امام صادق علیه السلام : اگر من زمان او (حضرت مهدی علیه السلام ) را درک کنم ، در تمام زندگی و حیاتم به او خدمت می کنم.
175) الحرز اليماني ( النسخة الثانية )

(175)

الحرز اليماني ( النسخة الثانية )

قال السيّد الأجلّ عليّ بن طاووس : وجدت الدعاء المعروف بدعاء اليماني برواية فيها زيادات واختلاف ، لما قدّمناه من الروايات ، فأحببت الإستظهار في حفظ الدعاء المذكور بروايتين معاً ، وهذا لفظ ما وجدناه .

    حدّثنا الشريف أبوالحسين زيد بن جعفر العلوي المحمّدي ، قال : حدّثنا أبوالحسن محمّد بن عبداللَّه بن البساط قرائة عليه ، قال : حدّثنا المغيرة بن عمرو بن الوليد العزري المكّي بمكّة قرائة عليه ، قال : حدّثنا أبو سعيد مفضّل بن محمّد الحسيني قرائة عليه ، قال :

    حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد الشافعي ومحمّد بن يحيى بن أبي عمر العبدي ، قال : حدّثنا فضيل بن غياض ، عن عطاء بن السائب ، عن طاووس ، عن ابن عبّاس قال :

    كنت ذات يوم جالساً عند أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات اللَّه عليه نتذاكر فدخل إبنه الحسن صلوات اللَّه عليه ، فقال : يا أميرالمؤمنين ، بالباب فارس يطلب الإذن عليك قد سطع منه رائحة المسك والعنبر .

    فقال : ائذن له ، فدخل رجل جسيم وسيم ، حسن الوجه والهيئة ، عليه لباس الملوك ، فقال : السلام عليك يا أميرالمؤمنين ورحمة اللَّه وبركاته .

    فقال علي عليه السلام : وعليك السلام ، ثمّ أدناه وقربه ، فقال : يا أميرالمؤمنين ، إنّي صرت إليك من أقصى بلاد اليمن ، وأنا رجل من أشراف العرب وممّن ينتسب ، وقد خلفت وراي مملكة عظيمة ، ونعمة سابغة ، وضياعاً ناشية ، وإنّي لفي غضارة من العيش ، وخفض من الحال ، وبإزائي عدوّ يريد المزايلة والمغالبة على نعمتي همته التحصن والمخاتلة لي ، وقد يسر لمحاربتي ومناوشتي منذ حجج وأعوام ، وقد أعيتني فيه الحيلة ، وكنت يا أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام .

    وأسأله أن يعلّمك الدعاء الّذي علمه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم ، ففيه إسم اللَّه الأعظم ، وكلمات اللَّه التامّات ، فإنّك تستحق به من اللَّه عزّوجلّ الإجابة والنجاة من عدوّك هذا المناصب لك ، فلمّا انتبهت لم أتمالك ولا عوجت على شي‏ء حتّى شخصت نحوك في أربعمائة عبد ، وإنّي اُشهد اللَّه عزّوجلّ واُشهدك أنّي قد أعتقتهم لوجه اللَّه عزّوجلّ فإنّهم أحرار وقد أزلت عنهم الرق والملكة .

    وقد جئتك يا أميرالمؤمنين من بلد شاسع ، وموضع شاحطٍ(29) ، وفجّ عميق قد تضال(30) في البلد بدني ، ونحل فيه جسمي ، فامنن عليّ يا أميرالمؤمنين بحقّ الأبوة والرحم الماسة ، وعلّمني هذا الدعاء الّذي رأيت في نومي أن أرتجل فيه إليك .

    فقال عليه السلام : نعم ، ثمّ دعا بدواة وقرطاس ، فكتب فيه ، وكتبت أنا أيضاً ، وهو هذا الدعاء :

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

اَلْحَمْدُ للَّهِِ رَبِّ الْعالَمينَ ، وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقينَ ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلى خاتَمِ النَّبِيّينَ ، وَعَلى أَهْلِ بَيْتِهِ أَجْمَعينَ .

