امام صادق علیه السلام : اگر من زمان او (حضرت مهدی علیه السلام ) را درک کنم ، در تمام زندگی و حیاتم به او خدمت می کنم.
حديث الإمام الرضا عليه السلام حول خطبة الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام في يوم الغدير

  حديث الإمام الرضا عليه السلام

  حول خطبة الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام في يوم الغدير

  روى الفيّاض بن محمّد الطوسي بطوس سنة تسع وخمسين ومائتين وقد بلغ التسعين ، أنّه شهد أباالحسن عليّ بن موسى الرّضا عليه السلام في يوم الغدير ، وبحضرته جماعة من خاصّته قد إحتبسهم للإفطار ، وقد قدّم إلى منازلهم الطّعام والبرّ والصّلات والكسوة حتّى الخواتيم والنّعال ، وقد غيّر من أحوالهم وأحوال حاشيته ، وجدّدت له آلة غير الآلة الّتي جرى الرّسم بابتذالها قبل يومه ، وهو يذكر فضل اليوم وقدمه ، فكان من قوله عليه السلام:

 حدّثني الهادى أبي قال: حدّثني جدّي الصادق قال : حدّثني الباقر قال: حدّثني سيّد العابدين قال: حدّثني أبي الحسين قال:

 إتّفق في بعض سنيّ أميرالمؤمنين عليه السلام الجمعة والغدير ، فصعد المنبر على خمس ساعات من نهار ذلك اليوم . فحمد اللَّه وأثنى عليه حمداً لم يسمع بمثله وأثنى عليه ثناء لم يتوجّه إليه غيره ، فكان ما حفظ من ذلك:

 اَلْحَمْدُ للَّهِِ الَّذي جَعَلَ الْحَمْدَ مِنْ غَيْرِ حاجَةٍ مِنْهُ إِلى حامِديهِ طَريقاً مِنْ طُرُقِ الْإِعْتِرافِ بِلاهُوتِيَّتِهِ وَصَمَدانِيَّتِهِ وَرَبَّانِيَّتِهِ وَفَرْدانِيَّتِهِ ، وَسَبَباً إِلَى الْمَزيدِ مِنْ رَحْمَتِهِ ، وَمَحَجَّةً لِلطَّالِبِ مِنْ فَضْلِهِ ، وَكَمَّنَ في إِبْطانِ اللَّفْظِ حَقيقَةَ الْإِعْتِرافِ لَهُ بِأَنَّهُ الْمُنْعِمُ عَلى كُلِّ حَمْدٍ (حامِدٍ) بِاللَّفْظِ وَإِنْ عَظُمَ.

 وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، شَهادَةً نُزِعَتْ عَنْ إِخْلاصِ الطَّوِيِّ ، وَنَطَقَ اللِّسانُ بِها عِبارَةً عَنْ صِدْقٍ خَفِيٍّ ، أَنَّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ ، لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ ، إِذْ كانَ الشَّيْ‏ءُ مِنْ مَشِيَّتِهِ فَكانَ لايُشْبِهُهُ مُكَوِّنُهُ.

 وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، إسْتَخْلَصَهُ فِي الْقِدَمِ عَلى سائِرِ الْاُمَمِ عَلى عِلْمٍ مِنْهُ ، إنْفَرَدَ عَنِ التَّشاكُلِ وَالتَّماثُلِ مِنْ أَبْناءِ الْجِنْسِ ، وَانْتَجَبَهُ امِراً وَناهِياً عَنْهُ ، أَقامَهُ في سائِرِ عالَمِهِ فِي الْأَداءِ مَقامَهُ ، إِذْ كانَ لاتُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَلاتَحْويهِ خَواطِرُ الْأَفْكارِ ، وَلاتُمَثِّلُهُ غَوامِضُ الظِّنَنِ فِي الْأَسْرارِ.

