8) زيارة الوداع الثّامنة
فإذا أردت الوداع فقل :
قَدْ قَضَيْتُ يا مَوْلايَ بَعْضَ الْإِرْبِ مِنْ زِيارَتِكَ ، وَلَوْ فَعَلْتُ يا مَوْلايَ ما يَجِبُ عَلَيَّ ، لَجَعَلْتُ عَرْصَتَكَ دارَ إِقامَةٍ ، وَلكِنَّني مِنْ أَبْنآءِ الدُّنْيا أَكْدَحُ فيها كَما جَرَتْ عادَةَ مَنْ مَضى ، فَأَسْأَلُ اللَّهَ الْبآرَّ الرَّحيمَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَ الِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ لايَجْعَلَهُ اخِرَ الْعَهْدِ مِنْ زِيارَتِكُمْ ، وَجَميعِ الْمُؤْمِنينَ، إِنَّهُ أَرْحَمُ الرَّاحِمينَ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَديرٌ.
ثمّ ادع اللَّه كثيراً بما أردت انشاء اللَّه تعالى .(551)
يقول المؤلّف : إنّ المرحوم السيّد بن طاووس لديه كلمات حول وداع شهر رمضان المبارك ، لا بأس في ذكرها هنا لمناسبتها مع هذا المقام :
قال السيّد رحمه الله : وأعلم أنّك تدعي في بعض هذه الوداعات أنّ شهر رمضان أحزنك فراقه وفقده ، وأوجعك ما فاتك من فضله ورفده ، فيراد منك تصديق هذه الدّعوى بأن يكون على وجهك أثر الحزن والبلوى ، ولاتختم آخر يوم منه بالكذب في المقال ، والخلل في الأفعال .
ومن وظائف الشيعة الإماميّة بل من وظائف الأمّة المحمّديّة أن يستوحشوا في هذه الأوقات ، ويتأسّفوا عند أمثال هذه المقامات على ما فاتهم من أيّام المهديّ - الّذي بشّرهم ووعدهم به جدّه محمّد عليهما أفضل الصلوات على قدومه - ما لو كان حاضراً ظفروا به من السّعادات ، ليراهم اللَّه جلّ جلاله على قدم الصّفا والوفاء لملوكهم الّذين كانوا سبب سعادتهم في الدّنيا ويوم الوعيد وليقولوا ما معناه :
اُرَدِّدُ طَرْفي في الدّيار فلا أرى وجوه أحبّآئي الّذين اُريدُ
فالمصيبة بفقده على أهل الأديان أعظم من المصيبة بفقد شهر رمضان ، فلو كانوا قد فقدوا والداً شفيقاً أو أخاً معاضداً شقيقاً ، أو ولداً بارّاً رفيقاً ، أما كانوا يستوحشون لفقده ، ويتوجّعون لبعده ، وأين الإنتفاع بهؤلاء من الإنتفاع بالمهديّ خليفة خاتم الأنبياء ، وإمام عيسى بن مريم في الصّلاة والولاء ، ومزيل أنواع البلاء ومصلح اُمور جميع من تحت السّماء .(552)
551) بحار الأنوار : 207/102 .
552) إقبال الأعمال : 559 .
بازديد امروز : 150513
بازديد ديروز : 217727
بازديد کل : 123665730
|