أَللَّهُمَّ إِنّي أَحْمَدُكَ وَأَنْتَ لِلْحَمْدِ أَهْلٌ عَلى مَا اخْتَصَصْتَني بِهِ مِنْ مَواهِبِ الرَّغائِبِ ، وَاُوصِلَ إِلَيَّ مِنْ فَضائِلِ الصَّنائِعِ ، وَما أَوْلَيْتَني بِهِ مِنْ إِحْسانِكَ ، وَبَوَّأْتَني مِنْ مَظَنَّةِ الصِّدْقِ ، وَأَنَلْتَني بِهِ مِنْ مَنِّكَ الْواصِلِ إِلَيَّ ، وَمِنَ الدِّفاعِ عَنّي ، وَالتَّوْفيقِ لي ، وَالْإِجابَةِ لِدُعائي حينَ اُناجيكَ راغِباً  وَأَدْعُوكَ مُصافِياً حَتَّى(31) أَرْجُوكَ ، وَأَجِدُكَ فِي الْمَواضِعِ كُلِّها لي جابِراً(32) ، وَفِي الْاُمُورِ ناظِراً ، وَعَلَى الْأَعْداءِ ناصِراً ، وَلِلذُّنُوبِ ساتِراً ، لَمْ أَعْدَمْ فَضْلَكَ طَرْفَةَ عَيْنٍ مُذْ أَنْزَلْتَني دارَ الْإِخْتِيارِ لِتَنْظُرَ ماذا اُقَدِّمُ لِدارِ الْقَرارِ .

فَأَنَا عَتيقُكَ مِنْ جَميعِ الْمَصائِبِ وَاللوازِبِ وَالْغُمُومِ الَّتي ساوَرَتْني فيها الْهُمُومُ ، بِمَعاريضِ أَصْنافِ الْبَلاءِ ، وَمَصْرُوفِ جُهْدِ الْقَضاءِ ، لا أَذْكُرُ مِنْكَ إِلَّا الْجَميلَ ، وَلا أَرى مِنْكَ إِلّاَ التَّفْضيلَ ، خَيْرُكَ لي شامِلٌ ، وَفَضْلُكَ عَلَيَّ مُتَواتِرٌ ، وَنِعَمُكَ عِنْدي مُتَّصِلَةٌ ، لَمْ تُحَقِّقْ حِذاري ، وَصَدَّقْتَ رَجائي ، وَصاحَبْتَ أَسْفاري ، وَأَكْرَمْتَ أَحْضاري ، وَشَفَيْتَ أَمْراضي ، وَعافَيْتَ مُنْقَلَبي وَمَثْوايَ ، وَلَمْ تُشْمِتْ بي أَعْدائي ، وَرَمَيْتَ مَنْ رَماني ، وَكَفَيْتَني شَنَئانَ مَنْ عاداني .

فَحَمْدي لَكَ واصِلٌ ، وَثَنائي عَلَيْكَ دائِمٌ مِنَ الدَّهْرِ إِلَى الدَّهْرِ ، بِأَلْوانِ التَّسْبيحِ خالِصاً لِذِكْرِكَ وَمَرْضِيّاً لَكَ ، بِناصِعِ التَّحْميدِ وَإمْحاضِ التَّمْجيدِ ، بِطُول التَّعْديدِ وَإكْذابِ(33) أَهْلِ التَّنْديدِ ، لَمْ تُعَنْ في قُدْرَتِكَ ، وَلَمْ تُشارَكْ في إِلهِيَّتِكَ ، وَلَمْ تُعايَنْ إِذْ حَبَسْتَ الْأَشْياءَ عَلَى الْغَرائِزِ الْمُخْتَلِفاتِ ، وَلا خَرَقَتِ الْأَوْهامُ حُجُبَ الْغُيُوبِ إِلَيْكَ ، فَاعْتَقَدْتُ مِنْكَ حُدُوداً في عَظَمَتِكَ ، وَلَمْ تُعْلَمْ لَكَ مائِيَةٌ فَتَكُونَ لِلْأَشْياءِ الْمُخْتَلِفَةِ مُجانِساً ، لايَبْلُغُكَ بُعْدُ الْهِمَمِ ، وَلايَنالُكَ غَوْصُ الْفِطَنِ ، لايَنْتَهي إِلَيْكَ نَظَرُ النَّاظِرِ في مَجْدِ جَبَرُوتِكَ .