 لا إِلهَ إِلّا هُوَ الْمَلِكُ الْجَبَّارُ ، قَرَنَ الْإِعْتِرافَ بِنُبُوَّتِهِ بِالْإِعْتِرافِ بِلاهُوتِيَّتِهِ ، وَاخْتَصَّهُ مِنْ تَكْرِمَتِهِ بِما لَمْ يَلْحَقْهُ فيهِ أَحَدٌ مِنْ بَرِيَّتِهِ ، فَهُوَ أَهْلُ ذلِكَ بِخاصَّتِهِ وَخُلَّتِهِ ، إِذْ لايَخْتَصُّ مَنْ يَشُوبُهُ التَّغْييرَ ، وَلايُخالَلُ مَنْ يَلْحَقُهُ التَّظْنينُ.

 وَأَمَرَ بِالصَّلوةِ عَلَيْهِ مَزيداً في تَكْرِمَتِهِ ، وَطَريقاً لِلدَّاعي إِلى إِجابَتِهِ ، فَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَكَرَّمَ وَشَرَّفَ وَعَظَّمَ مَزيداً لايَلْحَقُهُ التَّنْفيدُ ، وَلايَنْقَطِعُ عَلَى التَّأْبيدِ ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعالَى اخْتَصَّ لِنَفْسِهِ بَعْدَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ مِنْ بَرِيَّتِهِ خاصَّةً ، عَلّاهُمْ بِتَعْلِيَتِهِ ، وَسَما بِهِمْ إِلى رُتْبَتِهِ ، وَجَعَلَهُمُ الدُّعاةَ بِالْحَقِّ إِلَيْهِ ، وَالْأَدِلّاءَ بِالْإِرْشادِ عَلَيْهِ ، لِقَرْنٍ قَرْنٍ ، وَزَمَنٍ زَمَنٍ.

 أَنْشَأَهُمْ فِي الْقِدَمِ قَبْلَ كُلِّ مَذْرُوٍّ وَمَبْرُوٍّ أَنْواراً أَنْطَقَها بِتَحْميدِهِ ، وَأَلْهَمَها شُكْرَهُ وَتَمْجيدَهُ ، وَجَعَلَهَا الْحُجَجَ عَلى كُلِّ مُعْتَرِفٍ لَهُ بِمَلَكَةِ الرُّبُوبِيَّةِ وَسُلْطانِ الْعُبُودِيَّةِ ، وَاسْتَنْطَقَ بِهَا الْخَرَساتِ بِأَنْواعِ اللُّغاتِ بُخُوعاً لَهُ ، فَإِنَّهُ فاطِرُ الْأَرَضينَ وَالسَّماواتِ.

 وَأَشْهَدَهُمْ خَلْقَهُ وَوَلّاهُمْ ما شاءَ مِنْ أَمْرِهِ ، جَعَلَهُمْ تَراجِمَ مَشِيَّتِهِ ، وَأَلْسُنَ إِرادَتِهِ عَبيداً «لايِسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ × يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْديهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلايَشْفَعُونَ إِلّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ»(241).

 يَحْكُمُونَ بِأَحْكامِهِ ، وَيَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِهِ ، وَيَعْتَمِدُونَ حُدُودَهُ ، وَيَؤَدُّونَ فَرْضَهُ ، وَلَمْ يَدَعِ الْخَلْقَ في بُهَمٍ صُمّاً ، وَلا في عَمْياءَ بُكْماً ، بَلْ جَعَلَ لَهُمْ عُقُولاً مازَجَتْ شَواهِدَهُمْ ، وَتَفَرَّقَتْ في هَياكِلِهِمْ ، وَحَقَّقَها في نُفُوسِهِمْ ، وَاسْتَعْبَدَ لَها حَواسَّهُمْ ، فَقَرَّرَ بِها عَلى أَسْماعٍ وَنَواظِرَ وَأَفْكارٍ وَخَواطِرَ أَلْزَمَهُمْ بِها حُجَّتَهُ ، وَأَراهُمْ بِها مَحَجَّتَهُ ، وَأَنْطَقَهُمْ عَمَّا شَهِدَ بِأَلْسُنٍ ذَرِبَةٍ بِما قامَ فيها مِنْ قُدْرتِهِ وَحِكْمَتِهِ ، وَبَيَّنَ عِنْدَهُمْ بِها «لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسميعٌ عَليمٌ»(242) بَصيرٌ شاهِدٌ خَبيرٌ.

 ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعالى جَمَعَ لَكُمْ مَعْشَرَ الْمُؤْمِنينَ في هذَا الْيَوْمِ عِيْدَيْنِ عَظيمَيْنِ كَبيرَيْنِ لايَقُومُ أَحَدُهُما إِلّا بِصاحِبِهِ لِيُكْمِلَ عِنْدَكُمْ جَميلَ صَنيعَتِهِ (صُنْعِهِ) ، وَيَقِفَكُمْ عَلى طَريقِ رُشْدِهِ ، وَيَقْفُوَ بِكُمْ آثارَ الْمُسْتَضيئينَ بِنُورِ هَدايَتِهِ ، وَيَشْمِلَكُمْ (وَيَسْلُكَكُمْ) مِنْهاجَ قَصْدِهِ ، وَيُوَفِّرَ عَلَيْكُمْ هَني‏ءَ رِفْدِهِ.

 فَجَعَلَ الْجُمْعَةَ مَجْمَعاً نَدَبَ إِلَيْهِ لِتَطْهيرِ ما كانَ قَبْلَهُ ، وَغَسْلِ ما كانَ أَوْقَعَتْهُ مَكاسِبُ السُّوءِ مِنْ مِثْلِهِ إِلى مِثْلِهِ ، وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنينَ ، وَتِبْيانَ خَشْيَةِ الْمُتَّقينَ ، وَوَهَبَ مِنْ ثَوابِ الْأَعْمالِ فيهِ أَضْعافَ ما وَهَبَ لِأَهْلِ طاعَتِهِ فِي الْأَيَّامِ قَبْلَهُ ، وَجَعَلَهُ لايَتِمُّ إِلّا بِالْإيتِمارِ لِما أَمَرَ بِهِ ، وَالْإِنْتِهاءِ عَمَّا نَهى عَنْهُ ، وَالْبُخُوعِ بِطاعَتِهِ فيما حَثَّ عَلَيْهِ ، وَنَدَبَ إِلَيْهِ فَلايَقْبَلُ تَوْحيدَهُ إِلّا بِالْإِعْتِرافِ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِنُبُوَّتِهِ ، وَلايَقْبَلُ ديناً إِلّا بِوِلايَةِ مَنْ أَمَرَ بِوِلايَتِهِ ، وَلا تَنْتَظِمُ أَسْبابُ طاعَتِهِ إِلّا بِالتَّمَسُّكِ بِعِصَمِهِ ، وَعِصَمِ أَهْلِ وِلايَتِهِ.

 فَأَنْزَلَ عَلى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ في يَوْمِ الدَّوْحِ ما بَيَّنَ بِهِ عَنْ إِرادَتِهِ في خُلَصائِهِ وَذَوِى اجْتِبائِهِ ، وَأَمَرَهُ بِالْبَلاغِ وَتَرْكِ الْحَفْلِ بِأَهْلِ الزَّيْغِ وَالنِّفاقِ ، وَضَمِنَ لَهُ عِصْمَتَهُ مِنْهُمْ ، وَكَشَفَ مِنْ خَبايا أَهْلِ الرَّيْبِ ، وَضَمائِرِ أَهْلِ الْإِرْتِدادِ ما رَمَزَ فيهِ ، فَعَقَلَهُ الْمُؤْمِنُ وَالْمُنافِقُ ، فَأَعَزَّ مُعِزٌّ ، وَثَبَتَ عَلَى الْحَقِّ ثابِتٌ ، وَازْدادَتْ جَهْلَةُ الْمُنافِقُ وَحَمِيَّةُ الْمارِقُ ، وَوَقَعَ الْعَضُّ عَلَى النَّواجِدِ ، وَالْغَمْزُ عَلَى السَّواعِدِ ، وَنَطَقَ ناطِقٌ ، وَنَعَقَ ناعِقٌ ، وَنَشَقَ ناشِقٌ ، وبَسَقَ باسِقٌ ، وَاسْتَمَرَّ عَلى مارِقَيّتِهِ مارِقٌ.

