دعوة عامّة صوب التّكامل
من المشاريع والبرامج المهمّة الّتي ينجزها الإمام المهدي عجّل اللَّه تعالى فرجه ، هي دعوة النّاس العامّة إلى الدّين الإسلامي الحنيف ؛ بحيث يدعو جميع الإنسانيّة - أتباع أيّ دين أو مذهب كانوا - إلى الإسلام ، ويطلب من الجميع العدول عن طريق الباطل والإسراع في الدخول إلى دين اللَّه سبحانه وتعالى ومذهب التّشيّع .
وبما أنّ هذه الدّعوة تتزامن مع أحداث لها طبع ووقع جديد عليهم ، وتكون مصحوبة بمعاجز عظيمة تهزم عساكر الكفر الكبيرة ، فإنّها سوف تأخذ مأخذها من قلوبهم ، وسيدخلون زرفات ومجاميع في الدّين الإسلامي .
فيقول البارئ عزّ وجلّ في محكم كتابه: «إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ × وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فى دينِ اللَّهِ أَفْواجاً».(3)
لذا فإنّ الناس في ذلك العصر يؤمنون بالإسلام ليس فرداً فرداً ، وإنّما على شكل أفواج .
وبعد عمليّة دخول هؤلاء إلى الإسلام وتوجّهم العامّ صوب الدّين الإلهي بعد الدّعوة الّتي يطلقها الإمام بقيّة اللَّه الأعظم أرواحنا لمقدمه الفداء من أجل قبولهم الإسلام ، ونتيجة للوقائع والأحداث العظيمة الّتي يرونها منذ بداية عمليّة الظّهور من الإمام عجّل اللَّه تعالى فرجه وأصحابه الميامين . ولهذا ستتّضح أحقّيّتهم وما هم عليه للنّاس فيدخلون مجاميع مجاميع إلى الإسلام .
يقول الإمام الصّادق عليه السلام :
إذا قام القائم عليه السلام دعا النّاس إلى الإسلام جديداً ، وهداهم إلى أمر قد دثر وضلّ عنه الجمهور . وإنّما سمّي القائم مهديّاً ؛ لأنّه يهدي إلى أمر مضلول عنه ، وسمّي القائم لقيامه بالحقّ.(4)
ويمكن أن نستفيد من هذه الرّواية ، إنّ الإمام عجّل اللَّه تعالى فرجه وبعد قيامه ، يدعو النّاس من جديد إلى الإسلام ، ويهديهم إلى أمر أصبح قديماً ، وقد ضلّوا عنه .
ولايوجد فيها أيّ حديث أو كلام عن القتل وإراقة الدّماء ؛ بل إنّ الإمام عجّل اللَّه تعالى فرجه وبعد قيامه ونهضته تبدأ قضيّة الدّعوة إلى الإسلام والهداية والإرشاد بطرق سلمية ومقبولة .
ومن الطبيعي تحتاج عمليّة دعوة الإنسانيّة إلى الإسلام ، وهدايتهم إلى الطّريق الصّحيح والحقّ إلى دليل وبرهان ، وهذا ما سيقوم به - طبقاً للرّوايات الصّحيحة الواردة - الإمام صاحب العصر والزمان أرواحنا لمقدمه الفداء .
ولا شكّ فإنّ نتائج ومحصّلة مثل تلك الدّعوات المدعومة بالبرهان والدّليل والإعجاز وفيها جميع مقوّمات وعوامل الهداية والإرشاد هي الهداية الجماعية ، الّتي تكون سبباً في الإتّجاه أفواجاً أفواجاً نحو الدّين الإسلامي الحنيف ، ويعود القرآن الكريم في ذلك الزّمان إلى طراوته وحيويّته ، وتدبّ الحياة من جديد إلى التّعاليم الإسلاميّة من بعد إندثارها وانطماسها .
وقد جاء في زيارة الإمام الحسن العسكري عليه السلام :
اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا أَبَا الْإِمامِ الْمُنْتَظَرِ ، اَلظَّاهِرَةِ لِلْعاقِلِ حُجَّتُهُ ، وَالثَّابِتَةِ فِي الْيَقينِ مَعْرِفَتُهُ ، وَالْمُحْتَجِبِ عَنْ أَعْيُنِ الظَّالِمينَ ، وَالْمُغَيَّبِ عَنْ دَوْلَةِ الْفاسِقينَ ، وَالْمُعيدُ رَبُّنا بِهِ الْإِسْلامَ جَديداً بَعْدَ الْإِنْطِماسِ ، وَالْقُرْآنَ غَضّاً بَعْدَ الْإِنْدِراسِ.(5)
وقد جاءت كلمة «الإنطماس» في اللّغة بمعنى «الفناء» أيضاً ، والمقصود هنا من كلام الإمام عليه السلام هو واحد من هذين المعنيين ، وهذا دليل واضح على حصول التّغيّر في معالم الإسلام الحقيقي في عصر الغيبة ، والّذي تعاد أصالته ومكانته مرّة ثانية عند قيام الإمام صاحب العصر والزّمان عجّل اللَّه تعالى فرجه .
إنّ أغلب الدّول الإسلاميّة الّتي تراها اليوم لاتعمل بأحكام الدّين الإسلامي ، وعلى هذا الأساس فإنّه قد إنطمس ولم يبق منه سوى رسمه .
3) سورة النصر ، الآية 1 و 2 .
4) بحار الأنوار : 30/51 ، الإرشاد : 344 ، أعلام الورى : 461 ، نوادر الأخبار : 272 .
5) مصباح الزائر : 410 ، بحار الأنوار : 67/102 ، الصحيفة المباركة المهديّة : 614 .
بازديد امروز : 97193
بازديد ديروز : 237545
بازديد کل : 125273583
|