    إِرْتَفَعَتْ عَنْ صِفَةِ الْمَخْلُوقينَ صِفاتُ قُدْرَتِكَ ، وَعَلا عَنْ ذلِكَ كَبيرُ(34) عَظَمَتِكَ ، لايَنْقُصُ ما أَرَدْتَ أَنْ يَزْدادَ ، وَلايَزْدادُ ما أَرَدْتَ أَنْ يَنْقُصَ ، لا أَحَدٌ شَهِدَكَ حينَ فَطَرْتَ الْخَلْقَ ، وَلا نِدٌّ حَضَرَكَ حينَ بَرَأْتَ(35) النُّفُوسَ ، وَكَلَّتِ الْأَلْسُنُ عَنْ تَفْسيرِ صِفَتِكَ ، وَانْحَسَرَتِ الْعُقُولُ عَنْ كُنْهِ مَعْرِفَتِكَ ، وَكَيْفَ تُوصَفُ وَأَنْتَ الْجَبَّارُ الْقُدُّوسُ ، اَلَّذي لَمْ يَزَلْ أَزَلِيّاً دائِماً في الْغُيُوبِ وَحْدَكَ لَيْسَ فيها غَيْرُكَ ، وَلَمْ يَكُنْ لَها سِواكَ ، وَلا هَجَمَتِ الْعُيُونُ(36) عَلَيْكَ فَتُدْرِكَ مِنْكَ إِنْشاءً وَلا تَهْدِي الْقُلُوبُ لِصِفَتِكَ ، وَلا يَبْلُغُ الْعُقُولُ جَلالَ عِزَّتِكَ.

    حارَتْ في مَلَكُوتِكَ عَميقاتُ مَذاهِبِ التَّفْكيرِ ، فَتَواضَعَتِ الْمُلُوكُ لِهَيْبَتِكَ ، وَعَنَتِ الْوُجُوهُ بِذِلَّةِ الْإِسْتِكانَةِ لَكَ ، وَانْقادَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ لِعَظَمَتِكَ ، وَاسْتَسْلَمَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ لِقُدْرَتِكَ ، وَخَضَعَتْ لَكَ الرِّقابُ ، وَكَلَّ دُونَ ذلِكَ تَحْبيرُ اللُّغاتِ ، وَضَلَّ هُنالِكَ التَّدْبيرُ في تَضاعيفِ(37) الصِّفاتِ ، فَمَنْ تَفَكَّرَ في ذلِكَ رَجَعَ طَرْفُهُ إِلَيْهِ حَسيراً ، وَعَقْلُهُ مَبْهُوتاً ، وَتَفَكُّرُهُ مُتَحَيِّراً .

    أَللَّهُمَّ فَلَكَ الْحَمْدُ مُتواتِراً مُتَوالِياً مُتَّسِقاً مُسْتَوْثِقاً يَدُومُ وَلايَبيدُ ، غَيْرَ مَفْقُودٍ فِي الْمَلَكُوتِ ، وَلا مَطْمُوسٍ فِي الْعالَمِ ، وَلا مُنْتَقِصٍ فِي الْعِرْفانِ ، وَلَكَ الْحَمْدُ فيما لاتُحْصى مَكارِمُهُ فِي اللَّيْلِ إِذا أَدْبَرَ ، وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ ، وَفِي البَرِّ وَالْبَحْرِ ، وَالْغُدُوِّ وَالْآصالِ ، وَالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ ، وَالظَّهيرَةِ وَالْأَسْحارِ .

    أَللَّهُمَّ بِتَوْفيقِكَ قَدْ أَحْضَرْتَنِي النَّجاةَ ، وَجَعَلْتَني مِنْكَ فِي وِلايَةِ الْعِصْمَةِ ، وَلَمْ أَبْرَحْ في سُبُوغِ نَعْمائِكَ وَتَتابُعِ آلائِكَ مَحْفُوظاً لَكَ فِي الْمَنْعَةِ وَالدِّفاعِ ، لَمْ تُكَلِّفْني فَوْقَ طاقَتي ، إِذْ لَمْ تَرْضَ مِنّي إِلّا طاعَتي ، فَلَيْسَ شُكْري وَلَوْ دَأَبْتُ مِنْهُ فِي الْمَقالِ ، وَبالَغْتُ فِي الْفِعالِ يَبْلُغُ أَدْنى حَقِّكَ(38) ، وَلا مُكافٍ فَضْلَكَ . لِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ الَّذي لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ ، لَمْ تَغِبْ وَلاتَغيبُ عَنْكَ غائِبَةٌ ، وَلاتَخْفى في غَوامِضِ الْوَلائِجِ عَلَيْكَ خافِيَةٌ ، وَلَمْ تَضِلَّ لَكَ فِي ظُلَمِ الْخَفِيَّاتِ ضالَّةٌ ، إِنَّما أَمْرُكَ إِذا شِئْتَ(39) أَنْ تَقُولَ كُنْ فَيَكُونُ .