 وَوَقَعَ الْإِذْعانُ مِنْ طائِفَةٍ بِاللِّسانِ دُونَ حَقائِقِ الْإيمانِ ، وَمِنْ طائِفَةٍ بِاللِّسانِ وَصِدْقِ الْإيمانِ ، وَكَمَّلَ اللَّهُ دينَهُ ، وَأَقَرَّ عَيْنَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، وَالْمُؤْمِنينَ وَالْمُتابِعينَ ، وَكانَ ما قَدْ شَهِدَهُ بَعْضُكُمْ ، وَبَلَغَ بَعْضَكُمْ ، وَتَمَّتْ كَلِمَةُ اللَّهِ الْحُسْنَى الصَّابِرينَ ، وَدَمَّرَ اللَّهُ ما صَنَعَ فِرْعَوْنُ وَهامانُ وَقارُونُ وَجُنُودُهُمْ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ ، وَبَقِيَتْ خُثالَةٌ (حُشالةٌ) مِنْ الضُّلّالِ لايَأْلُونَ النَّاسَ خَبالاً ، يَقْصِدُهُمُ اللَّهُ في دِيارِهِمْ ، وَيَمْحُو اللَّهُ آثارَهُمْ ، وَيُبيدُ مَعالِمَهُمْ ، وَيُعْقِبُهُمْ عَنْ قُرْبِ الْحَسَراتِ ، وَيُلْحِقُهُمْ بِمَنْ بَسَطَ أَكُّفَهُمْ ، وَمَدَّ أَعْناقَهُمْ ، وَمَكَّنَهُمْ مِنْ دينِ اللَّهِ حَتَّى بَدَّلُوهُ ، وَمِنْ حُكْمِهِ حَتَّى غَيَّرُوهُ ، وَسَيَأْتي نَصْرُ اللَّهِ عَلى عَدُوِّهِ لِحينِهِ ، وَاللَّهُ لَطيفٌ خَبيرٌ ، وَفي دُونِ ما سَمِعْتُمْ كِفايَةٌ وَبَلاغٌ.

 فَتَأَمَّلُوا - رَحِمَكُمُ اللَّهُ - ما نَدَبَكُمُ اللَّهُ إِلَيْهِ ، وَحَثَّكُمْ عَلَيْهِ ، وَأَقْصِدُوا شَرْعَهُ ، وَاسْلُكُوا نَهْجَهُ ، «وَلاتَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبيلِهِ»(243).

 إِنَّ هذا يَوْمٌ عَظيمُ الشَّأْنِ ، فيهِ وَقَعَ الْفَرَجُ ، وَرُفِعَتِ الدَّرَجُ ، وَوَضَحَتِ الْحُجَجُ ، وَهُوَ يَوْمُ الْإيضاحِ وَالْإِفْصاحِ عَنِ الْمَقامِ الصُّراحِ ، وَيَوْمُ كَمالِ الدّينِ ، وَيَوْمُ الْعَهْدِ الْمَعْهُودِ ، وَيَوْمُ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ ، وَيَوْمُ تِبْيانِ الْعُقُودِ عَنِ النِّفاقِ وَالْجُحُودِ ، وَيَوْمُ الْبَيانِ عَنْ حَقايِقِ الْإيمانِ ، وَيَوْمُ دَحْرِ الشَّيْطانِ ، وَيَوْمُ الْبُرْهانِ.

 هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ، هذا يَوْمُ الْمَلاَِ الْأَعْلَى الَّذي أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ، هذا يَوْمُ الْإِرْشادِ ، وَيَوْمُ مِحْنَةِ الْعِبادِ ، وَيَوْمُ الدَّليلِ عَلَى الرُّوَّادِ ، هذا يَوْمٌ أَبْدى خَفايَا الصُّدُورِ وَمُضْمَراتِ الْاُمُورِ ، هذا يَوْمُ النُّصُوصِ عَلى أَهْلِ الْخُصُوصِ.

 هذا يَوْمُ شِيْثَ ، هذا يَوْمُ إِدْريسَ ، هذا يَوْمُ يُوشَعَ ، هذا يَوْمُ شَمْعُونَ ، هذا يَوْمُ الْأَمْنِ الْمَأْمُونِ ، هذا يَوْمُ إِظْهارِ الْمَصُونِ مِنَ الْمَكْنُونِ ، هذا يَوْمُ إِبْلاءِ السَّرائِرِ.

