بحث أخلاقيّ مهمّ

  وصلنا في هذا القسم إلى توضيح مبحث مهمّ من مباحث الأخلاق وهو : إنّ الكثير من علماء الأخلاق قدّموا حلولاً ومعالجات معقدة تحتاج في إنزالها إلى أرض الواقع مدّة زمينة طويلة ، وذلك من أجل تهذيب النّفس وتطهيرها من كلّ الشوائب المتعلّقة بها ، وقد تصل هذه المدّة فترة لايكفي عمره الإنسان لتحقيق ذلك أو من خلالها سوف تزداد حصيلة الصفات الرذيلة والمذمومة ، لتصل مع سابقاتها إلى أضعاف مضاعفة .

  ولهذا السّبب فقد ينتقد أحياناً الكثير من العلماء تلك الحلول الّتي تبناها أو طرحها علماء كبار من أمثال المرحوم النّراقي في كتابه المعروف باسم معراج السّعادة ، وهناك طرق وحلول آنية ذكرتها بعض الكتب الأخلاقيّة للقضاء على الرذائل والأمراض الّتي تصيب الأخلاق نستطيع أن نشبّهها بذلك البيت الآيل للسقوط ، والّذي لايصلح للسكن فيها ، ولكن ساكنيه يقومون يوميّاً بترميم جزءٍ منه ، ومن الطبيعي فإن عملهم هذا لاينصب ضمن مشروع الحلّ الأساسي والواقعي .

  فإنّ الإنسان المبتلى بالنفس الأمّارة بالسّوء ليس له إلاّ اتّباع المنهج الصحيح والطريق الصائب لتطهير روح وتخليص نفسه من درن الآثام والمعاصي ، ومن دون ذلك فهو غير قادر على تحرير نفسه من عبوديّة الذنوب ، فحتّى لو تخلّص من فعل معصية ما فهو معرّض للوقوع في غيرها ، إلاّ إذا سار في الطريق الصحيح لتحرير النفس وتطهيرها .