4) زيارة الوداع الرّابعة
هذه الزيارة أيضاً منقولة عن العلاّمة المجلسي رحمه الله في كتابه بحار الأنوار حين العودة ووداع الأئمّة الأطهار صلوات اللَّه عليهم فقل :
اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا سادَةَ الْمُؤْمِنينَ ، وَأَئِمَّةَ الْمُتَّقينَ ، وَأَعْلامَ الْمُهْتَدينَ ، وَوَرَثَةَ النَّبِيّينَ ، وَسُلالَةَ الْمُرْسَلينَ ، وَقُدْوَةَ الصَّالِحينَ ، وَحُجَجَ اللَّهِ عَلَى الْعالَمينَ ، قَدْ انَ لَكُمْ مِنِّي الْوِداعُ ، وَحانَ التَّعْجيلُ لَهُ وَالْإِسْراعُ ، لا مِنْ سَئِمٍ لَكُمْ ، وَلا مَلَلٍ لِلْمَقامِ عِنْدَكُمْ ، لكِنْ لِأَسْبابٍ مانِعَةٌ ، وَمُلِمَّاتٍ عَنِ الْإِقامَةِ دافِعَةٌ ، يَتَّضِحُ لَهَا الْإِعْتِذارُ ، وَيَتَعَذَّرُ مَعَهَا اللُّبْثُ وَالْقَرارُ.
فَأَسْتَوْدِعُكُمُ اللَّهَ ، وَأَسْأَلُهُ بِكُمْ رِضاهُ ، وِداعَ عازِمٍ عَلَى الْعَوْدِ إِلَيْكُمْ ، مُتَأَسِّفٍ لِتَعَذُّرِ الْمَقامِ لَدَيْكُمْ ، وَكَيْفَ لايَتَأَسَّفُ عَلى فِراقِ مَشاهِدِكُمُ الشَّريفَةِ الْمُعَظَّمَةِ ، وَبُقاعِ قُبُورِكُمُ الْمُبارَكَةِ الْمُكَرَّمَةِ ، وَفيها يُسْتَجابُ الدُّعآءُ ، وَيُصْرَفُ السُّوءُ وَالْبَلاءُ ، وَيُمْحِى الشَّقآءُ ، وَيَشْفِى الدَّآءُ ، وَبِكُمْ يُؤْمَنُ الْعَذابُ ، وَتُهَوَّنُ الصِّعابُ ، وَيُنْجَحُ الطُّلّابُ ، وَيُرْجَحُ الثَّوابُ.
وَبِكُمْ تَتِمُّ النِّعْمَةُ ، وَتَعُمُّ الرَّحْمَةُ ، وَتَنْدَفِعُ النِّقْمَةُ ، وَتَنْكَشِفُ الْغُمَّةُ ، وَتُقْبَلُ التَّوْبَةُ ، وَغُفِرَ الْحَوْبَةُ ، وَتَزْكُو الْأَعْمالُ ، وَتَنالُ الْامالُ ، وَيَتَحَقَّقُ الرَّجآءُ ، وَتَبْلُغُ السَّرَّآءُ ، وَتُدْفَعُ الضَّرَّآءُ ، وَتُهْدَي الْارآءُ ، وَتَرْشُدُ الْأَهْوآءُ ، وَتَحْصُلُ السِّيادَةُ ، وَتَكْمِلُ السَّعادَةُ ، وَيَقْبَلُ الْإيمانُ ، وَيَدْرُكُ الْأَمانُ ، وَتَدْخُلُ الْجِنانُ، وَعَنْكُمْ يُسْأَلُ الْإِنْسُ وَالْجانُّ.