 فلم يزل عليه السلام يقول: هذا يومٌ ، هذا يومٌ ، فَراقِبُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، وَاتَّقُوهُ وَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطيعُوهُ ، واَحْذَرُوا الْمَكْرَ وَلاتُخادِعُوهُ ، وَفَتِّشُوا ضَمائِرَكُمْ ، وَلاتُوارِبُوهُ ، وَتَقَرَّبُوا إِلَى اللَّهِ بَتَوْحيدِهِ وَطاعَةِ مَنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تُطيعُوهُ ، وَلاتَمَسَّكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ ، وَلايَجْنَحْ بِكُمُ الْغَيُّ فَتَضِلُّوا عَنْ سَبيلِ الرَّشادِ بِاتِّباعِ اُولئِكَ الَّذينَ ضَلُّوا وَأَضَلُّوا.

 قالَ اللَّهُ عَزَّ مِنْ قائِلٍ في طائِفَةٍ ذَكَرَهُمْ بِالذَّمِّ في كِتابِهِ : «إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبيلَ × رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبيراً»(244) ، وَقالَ اللَّه تَعالى : «وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِى النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً»(245) «فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللَّهِ مِنْ شَىْ‏ءٍ قالُوا لَوْ هَدينَا اللَّهُ لَهَدَيْناكُمْ»(246).

 أَفَتَدْرُونَ الْإِسْتِكْبارَ ما هُوَ ؟ هُوَ تَرْكُ الطَّاعَةِ لِمَنْ اُمِرُوا بِطاعَتِهِ ، وَالتَّرَفُّعُ عَلى مَنْ نُدِبُوا إِلى مُتابَعَتِهِ ، وَالْقُرْآنُ يَنْطِقُ مِنْ هذا عَنْ كَثيرٍ إِنْ تَدَبَّرَهُ مُتَدَبِّرٌ زَجَرَهُ وَوَعَظَهُ.

 وَاعْلَمُوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قالَ : «إِنَّ اللَّهَ يُحِّبُ الَّذينَ يُقاتِلُونَ في سَبيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ»(247) ، أَتَدْرُونَ ما سَبيلُ اللَّهِ ، وَمَنْ سَبيلُهُ ، وَمَنْ صِراطُ اللَّهِ ، وَمَنْ طَريقُهُ؟

 أَنَا صِراطُ اللَّهِ الَّذي مَنْ لَمْ يَسْلُكْهُ بِطاعَةِ اللَّهِ فيهِ هُوِيَ بِهِ إِلَى النَّارِ ، وَأَنَا سَبيلُهُ الَّذي نَصَبَني لِلْإِتِّباعِ بَعْدَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، أَنَا قَسيمُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، وَأَنَا حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى الْفُجَّارِ وَنُورُ الْأَنْوارِ.

 فَانْتَبِهُوا عَنْ رَقْدَةِ الْغَفْلَةِ ، وَبادِرُوا بِالْعَمَلِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ ، وَسابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ قَبْلَ أَنْ يَضْرِبَ بِالسُّورِ بِباطِنِ الرَّحْمَةِ وَظاهِرِ الْعَذابِ ، فَتُنادُونَ فَلايُسْمَعُ نِداؤُكُمْ ، وَتَضِجُّونَ فَلايُحْفَلُ بِضَجيجِكُمْ ، وَقَبْلَ أَنْ تَسْتَغيثُوا فَلاتُغاثُوا.

