصر أكثر من خلال الإتصال بين مفتاح الذّخيرة ، بينما نشاهد أنّ دماغ الإنسان يعمل بواسطة خمسة عشر مليار خليّة منتظمة .

  إذن ؛ لماذا لايكون من حقّنا أن نسأل : ما هو الدّاعي إلى الإطمئنان إلى الحاسوب أكثر من دماغ الإنسان ؟ ومع أنّ تسعة أعشار من الأدمغة خالية والحاسوب يتملّك كلّ معلوماته ؟»(29)

  يمكن بصعوبة فائقة تصديق أنّ دماغ الإنسان فيه خمسة عشر مليار خليّة وأنّه يحفظ جميع الأحداث والوقائع الّتي تمرّ عليه منذ اللّحظة الأولى من عمره وإلى آخر لحظة منه .

  وكذلك فإنّ الدّماغ له القدرة على تسجيل كلّما يقال أو يسمع أو يشاهد أو يفعل في مكانه المخصوص.(30)

  ويظهر في المراحل الأخيرة من عمر الإنسان شريط أمام عينه سيردّ عليه جميع ما قام به من أعمال وأفعال . وهذه حقيقة شخّصها لنا أهل الوحي والرسالة عليهم السلام، والّذين هم شهود على خلقنا . ولهذا الدّليل لايوجد لدينا أيّ شكّ في القدرات غير المعروفة للدّماغ ، وإزدهارها في عصر الظّهور العظيم ، والإذعان بكلّ ما قاله الأئمّة الأطهار عليهم السلام بدون أيّة زيادة أو نقصان .


24) تعرّف على قدراتك : 14 .

25) تعرّف على قدراتك : 32 .

26) تعرّف على قدراتك : 17 .

27) نسخة عطّار : 134 .

28) تعرّف على قدراتك : 347 .

29) العودة إلى النّجوم : 76 .

30) عندما حرّك الباحث المشهور في دماغ الإنسان «و .ج بنفيلد» منطقة من المخّ بواسطة الكهرباء ، فقد تذكّر المريض جميع الجزئيّات المتعلّقة بالحقبة الماضية . (تعرّف على قدراتك : 121)

 

 

 

 

 

 

    زيارة : 7728
    اليوم : 0
    الامس : 88190
    مجموع الکل للزائرین : 132439204
    مجموع الکل للزائرین : 91827376