    أَللَّهُمَّ فَلَكَ الْحَمْدُ مِثْلَ ما حَمِدْتَ بِهِ نَفْسَكَ ، وَحَمِدَكَ بِهِ الْحامِدُونَ ، وَمَجَّدَكَ بِهِ الْمُمَجِّدُونَ ، وَكَبَّرَكَ بِهِ الْمُكَبِّرُونَ ، وَعَظَّمَكَ بِهِ الْمُعَظِّمُونَ حَتَّى يَكُونَ لَكَ مِنّي وَحْدي في كُلِّ طَرْفَةِ عَيْنٍ وَأَقَلَّ مِنْ ذلِكَ مِثْلُ حَمدِ الْحامِدينَ ، وَتَوْحيدِ أَصْنافِ الْمُخْلِصينَ ، وَثَناءِ جَميعِ الْمُهَلِّلينَ ، وَتَقْديسِ أَحِبَّائِكَ الْعارِفينَ ، وَمِثْلُ ما أَنْتَ عارِفٌ وَمَحْمُودٌ بِهِ في جَميعِ خَلْقِكَ مِنَ الْحَيْوانِ ، وَأَرْغَبُ إِلَيْكَ في بَرَكَةِ(40) ما أَنْطَقْتَني بِهِ مِنْ حَمْدِكَ ، فَما أَيْسَرَ ما كَلَّفْتَني مِنْ حَمْدِكَ ، وَأَعْظَمَ ما وَعَدْتَني عَلى شُكْرِكَ مِنْ ثَوابِهِ ابْتِداءً لِلنِّعَمِ(41) فَضْلاً وَطَوْلاً .

    وَأَمَرْتَني بِالشُّكْرِ حَقّاً وَعَدْلاً ، وَوَعَدْتَني أَضْعافاً وَمَزيداً ، وأَعْطَيْتَني مِنْ رِزْقِكَ اعْتِباراً وَفَرْضاً ، وَسَأَلْتَني مِنْهُ صَغيراً ، وَأَعْفَيْتَني مِنْ جُهْدِ الْبَلاءِ وَلَمْ تُسْلِمْني لِلسُّوءِ مِنْ بَلاءِكَ ، وَجَعَلْتَ بَلِيَّتِي(42) الْعافِيَةَ ، وَوَلَّيْتَني بِالْبَسْطَةِ(43) وَالرَّخاءِ ، وَشَرَعْتَ لي أَيْسَرَ الْفَضْلِ مَعَ ما وَعَدْتَني مِنَ الْمَحَجَّةِ الشَّريفَةِ ، وَيَسَّرْتَ لي مِنَ الدَّرَجَةِ الرَّفيعَةِ ، وَاصْطَفَيْتَني بِأَعْظَمِ النَّبِيّينَ دَعْوَةً ، وَأَفْضَلِهِمْ شَفاعَةً ، مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ .

    أَللَّهُمَّ فَاغْفِرْ لي ما لا يَسَعُهُ إِلّا مَغْفِرَتُكَ ، وَلايَمْحاهُ إِلّا عَفْوُكَ ، وَلايُكَفِّرُهُ إِلّا فَضْلُكَ ، وَهَبْ لي في يَوْمي هذا يَقيناً يُهَوِّنُ عَلَيَّ مُصيباتِ الدُّنْيا وَأَحْزانَها ، وَشَوْقاً إِلَيْكَ وَرَغْبَةً فيما عِنْدَكَ ، وَاكْتُبْ لي عِنْدَكَ الْمَغْفِرَةَ ، وَبَلِّغْنِي الْكَرامَةَ ، وَارْزُقْني شُكْرَ ما أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ ، فَإِنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ الْواحِدُ الرَّفيعُ الْبَدي‏ءُ الْبَديعُ السَّميعُ الْعَليمُ ، اَلَّذي لَيْسَ لِأَمْرِكَ مُدْفِعٌ ، وَلا عَنْ فَضْلِكَ مُمْنِعٌ(44) ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَبّي وَرَبُّ كُلِّ شَيْ‏ءٍ ، فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ ، اَلْعَلِيٌّ الْكَبيرُ .

