شابّ مذنب ، لكنّه من
الموالين والمحبّين للإمام الرّضا عليه السلام
يكتب المحدّث الجليل عماد الدين الطبري : إبراهيم بن أبي البلاد قال : كان لي جار يشرب المسكر وينتهك ما اللَّه به أعلم.
قال : فذكرته للرّضا عليه السلام ، وكان له محبّاً، فقال عليه السلام:
يا أبا إسحاق ؛ أما علمت أنّ وليّ عليّ عليه السلام لم تزلّ له قدم إلّا ويثبت له اُخرى؟
قال : فانصرفت ، وإذا أنا بكتاب منه قد أتاني فيه حوائج له ، فأمرني أن أشتريها بستّين ديناراً.
فقلت في نفسي : واللَّه ؛ ما عودني أن يكتب إليّ ، إذ لم يكن عندي شيء ، ولا أعلم له عندي شيئاً.
فلمّا كان من الليل إذا أنا برجل [جاءني] سكران ، فدعاني من خلف الباب فنزلت إليه فقال لي : اُخرج ، فقلت : وما أفعل في هذه الساعة ما حاجتك؟ إذ أتيت؟
قال : فأخرج يدك وخذ هذه الصرّة ، وابعث بها إلى مولاي لينفقها في الحاجة ، ولايقدر أن يتكلّم من السكر.
فأخذت ما أعطاني وانصرفت ، فنظرت وزنها فإذا هي ستّون ديناراً ، فقلت : واللَّه ، هذا مصداق ما قال لي في وليّ عليّ عليه السلام وفي كتابه بحاجته . فاشتريت حوائجه ، وكتبت إليه بفعل الرجل.
فكتب عليه السلام : هذا من ذلك.(1)
كتب المحدّث الجليل عماد الدين الطبري عن تلك القصّة قائلاً : من القضايا والأمور الّتي يمكن الإستفادة منها في هذه القصّة ، أنّ الأساس في كلّ عمل وفعل هو محبّة وولاية أئمّة أهل البيت عليهم السلام ، وبالتّأكيد فإنّ عاقبة ذلك هو نجاة كلّ شخص لديه هذه الخصلة والصفة ، ومن الطبيعي فإنّ قبول المذنب لهو خير دليل على اللّطف والمحبّة بالنسبة إليه .
إنّ مثل هذه القصص تجسد حالات مفعمة بالمحبّة والرأفة الّتي لا مثيل لها من قبل الإمام الرّضا عليه السلام إلى كلّ محبيه وشيعته ، ولهذا فقد سمت به إلى منازل ومقامات تغبطه عليها حتّى ملائكة اللَّه المقرّبين ، فأضحت أسماؤه كالشموس الطّالعة في رابعة النهار ، والّتي من أبرزها اسم الرؤوف.
إنّ المواضيع الّتي صرّحنا بها وبيّناها تشكل نقطة انعطاف محوريّة ، وواقعاً يجب التّعامل معه من قبل الإخوة الزّائرين الّذين يتشرّفون بزيارة الإمام ثامن الحجج عليه السلام ، وليعلموا أنّ الإنسان في جميع مراحل حياته ومنذ الطفولة وإلى الشيخوخة وحتّى الموت يكون في كنف وظلّ مقام الولاية العظيم ، ومورداً لرعاية وتوجّهات المقام السّامي لأهل البيت عليهم السلام.
ويجب أن يدرك الجميع أنّ اللّحظات الّتي يكون فيها الزّائر داخل الحرم الطاهر والمبارك للإمام عليه السلام ، هي فرصة ذهبيّة قد لاتعوض بسهولة ، فيمكن أن يحدث فيها تحوّل روحي ومعنوي للإنسان بحيث يتربّع فيه على قمّة السّعادة الأبديّة ، وهذا من المستحيل حدوثه ما لم يفض عليه الإمام عليه السلام من ألطافه غير المحدودة.
1) القطرة من بحار مناقب النّبي صلى الله عليه وآله وسلم والعترة عليهم السلام : 433/2 نقلاً عن الثاقب في المناقب : 493 .
بازديد امروز : 8147
بازديد ديروز : 106200
بازديد کل : 135498274
|