الإستحياء
إلى الآن ذكرنا عناوين متعدّدة لعصر الظّهور ، مثل عصر الحياة ، عصر الخلاص ، عصر الظّهور المشرق ، عصر الظّهور العظيم ، عصر الظّهور المبارك ، عصر النور ، عصر التكامل ، عصر النّجاة ، وعصر... .
وبعد هذه المقدّمة ، يجب أن نرى ماذا أعددنا وقدّمنا لأنفسنا من أجل وصول ذلك العصر المتألّق ، وما هي الخطوات العمليّة الّتي اتّخذناها للتّعجيل في وصول الحكومة العادلة ، وماذا بذلنا من ثرواتنا وأموالنا في هذا الطريق ؟
وهل سعينا في التّفكير الجادّ، وتعيّن المسير الصّحيح والمتوازن والمتكامل الّذي ينبغي أن يكون عليه مستقبل العالم ، وتشخيص الوظيفة الملقاة على عاتقنا ، كما سعينا دوماً في التّخطيط لمجريّات حياتنا وأطفالنا وتأمين المستقبل لهم ؟
فهل من الممكن أن يكون هناك شخص كوته نار الإنتظار ، ولايقدّم على فعل شيء في هذا الإتّجاه؟
وهل تتلائم قضيّة الهرولة الدّائمة وراء جمع المال وزيادته ، وعدم الإعتناء بالوظيفة الإنسانيّة والدّينيّة لأجل إنقاذ العالم ، مع مسألة الإنتظار وحالة الإنسان المنتظر ليوم الخلاص ؟
وهل من الصّحيح أن يكون الشخص - الّذي ليس فقط يعتقد بالظّهور بل - المنتظر الواقعي يسعى صباحاً ومساءاً جاهداً نفسه للتّطوير الجانب المادّي ، وركن وظيفته الشّرعيّة جانباً ؟
ويصل مستوى الحياء والخزي إلى أعلى درجاته ، حينما يلوم مولانا صاحب العصر والزّمان عجّل اللَّه تعالى فرجه بعض أصحاب الأموال الطّائلة في عصر الظّهور ، ويوبخ النّاس بسبب حرصهم الشّديد على الدّنيا الفانية ، والتّوسّل بأيّ طريق كان من أجل جمع الأموال والثّروة .
ويشير الإمام الباقر عليه السلام في رواية تهزّ الأعماق إلى تلك القضيّة فيقول عليه السلام :
يجمع إليه أموال الدنيا من بطن الأرض وظهرها ، فيقول للنّاس : تعالوا إلى ما قطعتم فيه الأرحام ، وسفكتم فيه الدّماء الحرام ، وركبتم فيه ما حرّم اللَّه عزّ وجلّ ، فيعطي شيئاً لم يعطه أحد كان قبله ، ويملأ الأرض عدلاً وقسطاً ونوراً كما ملئت ظلماً وجوراً وشرّاً .(23)
نعم ؛ يكون ذلك الزّمان هو زمان الخزي والعار والخجل والحياء لكلّ من كان له الإمكانيّة المادّيّة ، ولم يحاول جاهداً للسّعي في نجاة البشريّة والتّخفيف عن بعض من همومهم وإزالة معاناتهم وحلّ مشاكلهم ، والأنكأ من هذا ذلك الشّخص الّذي لم يمنع ماله وثروته عن المحرومين والمستضعفين ، وإنّما حجر على الأموال الّتي هي حقّ للإمام صاحب العصر والزّمان عجّل اللَّه تعالى فرجه ، ولم يصرفها في الأمور والقضايا الّتي فيها رضى للمولى وإدخال السّرور على قلبه .
فلعمري ؛ إلى متى يبقى هؤلاء غافلين عن أمرهم ، ولايعيدوا حساباتهم ، في سلوكهم وأعمالهم؟!
23) الغيبة المرحوم النعماني : 237 الباب 13 ح 26 ، نوادر الأخبار : 275 ، و نظيره في بحار الأنوار : 29/51 .
بازديد امروز : 3546
بازديد ديروز : 29372
بازديد کل : 131642969
|