1 - الشكّ والتردید

إنّ الإنسان الذي تحاط به الشكوك والظنون من كلّ حدب وصوب لاتتزلزل قيمه المعنوية فقط، وإنمّا تجعله أسيراً للشكوك والوساوس، وتراه يتعثر في خطواته الحياتية ولن يحقق أي تقدم معنوي، ولذا يجب عليه أن يمحو حالات ‏الشك والتردد من قلبه لكي يضمن طريق النجاة والعاقبة الحسنة.

قال الإمام الصادق عليه السلام:

... اُنْفُوا عَنْ نُفُوسِكُمُ الشُّكُوكَ.(217)

وعلى ضوء هذا يجب القول إنّ الشخص الذي يمحو الشك والتردد من صفحة قلبه سوف يتمكن من الحفاظ على‏ قيمه الروحية والمعنوية، ويقوي من خلال الإيمان واليقين الكامل عقائده ومبادئه، وإلاّ تترك آثاراً سلبية على عقائده‏ وتجعله شريكاً في فتن آخر الزمان؛ باعتبار أنّ الشك والظن من جهة يمهد الأرضية لإيجاد الفتن والبلابل ويزعزع ‏الحالات اليقينية والإختبارات الإلهية، ومن جهة اُخرى فإنّه يعمل على فشل الإنسان من تجاوز تلك الإختبارات ‏والامتحانات بنجاح.

وقد ورد عن لسان أهل البيت‏ عليهم السلام الكثير من الأحاديث التي تحث الناس على إزالة الشكوك والظنون من القلوب؛ لأنّها بطبيعتها تعبث بمقدرات الإنسان وتجعل حياته تنطوي على أخطاء جمة في التعامل مع الامتحانات الإلهية والفشل في‏ تجاوزها، هذا بالإضافة إلى أنّها تحرك النفس للوقوع في الفتن والهرج والمرج، وقد جاء في مناجات المطعين:

وَاَثْبِتِ الْحَقَّ في سَرائِرِنا فَاِنَّ الشُكُوكَ وَالظُّنُونَ لَواقِحُ الْفِتَنِ.(218)

إنّ الذي يتصفح التاريخ يجد هذه الحقيقة بوضوح، إذ إنّ الكثير ممن وقعوا في الفتن منذ صدر الإسلام وإلى زماننا الحاضر كان السبب من وراء ذلك هم أصحاب الضلالة وطلاب الدنيا وملذاتها الذين جروا الأمة الإسلامية إلى طريق‏ منحرف بعيداً عن ماجاء به الرسول الأعظم‏ صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الطيبون الطاهرون حيث استطاعوا التأثير على أهل القلوب‏ الشكاكة والتي فيها مرض، والذين فقدوا اليقين في السير على الطريق المستقيم.

وفي الواقع فإنّ الشك والتردد هو وسيلة للانزلاق في مطبات الفتن الضالة ولن ينتهي دوره إلى هنا، وإنمّا نفس وجود الشكاكين والمتزلزلة عقائدهم وأفكارهم هو طريق لزرع بذور تلك الفتن والهرج والمرج.

---

217) بحار الأنوار: 147/51.  

218) بحار الأنوار: 147/94.