    أَللَّهُمَّ إِنّي أَسْأَلُكَ الثَّباتَ فِي الْأَمْرِ ، وَالْعَزيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ ، وَالشُّكْرَ عَلى نِعْمَتِكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ جَوْرِ كُلِّ جائِرٍ ، وَبَغْيِ كُلِّ باغٍ ، وَحَسَدِ كُلِّ حاسِدٍ ، بِكَ أَصُولُ عَلى الْأَعْداءِ ، وَإِيَّاكَ أَرْجُو الْوِلايَةَ لِلْأَحِبَّاءِ ، مَعَ ما لا أَسْتَطيعُ إِحْصائَهُ ، وَلاتَعْديدَهُ مِنْ فَوائِدِ(45) فَضْلِكَ ، وَطُرَفِ رِزْقِكَ ، وَأَلْوانِ ما أَوْلَيْتَني مِنْ إِرفادِكَ .

    فَأَنَا مُقِرٌّ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلّا أَنْتَ ، اَلْفاشي فِي الْخَلْقِ حَمْدُكَ ، اَلْباسِطُ بِالْجُودِ يَدُكَ ، لاتُضادُّ في حُكْمِكَ وَلاتُنازَعُ في أَمْرِكَ ، تَمْلِكُ مِنَ الْأَنامِ ما تَشاءُ ، وَلايَمْلِكُونَ إِلّا ما تُريدُ ، أَنْتَ الْمُنْعِمُ الْمُفْضِلُ ، اَلْقادِرُ الْقاهِرُ ، اَلْمُقَدَّسُ فِي نُورِ الْقُدْسِ ، تَرَدَّيْتَ الْمَجْدَ بِالْعِزِّ ، وَتَعَظَّمْتَ الْعِزَّ بِالْكِبْرياءِ ، وَتَغَشَّيْتَ النُّورَ بِالْبَهاءِ ، وَتَجَلَّلْتَ الْبَهاءِ بِالْمَهابَةِ .

    لَكَ الْمَنُّ الْقَديمُ ، وَالسُّلْطانُ الشَّامِخُ ، وَالْحَوْلُ الْواسِعُ ، وَالْقُدْرَةُ الْمُقْتَدِرَةُ ، إِذْ جَعَلْتَني مِنْ أَفاضِلِ بَني آدَمَ ، وَجَعَلْتَني سَميعاً بَصيراً صَحيحاً سَوِيّاً مُعافاً لَمْ تَشْغَلْني في نُقْصانٍ(46) في بَدَني ، ثُمَّ لَمْ تَمْنَعْكَ كَرامَتُكَ إِيَّايَ ، وَحُسْنُ صَنيعِكَ عِنْدي ، وَفَضْلُ نَعْمائِكَ عَلَيَّ ، إِذْ وَسَّعْتَ عَلَيَّ فِي الدُّنْيا ، وَفَضَّلْتَني عَلى كَثيرٍ مِنْ أَهْلِها ، فَجَعَلْتَ لي سَمْعاً يَعْقِلُ آياتِكَ ، وَبَصَراً يَرى قُدْرَتَكَ ، وَفُؤاداً يَعْرِفُ عَطِيَّتَكَ .

    فَأَنَا لِفَضْلِكَ عَلَيَّ حامِدٌ ، وَتَحْمُدُهُ لَكَ نَفْسي ، وَبِحَقِّكَ شاهِدٌ ، لِأَنَّكَ حَيٌّ قَبْلَ كُلِّ حَيٍّ ، وَحَيٌّ بَعَدَ كُلِّ مَيِّتٍ ، وَحَيٌّ تَرِثُ الْحَياةَ ، لَمْ تَقْطَعْ عَنّي خَيْرَكَ في كُلِّ وَقْتٍ ، وَلَمْ تُنْزِلْ بي عُقُوباتِ النِّقَمِ ، وَلَمْ تُغَيِّرْ عَلَيَّ وَثائِقَ الْعِصَمِ ، فَلَوْ لَمْ أَذْكُرْ مِنْ إِحْسانِكَ إِلّا عَفْوَكَ عَنّي ، وَالْإِسْتِجابَةَ لِدُعائي حينَ رَفَعْتَ رَأْسي ، وَأَنْطَقْتَ لِساني بِتَحْميدِكَ وَتَمْجيدِكَ ، لا في تَقْديرِكَ خَطَأٌ حينَ صَوَّرْتَني ، وَلا في قِسْمَةِ الْأَرْزاقِ حينَ قَدَّرْتَ ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَدَدَ ما حَفِظَهُ عِلْمُكَ ، وَعَدَدَ ما أَحاطَتْ بِهِ قُدْرَتُكَ ، وَعَدَدَ ما وَسِعَتْ رَحْمَتُكَ .

