الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
1 - يشدّ القلب

1 - يشدّ القلب

يستطيع كلّ واحد منّا أن يمنح قلبه حياة جديدة، وذلك من خلال النصيحة والموعظة الحسنة، فتعيد له الروح والثبات‏ واليقين، وتزداد فيه مقومات الحيوية والفاعلية والقوة ليقف مثل الجبل الأشم في مقاومة المشاكل التي تعصف به.

إذ أنّ اليقين إذا وجد في القلب بشكل كامل فإنّه يمنع من دخول الوساوس والشكوك التي هي في غير محلها، ويقلع ‏عوامل الضعف والفساد من جذورها، وعلى ضوء ذلك لابدّ لكل شخص من العمل على تقوية اليقين في قلبه وإحيائه.

وفي هذا السياق يقول مولانا اميرالمؤمنين علي عليه السلام:

اَحْيِ قَلْبَكَ بِالْمَوْعِظَةِ... وَقَوِّهِ بِالْيَقينِ.(207)

وكم للَّه من لطف خفي

يدّق خفاه عن فهم ذكي

وكم يسر أتى من بعد عسر

ففرّج كربة القلب الشجي

وكم أمر تساء به صباحاً

وتأتيك المسرّة بالعشي

إذا ضاقت بك الأحوال يوماً

فثق بالواحد الفرد العلي

ففي حالة دخول اليقين في القلب وملئه أركانه، فإنّ القلب حينئذ تتغير صورته ويضحى محكماً لاتهزه العواصف‏ والأفكار الشيطانية ولايدخله الخوف ويستقيم ويكون كالسدّ المحكم يصمد، فلاتزحزحه المحن ولاتنال منه المشاكل.

قال الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام:

مَنْ قَوِيَ يَقينُهُ لَمْ يَرْتَبْ.(208)

دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَلُ مَا تَشَاءُ

وَطِبْ نَفْساً إِذَا حَكَمَ القَضَاءُ

وَلا تَجْزَعْ لِحَادِثَةِ اللَّيَالِي

فَمَا لِحَوَادِثِ الدُّنْيَا بَقَاءُ

وَكُنْ رَجُلاً عَلَى الأَهْوَالِ جَلْداً

وَشِيمَتُكَ السَّمَاحَةُ وَالوَفَاءُ

وَإِنْ كَثُرَتْ عُيُوبُكَ فِي البَرَايَا

وَسَرّكَ أَنْ يَكُونَ لَهَا غِطَاءُ

تَسَتَّرْ بِالسَّخاءِ فَكُلُّ عَيْبٍ

يُغَطِّيهِ كَمَا قِيلَ السَّخاءُ

وَلا تُرِ لِلأَعَادِي قَطُّ ذُلاً

فَإِنَّ شَمَاتَةَ الأَعْدَاءِ بَلاءُ

وَلا تَرْجُ السَّمَاحَةَ مِنْ بَخِيلٍ

فَمَا فِي النَّارِ لِلظَّمْآنِ ماءُ

وَرِزْقُكَ لَيْسَ يُنْقِصُهُ التَأَنِّي

وَلَيْسَ يَزِيدُ فِي الرِّزْقِ العَنَاءُ

وَلا حُزْنٌ يَدُومُ وَلا سُرُورٌ

وَلا بُؤْسٌ عَلَيْكَ وَلا رَخَاءُ

إِذَا مَا كُنْتَ ذَا قَلْبٍ قَنُوعٍ

فَأَنْتَ وَمَالِكُ الدُّنْيَا سَوَاءُ

وَمَنْ نَزَلَتْ بِسَاحَتِهِ المَنَايَا

فَلا أَرْضٌ تَقِيهِ وَلا سَمَاءُ

وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ وَلكِنْ

إِذَا نَزَلَ القَضَا ضَاقَ الفَضَاءُ

دَعِ الأَيَّامَ تَغْدِرُ كُلَّ حِينٍ

فَمَا يُغْنِي عَنِ المَوْتِ الدَّوَاءُ

وفي مقابل ذلك، فإنّ الشك سواء في المسائل والقضايا العقدية وغيرها يصيب الأفراد الذين لايتمتعون بنوع من حصانة القوة واليقين والكمال، فلا غرو فإنّهم معرّضون إلى هجمات الشيطان وحبائله، فما يلبث أن يتحول إلى عامل فتاك يضع‏ آثاره المخربة عليهم، ولكن الصورة تنقلب تماماً لمن يحمل اليقين في قلبه، فتلك الثلة تكون بعيدة كلّ البعد عن‏ الهجمات الشيطانية وقلوبهم تكون كزبر الحديد.

يقول الإمام الباقر عليه السلام:

... فَيَمُرُّ الْيَقينُ بِالْقَلْبِ فَيَصيرُ كَأَنَّهُ زُبُرُ الْحَديِدِ.(209)

وعليه فلن يكون اليقين هو من يرفع الشك والظن عن الإنسان في المسائل والقضايا العقائدية ويجعله كالقلعة المحصنة للحفاظ عليه، فحسب وإنّما يزيد من قدرته على التأثير في إيمان ويقين الآخرين والعمل على زيادتها.

وإليك عزيزي القارئ إحدى القصص المعبرة عن إيمان ويقين أحد أعمدة التشيع الذي استطاع من زيادة وترسيخ‏ إيمان الآخرين بالنسبة إلى المسائل الدينية:


207) بحار الأنوار: 219/77.

208) شرح غرر الحكم: 230/5.  

209) بحار الأنوار: 185/78.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

    زيارة : 2697
    اليوم : 3035
    الامس : 97153
    مجموع الکل للزائرین : 131670935
    مجموع الکل للزائرین : 91339561