أطراف الضّريح المقدّس الأربعة

  إنّ عظمة وجلالة ومنزلة الإمام الرّضا عليه السلام ومعرفة ولايته ونورانيّته ، وأخذها بنظر الإعتبار والّتي ستكون منعطفاً مهمّاً في زيارة الشّخص الزّائر ، وفي النّتيجة يترتّب عليها لطف وتوجّهات الإمام‏ عليه السلام بلا حدّ وحساب . وحينها يتوقّف العمل في الحسابات الرّياضيّة الأربعة(1) ، فتنزل بركات وكرامات الإمام عليه السلام لتتجاوز كلّ المعايير والضّوابط .

  وفي تلك الحالات ستكون حرقة ولوعة الزّائر أرضيّة مناسبة ، وعاملاً مساعداً على كسب عناية الإمام عليه السلام ولطفه ، وليس للنّسب الأربعة(2) أيّ خصوصيّة في ذلك ؛ وكذلك فلاتؤثر المعرفة الكاملة بالعلل الأربعة(3) ، وآراء ونظريّات أرسطو والعلماء الأخرين ، وكما لاتكون الكنوز الثّمينة لخسرو برويز ، وقوّة وعضلات رستم زال‏مقوّمات في الحصول على الزّاد والمتاع في هذا الطّريق ، ولاتملك القدرة على التأثير والفاعليّة في درّ عنايات الإمام عليه السلام بالنّسبة إلى زائريه .

  وترى أحياناً أنّ زوّاره عليه السلام والّذين لجأوا إلى ضريحه الطّاهر ، لايحملون بين أضلاعهم قلباً نورانيّاً؛ بل وهم غير عارفين بحقّه، ولايملكون الهدايا والذّهب والفضّة وبذلها في هذا الجانب و... ؛ ولكنّ الإمام الرّحيم عليه السلام يأخذ بأيديهم من خلال تأثيراته الخاصّة فيريهم الأطراف الأربعة للضّريح مثلما يرون الأطراف الأربعة للبيت العتيق‏في العرش ، فيبدأون الحديث والكلام مع الإمام عليه السلام وكأنّه يتراءى أمامهم .

  وهذا يحدث كلّه بواسطة التّأثيرات الّتي تتركها الولاية المطلقة للإمام عليه السلام ، والّتي لايمكن بأيّ حال من الأحوال حصرها وتقيّدها في حدود الزّمان والمكان ، وأيضاً الحكمة والمصلحة الّتي يرتأيها الإمام عليه السلام نفسه.

  ومن هذا المنطلق فعلى الزّائرين العمل بشكل يتلاءم مع الرّصيد الّذي نقدّسه ونعتزّ به وأن يكونوا على درجة عالية من الإنضباط والوعي والثبات على العقيدة والولاء لكي يجعلوا الإمام عليه السلام يصبّ ألطافه وكراماته عليهم ، وفي النّهاية الوقوع ضمن دائرة رضاه وشفاعته .

---

1) العمليّات الرّياضيّة الأربعة ، هي : الجمع والطرح والضّرب والتّقسيم .

2) النسب الأربعة : 1 - التّساوي ، 2 - عموم وخصوص مطلق ، 3 - عموم وخصوص من وجه ، 4 - التّباين .

3) العلل الأربعة : لقد أوضح أرسطو العلل الأربعة على النّحو التّالي : 1 - العلّة الفاعليّة ، 2 - العلّة الغائيّة ، 3 - العلّة المادّيّة، 4 - العلّة الصّوريّة .