    أَللَّهُمَّ فَتَمِّمْ إِحْسانَكَ فيما بَقِيَ كَما أَحْسَنْتَ إِلَيَّ في ما مَضى ، فَإِنّي أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِتَوْحيدِكَ وَتَمْجيدِكَ ، وَتَحْميدِكَ وَتَهْليلِكَ ، وَتَكْبيرِكَ وَتَعْظيمِكَ ، وَتَنْويرِكَ وَرَأْفَتِكَ ، وَرَحْمَتِكَ وَعُلُوِّكَ ، وَحِياطَتِكَ وَوِقائِكَ ، وَمَنِّكَ وَجَلالِكَ ، وَجَمالِكَ وَبَهائِكَ ، وَسُلْطانِكَ وَقُدْرَتِكَ أَلّا تَحْرِمَني رِفْدَكَ وَفَوائِدَ كَرامَتِكَ ، فَإِنَّهُ لايَعْتَريكَ لِكَثْرَةِ ما يَنْدَفِقُ مِنْ سُيُوبِ الْعَطايا عَوائِقُ الْبُخْلِ ، وَلايُنْقِصُ جُودَكَ التَّقْصيرُ في شُكْرِ نِعْمَتِكَ ، وَلايَجُمُّ(47) خَزائِنَكَ الْمَنْعُ ، وَلايُؤَثِّرُ في جُودِكَ الْعَظيمِ مِنَحُكَ الْفائِقُ الْجَليلُ ، وَلاتَخافُ ضَيْمَ إِمْلاقٍ فَتُكْدي ، وَلايَلْحَقُكَ خَوْفُ عُدْمٍ فَتَقْبَضَ(48) فَيْضَ فَضْلِكَ .

    وَتَرْزُقَني قَلْباً خاشِعاً ، وَيَقيناً صادِقاً ، وَلِساناً ذاكِراً ، وَلاتُؤَمِّني مَكْرَكَ ، وَلاتَكْشِفْ عَنّي سِتْرَكَ ، وَلاتُنْسِني ذِكْرَكَ ، وَلاتَنْزِعْ مِنّي بَرَكَتَكَ ، وَلاتَقْطَعْ مِنّي رَحْمَتَكَ ، وَلاتُباعِدْني مِنْ جِوارِكَ ، وَلاتُؤْيِسْني مِنْ رَوْحِكَ ، وَكُنْ لي أَنيساً مِنْ كُلِّ وَحْشَةٍ ، وَاعْصِمْني مِنْ كُلِّ هَلَكَةٍ ، إِنَّكَ لاتُخْلِفُ الْميعادَ ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ .

فقال الرجل : يا أميرالمؤمنين ؛ حقّقت الظنّ ، وصدقت الرجاء ، وأدّيت حقّ الأبوّة ، فجزاك اللَّه جزاء المحسنين ، ثمّ قال : يا أميرالمؤمنين ؛ إنّي اُريد أن أتصدّق بعشرة آلاف دينار فمن المستحقّون(49) لذلك يا أميرالمؤمنين .

 قال أميرالمؤمنين عليه السلام :

 فرّق ذلك في أهل الورع من حملة القرآن ، فما تزكو الصنيعة إلّا عند أمثالهم فيتقوون بها على عبادة ربّهم وتلاوة كتابه .

    فانتهى الرجل إلى ما أشار به أميرالمؤمنين صلوات اللَّه وسلامه عليه .(50)


29) بلد شاسع ، ومنزل شاحط : أي بعيد .

30) تضال : أي هزل .  

31) حين ، خ .

32) جاراً ، خ .

33) في إكذاب ، خ .

34) كبرياء ، خ .

35) بدأت ، خ .

36) الأعيان ، خ .

37) تصاريف ، خ .

38) ببالغ أداء حقّك ، خ .

39) إذا أردت .

40) في البركة ما أنطقتني ، في شكر ما أنطقتني ، خ .

41) إبتدأتني بالنعم ، خ .

42) ومنحتنى العافية ، خ . مع ما أوليتني ، خ .

43) بالبسيطة ، خ .

44) عن قضائك ممتنع ، خ .

45) عوائد ، خ .  

46) بنقصان ، خ .

47) جمّ المال : أي كثر .

48) فَتَنْقُصَ ، خ .

49) المستحقّ ، خ .  

50) مهج الدعوات : 147 ، البحار : 246/95 .

 

 

 

    بازدید : 7579
    بازديد امروز : 36368
    بازديد ديروز : 50731
    بازديد کل : 130548985
    بازديد کل : 90511766