الثالث :
[جزاء الإحسان إلي ذرية النبيّ صلي الله عليه وآله ]
قال الحسن بن عليّ العسكري عليه السلام في تفسيره: إنّ رجلاً جاع عياله فخرج يبغي لهم ما يأكلون، فكسب درهماً فاشترى به خبزاً وأدماً(495)، فمرّ برجلوامرأة من قرابات محمّد وعليّ عليهما السلام فوجدهما جائعين، فقال: هؤلاء أحقّ من قراباتي، فأعطاهما إيّاه، ولم يدر بماذا يحتجّ في منزله؟
فجعل يمشي رويداً يتفكّر فيما يعتذر(496) به عندهم ويقول لهم ما فعل بالدرهم،إذ لم يجئهم بشيء، فبينما هو متحيّر في طريقه إذا بفيج(497) يطلبه، فدلّ عليه، فأوصل إليه كتاباً من مصر، وخمسمائة دينار في صرّة وقال: هذه بقيّة ملك(498)حملته إليك من مال ابن عمّك مات بمصر، وخلّف مائة ألف دينار على تجّار مكّة والمدينة، وعقاراً كثيراً ومالاً بمصر بأضعاف ذلك.
فأخذ الخمسمائة دينار، و وسّع على عياله، ونام ليلته، فرأى رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وعليّاً عليه السلام فقالا له: كيف ترى إغناءَنا لك لمّا آثرت قرابتنا على قرابتك؟ ثمّ لم يبق بالمدينة ولابمكّة ممّن عليه شيء من المائة ألف دينار إلّا أتاه محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وعلي عليه السلام في منامه وقالا له:
إمّا بكّرت بالغداة على فلان بحقّه من ميراث ابن عمّه وإلّا بكّرنا عليك بهلاككواصطلامك وإزالة نعمك وإبانتك من حشمك فأصبحوا كلّهم وحملوا إلى الرجل ما عليهم، حتّى حصل عنده مائة ألف دينار وما ترك أحد بمصر ممّن له عنده مال إلّاوأتاه محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وعليّ عليه السلام في منامه وأمراه أمر تهدّد بتعجيل مال الرجل أسرع مايقدر عليه.
وأتى محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وعليّ عليه السلام لهذا المؤثر لقرابة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم في منامه فقالا له: كيف رأيت صنع اللَّه لك؟ قد أمرنا من بمصر(499) أن يعجّل إليك مالك، أفنأمر(500)حاكمها بأن يبيع عقارك وأملاكك ويستنتج إليك بأثمانها لتشتري بدلها من المدينة قال: بلى.
فأتى محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وعليّ عليه السلام حاكم مصر في منامه فأمراه أن يبيع عقاره والسفتجة(501) بثمنه إليك، فحمل إليه من تلك الأثمان ثلاثمائة ألف دينار، فصارأغنى أهل المدينة.
ثمّ أتاه رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا عبداللَّه، هذا جزاؤك في الدنيا على إيثار قرابتي على قرابتك، ولاُعطينّك في الآخرة بكلّ(502) حبّة من هذا المال في الجنّة ألف قصرأصغرها أكبر من الدنيا، مغرز ]كلّ(503)] إبرة منها خير من الدنيا وما فيها.(504)
------------------------------
495) الأدم: ما يؤكل مع الخبز.
496) في المصدر: يعتلّ.
497) فيج: معرّب پيك، منه رحمه اللَّه.
498) في المصدر: مالك.
499) في المصدر: في مصر.
500) في الأصل: وأمرنا.
501) السفتجة: وهي أن تعطي مالاً لأحد وللآخذ مال في بلد المعطى فيوفّيه إياه ثمّ، فيستفيد من الطريق، وقيل: هي أن تعطي مالاً لرجل، فيعطيك خطّاً يمكنك من استرداد ذلك المال من عميل له في مكان آخر.
502) في المصدر: بدل كلّ.
503) ليس في المصدر.
504) تفسير الإمام العسكري عليه السلام: 337 ح 212.
بازديد امروز : 108839
بازديد ديروز : 297409
بازديد کل : 121422483
|