أهميّة النظم والتخطيط

تشكّل عمليّة النظم والبرمجة العصب المهم الذي يمكن من خلاله ترتيب الشؤون الحياتية، بشكل الذي يجعل ‏الإنسان يعيش في غاية السعادة وخلق الديناميكة الضرورية لحياة الفرد والأمة على حد سواء، والشعور بثمرة تلك الحياة وهي الوسيلة المؤثرة لبلوغ قمة الأهداف الكبيرة، وبالتالي امتلاك برنامج خارطة طريق لتأقلم مع الأحداث والوقائع ‏وتوظيفها لصالحه بصورة بارعة، وهذا كلّه لايتأتى إلاّ بواسطة الإستفادة الأكثر من ساعات العمر وجبران الفرص التي‏ مرّت والسعي المتواصل والتصميم القاطع.

إنّ العمل بالبرنامج والمخطط المدروس بشكل صحيح يوطّئ الأرضيّة المناسبة لدى الإنسان ليكون إنساناً منظماً ملتزماً وسوياً واضحاً بكل خطواته العملية، ولذا يجب على الفرد أن ينظم جدولاً زمانياً ليومه لكي يستفيد من جميع ‏ساعات عمره والتمتع بحياة تنسجم مع مايصبو إليه ومعالجة الأخطاء وإبدالها بالخطوات الصحيحة للتطور والرقي.

وهذا هو المنهج الذي أتبعه عظماء التاريخ وكانوا متمسكين به إلى أقصى الدرجات، ويمكن للشخص اتخاذ هذا المنهج نبراساً وقدوة وعدم الغفلة تماماً عن رسم خط بياني للنظم والبرنامج الصحيح الذي يرتضيه الخالق عز وجل.

ولابدّ للإنسان السعي والعمل بكل اخلاص واشتياق إلى وضع عملية الترويج ونشر تعاليم أهل البيت‏ عليهم السلام ومبادئهم وسيرة حياتهم الناصعة في أولى سلّم مهامه وبرامجه الحياتية، وسوف يرى ذلك الإنسان ويلمس عن قرب بركات ذلك العمل المقدس ‏والثمرات التي تسفر عنه والرأفة والرحمة والعطف لهؤلاء الأبرا ر المعصومين والفيوضات الواصلة منهم.

وقد أوصى الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام في آخر ساعات حياته المعطاء والثرية إلى الإمامين الحسن والحسين‏ عليهما السلام ‏وإلى جميع أبنائه وأفراد أسرته وكلّ من يسمع وصيته هذه قائلاً فيها:

اوُصيكُما وَجَميعَ وُلْدي وَاَهْلي وَمَنْ بَلَغَهُ كِتابي بِتَقْوَى‏ اللَّهِ وَنَظْمِ اَمْرِكُمْ...(63)

ويبيّن هذا الحديث للإمام‏ عليه السلام أهمية النظم والبرمجة والتخطيط للجميع ومسؤولية العمل به، ويعتبر من أهمّ المؤثرات‏ اللازمة لحياة الاُمّة وحركتها.

---

63) نهج البلاغه: الرسالة رقم 47، بحار الأنوار: 24/75.