الدّعاء في حرم الإمام الرّضا عليه السلام
أبوالعبّاس أحمد بن محمّد بن أحمد بن الحسين الحاكم رحمه الله قال : سمعت أبا علي عامر بن عبداللَّه البيوردي - الحاكم بمرو الرود وكان من أصحاب الحديث - يقول:
حضرت مشهد الإمام الرضا عليه السلام بطوس ، فرأيت رجلاً تركياً قد دخل القبة ووقف عند جهة الرأس ، وجعل يبكي ويدعو بالتركيّة ويقول : يا ربّ ؛ إن كان إبني حيّاً ، فاجمع بيني وبينه ، وإن كان ميّتاً ، فاجعلني من خبره على علم ومعرفة.
قال : وكنت أعرف اللّغة التركيّة ، فقلت له : أيّها الرجل ؛ ما لك؟
فقال : كان لي ولد ، وكان معي في حرب إسحاق آباد ، ففقدته ولا أعرف خبره ، وله أُمّ تديم البكاء عليه ، فأنا أدعو اللَّه تعالى هاهنا في ذلك ؛ لأنّي سمعت أنّ الدّعاء في هذا المشهد مستجاب.
قال: فرحمته وأخذته بيده وأخرجته لاُضيفه ذلك اليوم ، فلمّا خرجنا من المسجد لقينا رجل شابّ طوال مختط عليه مرقعة ، فلمّا أبصر بذلك التركي وثب إليه ، فعانقه وبكى وعرف كلّ واحد منهما صاحبه ، فإذا هو إبنه الّذي كان يدعو اللَّه تعالى أن يجمع بيننا وبينه أو يجعله من خبره على علم عند قبر الرضا عليه السلام .
قال : فسألته كيف وقعت إلى هذا الموضع ؟
فقال : وقعت إلى طبرستان بعد حرب إسحاق آباد ، وربّاني ديلمي هناك ، فالآن لمّا كبرت خرجت في طلب أبي واُمّي ، وقد كان خفي على خبرهما ، وكنت مع قوم أخذوا الطريق إلى هاهنا ، فجئت معهم.
فقال ذلك التركي : قد ظهر لي من أمر هذا المشهد ما صحّ لي به يقيني ، وقد آليت على نفسي أن لا اُفارق هذا المشهد ما بقيت ، والحمد للَّه أولا وآخراً وظاهراً وباطناً والصلاة والسلام على محمّد المصطفى وآله وسلّم تسليماً كثيراً.(46)
ويا ليتنا ؛ نعلم أنّه ليس ذلك الشّباب ومن أمثاله هم وحدهم الّذي أصابهم التّية والضّياع ؛ بل نحن جميعاً ندور في دائرة مفرغة ؛ لأنّنا قد إبتعدنا كثيراً عن إمام زماننا أرواحنا لمقدمه الفداء ، وغير قادرين على الوصول إليه ، ولذا علينا الدّعاء والتّوسّل في حرم الإمام الرّضا عليه السلام وبقيّة الأئمّة الأطهار عليهم السلام للتّمتّع بألطافه ، والتّعجيل في فرجه وظهوره .
46) عيون أخبار الرضا عليه السلام : 292/2 .
اليوم : 77386
الامس : 250790
مجموع الکل للزائرین : 127702771
|