 سارِعُوا إِلَى الطَّاعاتِ قَبْلَ فَوْتِ الْأَوْقاتِ ، فَكَأَنْ قَدْ جاءَكُمْ هادِمُ اللَّذَّاتِ فَلا مَناصَ نَجاءٍ وَلا مَحيصَ تَخْليصٍ ، عُودُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ بَعْدَ انْقِضاءِ مَجْمَعِكُمْ بِالتَّوْسِعَةِ عَلى عِيالِكُمْ ، وَالْبِرِّ بِإِخْوانِكُمْ ، وَالشُّكْرِ للَّهِِ عَزَّ وَجَلَّ عَلى ما مَنَحَكُمْ ، وَاجْمَعُوا يَجْمَعِ اللَّهُ شَمْلَكُمْ ، وَتَبارُّوا يَصِلِ اللَّهُ اُلْفَتَكُمْ ، وَتَهادَوْا نِعَمَ اللَّهِ كَما مَنَّاكُمْ بِالثَّوابِ فيهِ عَلى أَضْعافِ الْأَعْيادِ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ إِلّا في مِثْلِهِ ، وَالْبِرُّ فيهِ يُثْمِرُ الْمالَ ، وَيَزيدُ فِي الْعُمْرِ ، وَالتَّعاطُفُ فيهِ يَقْتَضي رَحْمَةَ اللَّهِ وَعَطْفَهُ.

 وَهَيِّؤُا لِإِخْوانِكُمْ وَعِيالِكُمْ عَنْ فَضْلِهِ بِالْجُهْدِ مِنْ جُودِكُمْ ، وَبِما تَنالُهُ الْقُدْرَةُ مِنِ اسْتِطاعَتِكُمْ ، وَأَظْهِرُوا الْبُشْرَ فيما بَيْنَكُمْ ، وَالسُّرُورَ في مُلاقاتِكُمْ.

 وَالْحَمْدُ للَّهِِ عَلى ما مَنَحَكُمْ ، وَعُودُوا بِالْمَزيدِ مِنَ الْخَيْرِ عَلى أَهْلِ التَّأْميلِ لَكُمْ ، وَساوُوا بِكُمْ ضُعَفاءَكُمْ في مَآكِلِكُمْ وَما تَنالُهُ الْقُدْرَةُ مِنِ اسْتِطاعَتِكُمْ ، وَعَلى حَسَبِ إِمْكانِكُمْ ، فَالدِّرْهَمُ فيهِ بِمَائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَالْمَزيدِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

 وَصَوْمُ هذَا الْيَوْمِ مِمَّا نَدَبَ اللَّهُ تَعالى إِلَيْهِ ، وَجَعَلَ الْجَزاءَ الْعَظيمِ كَفالَةً عَنْهُ حَتَّى لَوْ تَعَبَّدَ لَهُ عَبْدٌ مِنَ الْعَبيدِ فِي الشَّبيبَةِ مِنِ ابْتِداءِ الدُّنْيا إِلى تَقَضّيها ، صائِماً نَهارُها ، قائِماً لَيْلُها ، إِذا أَخْلَصَ الْمُخْلِصُ في صَوْمِهِ لَقَصُرَتْ إِلَيْهِ أَيَّامُ الدُّنْيا عَنْ كِفايَةٍ.

 وَمَنْ أَسْعَفَ أَخاهُ مُبْتَدِئاً وَبَرَّهُ راغِباً ، فَلَهُ كَأَجْرِ مَنْ صامَ هذَا الْيَوْمِ ، وَقامَ لَيْلَتَهُ ، وَمَنْ فَطَّرَ مُؤْمِناً في لَيْلَتِهِ ، فَكَأَنَّما فَطَّرَ فِئاماً وَفِئاماً يعدّها بيده عشرة.

 فنهض ناهض فقال : يا أميرالمؤمنين ؛ وما الفئام؟

 قال عليه السلام : مائة ألف نبيّ وصدّيق وشهيد ، فكيف بمن تكفّل عدداً من المؤمنين والمؤمنات وأنا ضمينه على اللَّه تعالى الأمان من الكفر والفقر ، وإن مات في ليلته أو يومه أو بعده إلى مثله من غير ارتكاب كبيرة فأجره على اللَّه تعالى.

 ومن استدان لإخوانه وأعانهم ، فأنا الضّامن على اللَّه ؛ إن بقّاه قضاه وإن قبضه حمله عنه . وإذا تلاقيتم فتصافحوا بالتّسليم ، وتهانوا النّعمة في هذا اليوم ، وليبلّغ الحاضر الغائب ، والشاهد البائن ، وليعد الغنيّ على الفقير ، والقويّ على الضّعيف ، أمرني رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله بذلك.