فَوا أَسَفا لِمُفارِقَةِ جَنابِكُمْ ، وَوا شَوْقاهُ إِلى تَقْبيلِ أَعْتابِكُمْ ، وَالْوُلُوجِ بِإِذْنِكُمْ لِأَبْوابِكُمْ ، وَتَعْفيرِ الْخَدِّ عَلى أَريجِ تُرابِكُمْ ، وَاللِّياذِ بِعَرَصاتِكُمْ ، وَمَحآلِّ أَبْدانِكُمْ وَأَشْخاصِكُمْ ، اَلْمَحْفُوفَةِ بِالْمَلآئِكَةِ الْكِرامِ ، وَالْمَتْحُوفَةِ مِنَ اللَّهِ بِالرَّحْمَةِ وَالسَّلامِ ، وَدَدْتُ أَنْ كُنْتُ لَها سادِناً، وَفي جَوارِها قاطِناً ، لايَزْعَجُني عَنْهَا الرَّحيلُ ، وَلايَفُوتُني بِهَا الْمُقيلُ ، لِيَكْثُرَ بِها إِلْمامي ، وَاسْتِلامي لَها وَسَلامي.
فَأَسْأَلُ اللَّهَ الَّذي هَداني لِمَعْرِفَتِكُمْ ، وَأَكْرَمَني بِمَحَبَّتِكُمْ ، وَتَعَبَّدَني بِوِلايَتِكُمْ ، وَنَدَبَني إِلى زِيارَتِكُمْ، اَلْعَوْدَ ما أَبْقاني إِلى حَضْرَتِكُمْ ، وَالْبِشارةَ إِذا تَوَفَّاني بِمُرافَقَتِكُمْ، وَالْحَشْرَ في زُمْرَتِكُمْ، وَالدُّخُولَ في شَفاعَتِكُمْ.
فَيا لَيْتَ شِعْري يا سادَتي كَيْفَ حالي في رَحْلَتي ، أَمَغْفُورَةٌ ذُنُوبي ، وَمَسْتُورَةٌ عُيُوبي ، وَمَقْضِيَّةٌ حاجَتي ، وَمُنْجَحَةٌ طَلِبَتي ، فَذاكَ الَّذي أَمَّلْتُهُ ، وَفي كَرَمِكُمْ تَوَسَّمْتُهُ ، فَما أَسْعَدَني بِكُمْ، وَأَعْظَمَ فَوْزي بِحُبِّكُمْ، أَمْ راحِلٌ بِوِزْري، مُثْقِلٌ بِهِ ظَهْري ، مَحْجُوباً دُعآئي ، خآئِباً رَجآئي . فَيا شَقْوَتاهُ إِنْ كانَتْ هذِهِ حالي ، وَيا خَيْبَةُ امالي ، يَأْبي ذلِكَ بِرَّكُمْ وَإِحْسانَكُمْ ، وَجَميلَ وَعْدِكُمْ لِزآئِرِكُمْ وَضَمانِكُمْ ، وَتَأْبي مَكارِمَ أَخْلاقِكُمْ ، وَطَهارَةَ شِيَمِكُمْ وَأَعْراقِكُمْ ، وَكَرَمِكُمْ عَلى رَبِّكُمْ ، وَعِنايَتِكُمْ بِزآئِرِكُمْ وَمُحِبِّكُمْ ، أَنْ يُرَدَّ سُؤالُهُ ، أَوْ يُخَيَّبَ لَدَيْهِ امالُهُ ، وَيَأْبَي اللَّهُ إِلّا تَصْديقَ وَعْدِكُمْ ، وَتَحْقيقَ الرَّجآءِ بِقَصْدِكُمْ ، إِسْعافاً وَإِكْراماً لِقاصِدِكُمْ ، وَإِتْحافاً بِالْخَيْراتِ لِزآئِرِكُمْ ، وَكَذلِكَ الظَّنُّ بِكُمْ ، وَالْمَرْجُوُّ مِنْ فَضْلِهِ لِشيعَتِكُمْ.
