القضاء على أساس الظنّ والتخمين
لا شكّ في أنّ علم النّاس ومعرفتهم واستعدادهم لإجراء وتطبيق العدالة في ذلك الزّمان سيتضاعف ويصل إلى المراحل العليا ، ولهذا السّبب فإنّه لايصدر أيّ حكم على أساس الظّنّ والإحتمال والفهم الشّخصي ، وذلك باعتبار أنّ الإعتماد على حالة الظّنّ تتقاطع مع الحكومة العادلة قطعاً .
إنّ الحكومة العادلة إنّما هي تلك الحكومة الّتي تنتهج منهاجاً مبنيّاً على الأساس العلميّ المطابق للواقع ، وإلاّ كيف ترى أنّ الحكم الصادر عن طريق الظنّ - والّذي من المحتمل أن يكون خلافاً له - واقعيّاً وعادلاً ؟!
وعلى ضوء ذلك ، ونتيجة لعدالة الحكومة الحاكمة في ذلك الزمان ، لذا فإنّ كلّ حكم لايخرج عن كونه ضمن دائرة العدالة ومطابق للواقع وتمّ إصداره على أساس العلم واليقين ، وليس الشكّ والظّنّ .
يقول أميرالمؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام :
ليس من العدل ، القضاء على الثّقة بالظّنّ .(3)
إنّ الّذي يمكن إستنباطه من هذا الحديث هو: وصول النّموّ الفكري والعلمي فيه إلى أعلى درجاته ، ولايصدر أيّ حكم إلاّ على أساس العلم والمعرفة اليقينيّة ؛ حيث هذا الموضوع هو من ضروريّات ومستلزمات الحكومة العادلة .
ويمكن الإستفادة من الرّوايات الواردة في هذا الباب ، أنّ الحكم القائم على أساس البيّنة واليمين في بعض الموارد لايجلب معه العدالة ؛ وإنّما يكون وسيلة لضياع حقوق الآخرين .
ومن أجل توضيح هذا الأمر إليكم هذه الرّواية :
يقول الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم :
إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان ، وبعضكم أَلْحن بحجّته من بعض ، فأيّما رجل قطعت له من مال أخيه شيئاً يعلم أنّه ليس له ، فإنّما أقطع له قطعة من النّار .(4)
والظاهر من هذه الرّواية : أنّ البيّنة واليمين ليس بالضرورة أن تطابق الواقع وتصيبه دائماً ، ولذلك فإنّه إذا لم يمكن إجراء العدالة وتنفيذها في هكذا موارد ، يجوز العمل على أساس الحكم الظّاهري .
3) نهج البلاغة ، قصار الحكم 211 ص 1184 .
4) مستدرك الوسائل : 366/17 .
اج جا مهمان : 46122
ڪالھ جا مهمان : 217442
ڪل مهمان : 119225232
|