الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
3 - البراءة من أعداء أهل البيت عليهم السلام

3 - البراءة من أعداء أهل البيت عليهم السلام

إذا كانت محبة أهل البيت عليهم السلام - والذين لأجلهم خلق عالم الوجود – استقرّت ‏في جوف قلب إنسان ما فمن المستحيل أن يقبل محبّة أعدائهم؛ باعتبار أنّ تلك ‏المحبة تتقاطع بكلّ المقاييس مع محبّة من نصب لهم العداء وحاربهم، ومع أنّ ‏هناك إمكانيّة في الشعور الظاهري والوعي في اجتماع محبة شيئين متخالفين ‏ولكن من الناحية القلبية والباطنية يستحيل حصول هذا الأمر، ولهذا لايمكن ‏بشكل من الأشكال اجتماع محبّة أهل البيت عليهم السلام وأعدائهم في جوف واحد.

ولهذا يقول أميرالمؤمنين علي‏ عليه السلام:

لايَجْتَمِعُ حُبُّنا وَحُبُّ عَدُوِّنا في جَوْفِ إِنْسانٍ، اَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقوُلُ: «ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ في جَوْفِهِ»(170).­(171)

لأنّ محبة أهل البيت عليهم السلام ومحبة أعدائهم مثلهما مثل الماء والنار لايجتمعان ‏في مكان واحد، وهناك نظير هذه الرواية رواية أخرى ينقلها أبو الجارود عن‏ مولانا الإمام الباقر عليه السلام وهي :

أَبِي الْجارُودِ عَنْ أَبي جَعْفر عليه السلام في قَوْلِهِ: «ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ‏ قَلْبَيْنِ في جَوْفِهِ» فَيُحِبُّ بِهذا وَيُبْغِضُ بِهذا، فَأَمَّا مُحِبُّنا فَيُخْلِصُ‏ الْحُبَّ لَنا كَما يُخْلِصُ الذَّهَبَ بِالنَّارِ لا كَدِرَ فيهِ.

مَنْ أَرادَ أَنْ يَعْلَمَ حُبَّنا، فَلْيَمْتَحِنْ قَلْبَهُ؛ فَإِنْ شارَكَهُ في حُبِّنا حُبّ ‏عَدُوِّنا، فَلَيْسَ مِنَّا وَلَسْنا مِنْهُ، وَاللَّهُ عَدُوُّهُمْ وَجِبْرئيلُ وَميكائيلُ‏ وَاللَّهُ عَدُوٌّ لِلْكافِرينَ.(172)

ومن هنا فإنّ من علامات المحبّة لأهل البيت عليهم السلام والتي تتزامن مع اتباعهم‏ وإطاعتهم هي الإنشداد إليهم وإيجاد العلاقة والعلقة القويّة بهم، والتي لايمكن‏ أن يفصمها فاصم، والتبرؤ من أعدائهم، وهذه هي المحبة الصادقة التي من ‏شأنها أن تجذب الإنسان وتجعله محبّاً حقيقياً وواقعياً لأهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام بحيث لاينظر إلّا إلى ذلك المحبوب، ولايطلب إلّا رضاه والقرب ‏إليه والطاعة الكاملة له، وتحصل تلك الحالات نتيجة جذب المحبّ إلى‏ محبوبه.

قالت السيّدة خديجة عليها السلام في شعر منسوب لها حينما أراد رسول اللَّه ‏صلى الله عليه وآله وسلم ‏السفر:

قَلْبُ الْمُحِبِّ إِلَى الْأَحْبابِ مَجْذوُبٌ

وَجِسْمُهُ بِيَدِ الْأَسْقامِ مَنْهوُبٌ(173)

فعندما ينجذب الفرد منّا إلى أهل البيت عليهم السلام نتيجة تأصل جذور المحبة وتضاعفها، فإنّه سوف يتنفر ويشعر بامتعاض من أعدائهم والتبرؤ منهم، ولهذا يقول مولانا الإمام الصادق‏ عليه السلام:

... إِنَّ أَصْلَ الْحُبِّ، اَلتَّبَرّي عَنْ سِوَى الْمَحْبوُبِ.(174)

وعليه فحينما يبتعد الإنسان من غير محبوبه فسوف يكون المحبوب هو المقدّم ويؤثره على غيره، ويقول صادق آل محمّد عليه السلام في هذا الجانب :

دَليلُ الْحُبِّ إيثارُ الْمَحْبُوبِ عَلى ما سَواهُ.(175)

ولا شكّ ولا ريب فإنّ مثل هكذا محبّة توصل الإنسان إلى قمة المعنوية والنورانيّة بحيث يجعل فيوضات وعنايات وكرامات أهل البيت عليهم السلام تنصب‏ على ذلك الإنسان صبّاً، وتوجد منه موجوداً معنوياً وملكوتياً، ولهذا السبب‏ تجد أنّ البغض والبراءة من أعداء أهل البيت عليهم السلام هي التي تملأ قلبه وتجعله ‏خالياً من الأغيار.


170) الأحزاب: 4.

171) بحار الأنوار: 318/24، عن كتاب كنز الفوائد: 23.

172) بحار الأنوار: 51/27.

173) بحار الأنوار: 29/16.

174) بحار الأنوار: 251/69، نقلاً عن كتاب مصباح الشريعة: 65.

175) بحار الأنوار: 22/70، نقلاً عن كتاب مصباح الشريعة: 2.

 

 

 

 

 

 

 

 

    زيارة : 2778
    اليوم : 81708
    الامس : 166776
    مجموع الکل للزائرین : 140442817
    مجموع الکل للزائرین : 96992997