وَاُشْهِدُ اللَّهَ وَأَعْهَدُ عَلَيْهِ ، وَاُشْهِدُكُمْ أَنّي عَلى ما عاهَدْتُهُ عَلَيْهِ مِنَ الْإِقْرارِ بِوِلايَتِكُمْ ، وَالْإِعْتِقادِ لِفَرْضِ طاعَتِكُمْ ، وَالْإِعْتِرافِ بِفَضْلِكُمْ ، وَالْقِيامِ بِنَصْرِكُمْ ، وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ بِحُبِّكُمْ ، وَالطَّاعَةِ لَهُ بِالْكَوْنِ مَعَكُمْ ، وَهذِهِ يَدي عَلى ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْوَفآءِ بِعَهْدِكُمْ ، وَالْبَيْعَةِ الْواجِبَةِ لَكُمْ ، لا أَبْغي بِذلِكَ بَدَلًا ، وَلا اُريدَ عَنْهُ تَحْويلًا.
وَأَشْهَدُ أَنَّ ذلِكَ مِنَ اللَّهِ أَمْرٌ عازِمٌ وَحَتْمٌ عَلَى الْاُمَّةِ لازِمٌ ، لا حُجَّةَ لِمَنْ جَهِلَهُ ، وَلا عُذْرَ لِمَنْ أَهْمَلَهُ ، أَدينُ اللَّهَ بِذلِكَ فِي السِّرِّ وَالْإِعْلانِ ، وَالذِّكْرِ وَالنِّسْيانِ ، وَفِي الْمَماتِ وَالْمَحْيا وَالْاخِرَةِ وَالْاُولى ، وَعَلى بُعْدِ الدَّارِ ، وَقُرْبِ الْمَزارِ.
أَللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَ الِ مُحَمَّدٍ ، وَثَبِّتْني عَلى ذلِكَ حَتَّى أَلْقاكَ ، وَوَفِّقْني لِطاعَتِكَ وَرِضاكَ ، وَانْفَعْني بِما عَلَّمْتَني ، وَزِدْني مِنَ الْخَيْرِ ما أَلْهَمْتَني ، وَلاتُزِغْ قَلْبي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَني ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلى ما أَوْلَيْتَني. فَأَسْأَلُكَ يا مَنْ لاتُحْصى نِعَمُهُ ، وَلايُوازي كَرَمُهُ ، أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَ الِ مُحَمَّدٍ ، وَلاتَجْعَلْهُ اخِرَ الْعَهْدِ مِنّي لِزِيارَةِ أَوْلِيآئِكَ ، وَالْإِلْمامِ بِمَشاهِدِ حُجَجِكَ وَأَصْفِيآئِكَ ، وَأَلْهِمْني بِها شُكْرَ الائِكَ ، وَالْإِلْحاحَ بِمَسْأَلَتِكَ وَدُعآئِكَ ، وَاسْتَجِبْ لي ما دَعَوْتُكَ ، وَأَعْطِني بِفَضْلِكَ كُلَّ ما سَأَلْتُكَ ، وَاغْفِرْ لي مَغْفِرَةً وازِعَةً ، وَارْحَمْني بِجُودِكَ رَحْمَةً واسِعَةً يُؤْمِنُني بِها مِنْ سَخَطِكَ وَالنَّارِ ، وَتُسْكِنُني بِفَضْلِكَ بِها دارَ الْقَرارِ مَعَ الْأَئِمَّةِ الْأَطْهارِ ، وَشيعَةِ الِ مُحَمَّدِنِ الْأَبْرارِ.
وَاجْعَلْني مِمَّنْ يَسَّرْتَ حِسابَهُ ، وَأَحْسَنْتَ إِلَيْكَ مَابَهُ ، وَمَحَوْتَ سَيِّئاتِهِ، وَضاعَفْتَ حَسَناتِهِ ، وَحَشَرْتَهُ في زُمْرَةِ مُحَمَّدٍ وَ الِ مُحَمَّدِنِ الطَّاهِرينَ ، صَلَواتُكَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعينَ ، وَاغْفِرْ لِوالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنينَ بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.(547)
547) بحار الأنوار : 204/102 .
اليوم : 148450
الامس : 300908
مجموع الکل للزائرین : 122038405
|