الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
الإخلاص وصعوباته

الإخلاص وصعوباته

يجب الأعتراف ومن باب عدم اطلاق الحكم سريعاً على كوننا من المخلصين أن خلوصية العمل والفعل بحد ذاته أمر مشكل وصعب، حيث ينقل عن أميرالمؤمنين علي عليه السلام قوله في إحدى خطبه:

تَصْفِيَةُ الْعَمَلِ اَشَدُّ مِنَ الْعَمَلِ وَتَخْليصُ النِّيَّةِ مِنْ الْفِسادِ اَشَدُّ عَلَى الْعامِلينَ مِنْ طُولِ الْجَهادِ.(162)

وفي رواية اُخرى عن الإمام الصادق عليه السلام نقرأ فيها:

اَلْاِبْقاءُ عَلَى الْعَمَلِ حَتَّى يَخْلُصَ اَشَدُّ مِنَ الْعَمَلِ.(163)

   بالنظر إلى هذه الروايات ندرك أنّ أولياء اللَّه والشخصيّات البارزة والعلماء الأعلام وضعوا الإخلاص على رأس‏ أعمالهم وأفعالهم، وأدّوها خالصة، وقد تحمّلوا في هذا المشوار محضاً وصعاباً لاتطاق، ولكنّهم صبروا وصابروا فتكوّنت لديهم ملكات ذاتيّة أوصلتهم إلى مرحلة الإخلاص.

   قال مولانا ثامن الحجج الرضا عليه السلام:

يَخْلُصُونَ كَما يَخْلُصُ الذَّهَبُ.(164)

فمثل اُولئك الذين يريدون الوصول إلى مقام الإخلاص مثل الذهب الذي ينصهر ويصبح خالصاً في موقد الصائغ.

ما بال دينك ترضى أن تدنسه

وثوبك الدهر مغسول من الدنس

ترجو النجاة ولم تسلك طريقتها

إن السفينة لا تجري على اليبس

لذلك ليس هناك مجالٌ للتعجب والدهشة من قول الرسول الأعظم‏ صلى الله عليه وآله وسلم حينما قال:

مَنْ اَخْلَصَ لِلَّهِ اَرْبَعينَ يَوْماً فَجَّرَ اللَّهُ يَنابيعَ الْحِكْمَةِ مِنْ قَلْبِهِ عَلى لِسانِهِ.(165)

لأنّ الإنسان الذي طهّر قلبه وجسده من وجود الشياطين ووضع هوى نفسه جانباً فإنّ الملائكة سوف تدخل ذلك‏ القلب ويكون مسكناً لجنود اللَّه تعالى، فتنزل عليه ينابيع الحكمة ويلهم بواسطة الملائكة التي أضحت بخدمته.

يقول الإمام الصادق عليه السلام عن تلك المراحل:

اَلْقَلْبُ حَرَمُ اللَّهِ فَلاتُسْكِنْ في حَرَمِ اللَّهِ غَيْرَ اللَّهِ.(166)


162) بحار الأنوار: 290/77.  

163) بحار الأنوار: 230/70، اصول الكافي: 16/2.

164) بحار الأنوار: 115/52.

 

 

 

 

 

 

    زيارة : 2609
    اليوم : 5449
    الامس : 89459
    مجموع الکل للزائرین : 131298103
    مجموع الکل للزائرین : 91054947