 ثمّ أخذ صلّى اللَّه عليه وآله في خطبة الجمعة ، وجعل صلاة جمعته صلاة عيده ، وانصرف بولده وشيعته إلى منزل أبي محمّد الحسن بن عليّ عليه السلام بما أعدّ له من طعامه ، وانصرف غنيّهم وفقيرهم برفده إلى عياله.(248)

  روى صاحب كتاب النّشر والطيّ : إنّ الإمام الرّضا عليه السلام قال:

 إذا كان يوم القيامة زفّت أربعة أيّام إلى اللَّه كما تزفّ العروس إلى خِدرها.

 قيل : ما هذه الأيّام؟

 قال عليه السلام : يوم الأضحى ويوم الفطر ويوم الجمعة ويوم الغدير ، وإنّ يوم الغدير بين الأضحى والفطر والجمعة كالقمر بين الكواكب ، وهو اليوم الّذي نجا فيه إبراهيم الخليل من النّار ، فصامه شكراً للَّه ، وهو اليوم الّذي أكمل اللَّه به الدين في إقامة النّبي صلى الله عليه وآله وسلم علياً أميرالمؤمنين علماً ، وأبان فضيلته ووصايته ، فصام ذلك اليوم.

 وإنّه اليوم الكمال ، ويوم مرغمة الشيطان ، ويوم تقبل أعمال الشّيعة ومحبّي آل محمّد ، وهو اليوم الّذي يعمد اللَّه فيه ألى ما عمله المخالفون فيجعله هباءً منثوراً.

 وهو اليوم الّذي يأمر جبرائيل عليه السلام أن ينصب كرسيّ كرامة اللَّه بإزاء بيت المعمور ويصعده جبرائيل عليه السلام ، وتجتمع إليه الملائكة من جميع السّماوات ، ويثنون على محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ، ويستغفرون لشيعة أميرالمؤمنين عليه السلام والأئمّة عليهم السلام ومحبّيهم من ولد آدم عليه السلام.

 وهو اليوم الّذي يأمر اللَّه فيه الكرام الكاتبين أن يرفعوا القلم عن محبّي أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم ثلاثة أيّام من يوم الغدير ، ولايكتبون عليهم شيئاً من خطاياهم كرامة لمحمّد وعليّ والأئمّة عليهم السلام.

 وهو اليوم الّذي يزيد اللَّه في مال من عبد فيه، ووسع على عياله ونفسه وإخوانه ، ويعتقه اللَّه من النّار . وهو اليوم الّذي يجعل اللَّه فيه سعي الشّيعة مشكوراً ، وذنبهم مغفوراً ، وعملهم مقبولاً.

 وهو يوم تنفّس الكرب ، ويوم تحطيط الوزر ، ويوم الحباء والعطيّة ، ويوم نشر العلم ، ويوم البشارة والعيد الأكبر ، ويوم يستجاب فيه الدّعاء ، ويوم الموقف العظيم ، ويوم لبس الثّياب ونزع السّواد ، ويوم الشّرط المشروط ، ويوم نفي الغموم ، ويوم الصّفح عن مذنبي شيعة أميرالمؤمنين.

 وهو يوم السبقة ، ويوم إكثار الصّلاة على محمّد وآل محمّد ، ويوم الرّضا ، ويوم عيد أهل بيت محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ، ويوم قبول الأعمال ، ويوم طلب الزّيادة ، ويوم إستراحة المؤمنين ، ويوم المتاجرة ، ويوم التودّد ، ويوم الوصول إلى رحمة اللَّه ، ويوم التّزكية ، ويوم ترك الكبائر والذّنوب ، ويوم العبادة ، ويوم تفطير الصّائمين ؛ فمن فطر فيه صائماً مؤمناً ، كان كمن أطعم فئاماً وفئاماً - إلى أن عدّ عشراً - ، ثمّ قال عليه السلام : أوتدري ما الفئام؟

 قال : لا .

 قال عليه السلام : مائة ألف . وهو يوم التهنئة ، يهنّي بعضكم بعضاً ؛ فإذا لقي المؤمن أخاه يقول:

 اَلْحَمْدُ للَّهِِ الَّذي جَعَلَنا مِنَ الْمُتَمَسِّكينَ بِوِلايَةِ أَميرِ الْمُؤْمِنينَ وَالْأَئِمَّةِ عليهم السلام.

 وهو يوم التّبسّم في وجوه النّاس من أهل الإيمان ؛ فمن تبسّم في وجه أخيه يوم الغدير ، نظر اللَّه إليه يوم القيامة بالرّحمة ، وقضى له ألف حاجة ، وبنى له قصراً في الجنّة من درّة بيضاء ، ونضّر وجهه.

 وهو يوم الزّينة ؛ فمن تزيّن ليوم الغدير ، غفر اللَّه له كلّ خطيئة عملها صغيرة أو كبيرة ، وبعث اللَّه إليه ملائكة يكتبون له الحسنات ، ويرفعون له الدّرجات إلى قابل مثل ذلك اليوم ؛ فإن مات مات شهيداً ، وإن عاش عاش سعيداً.

 ومن أطعم مؤمناً كان كمن أطعم جميع الأنبياء والصدّيقين ، ومن زار فيه مؤمناً أدخل اللَّه قبره سبعين نوراً ، ووسّع في قبره ، ويزور قبره كلّ يوم سبعون ألف ملك ، ويبشّرونه بالجنّة.

 وفي يوم الغدير عرض اللَّه الولاية على أهل السّموات السّبع ، فسبق إليها أهل السّماء السّابعة فزيّن بها العرش ، ثمّ سبق إليها أهل السّماء الرّابعة ، فزيّنها بالبيت المعمور ، ثمّ سبق إليها أهل السّماء الدّنيا ، فزيّنها بالكواكب ، ثمّ عرضها على الأرضين فسبقت مكّة فزيّنها بالكعبة ، ثمّ سبقت إليها المدينة فزيّنها بالمصطفى محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ، ثمّ سبقت إليها الكوفة فزيّنها بأميرالمؤمنين عليه السلام .

 وعرضها على الجبال ؛ فأوّل جبل أقرّ بذلك ، ثلاثة أجبُل : العقيق وجبل الفيروزج وجبل الياقوت ، فصارت هذه الجبال جبالهنّ ، وأفضل الجواهر ، ثمّ سبقت إليها جبال اُخر فصارت معادن الذّهب والفضّة ، وما لم يقرّ بذلك ولم يقبل صارت لاتنبت شيئاً .

 وعرضت في ذلك اليوم على المياه ؛ فما قبل منها صار عذباً ، وما أنكر صار ملحّاً اُجاجاً.

 وعرضها في ذلك اليوم على النّبات ؛ فما قبله صار حلوّاً طيّباً ، وما لم يقبل صار مرّاً.

 ثمّ عرضها في ذلك اليوم على الطّير ؛ فما قبلها صار فصيحاً مصوّتاً ، وما أنكرها صار أخرس مثل اللكن.

 ومثل المؤمنين في قبولهم ولاء أميرالمؤمنين في يوم غدير خم كمثل الملائكة في سجودهم لآدم ، ومثَل من أبى ولاية أميرالمؤمنين في يوم الغدير كمثل إبليس.

 وفي هذا اليوم أنزلت هذه الآية : «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دينَكُمْ»(249) . وما بعث اللَّه نبيّاً إلاّ وكان يوم بعثه مثل يوم الغدير عنده ، وعرف حرمته ؛ إذ نصب لاُمّته وصيّاً وخليفة من بعده في ذلك اليوم.(250)


241) سورة الأنبياء ، الآية 27 و 28 .

242) سورة الأنفال ، الآية 42 .

243) سورة الأنعام ، الآية 153 .

244) سورة الأحزاب ، الآية 67 و68 .

245) سورة غافر ، الآية 47 .

246) سورة إبراهيم ، الآية 21 .

247) سورة الصفّ ، الآية 4 .

248) مصباح المتهجّد : 752 ، إقبال الأعمال : 773 ، المصباح : 919 .

249) سورة المائدة ، الآية 3 .

250) إقبال الأعمال : 777 .

 

 

 

 

 

 

    بازدید : 7789
    بازديد امروز : 0
    بازديد ديروز : 120799
    بازديد کل : 138597209
    بازديد کل : 95155629