الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
صيام التفكّر

صيام التفكّر

   لايوجد في التشريع الإسلامي السمح فريضة تعرف باسم صيام السكوت، وكذلك للصوم والامتناع عن الآكل‏ والشرب في الليل وهما غير ستاغين عقلياً وعرفياً، ولكن نرى أنّ من وصل إلى قمة الهرم في الاُمور والقضايا المعنوية هو الذي مارس الصوم الفكري بدلاً من الصوم السكوتي والحرص على عدم تلويث الذهن بالأفكار السيّئة والمستهجنة وهذا هو دستور عمل وخارطة طريق ورد عن أهل البيت‏ عليهم السلام يجب أن يضعه الإنسان نصب عينيه.

   عن الإمام أميرالمؤمنين علي عليه السلام قال:

صِيامُ الْقَلْبِ عَنِ الْفِكْرِ فِي الْاثامِ اَفْضَلُ مِنْ صِيامِ الْبَطْنِ عَنِ الطَّعامِ.(17)

وعلى هذا الأساس فإنّ المعيار في هذا الموضوع هو نقاوة الفكر والتفكير وعدم تدنيسه بالأفكار القبيحة، فإذا استطاع‏ الإنسان الوصول إلى هذه المرحلة فإنّه حينئذ يصون النفس من المعاصي والآثام والأعمال الطالحة، وفي هذه الحالة يكون ‏مثلُ الفكر مثلَ المرآة الصافية، حيث يعكس لك الحقائق كما هي، ويبيّن بشكل لايشوبه شك أنّ صيام الفكر يمكن أن ‏يكون أفضل طريقة وضعت للإنسان للنجاة، وهي كفيلة بالفعل لترقيه والصعود به في سلّم المدارج العالية للسير المعنوي. 

ولو أمعنا النظر لوجدنا أنّ صيام الفكر والتفكير قادر على التحليق بروح الإنسان إلى أعلى المراتب والارتفاعات، فيصل به إلى‏عالم المعنى وبلوغ الذروة في الترقي والتطور.

وإذا تمكّن الإنسان بمجهوده الفكري النجاح في القيام بعمليّة الصيام تلك، فلا غرو من أنّه هزم الشيطان مع أنّ الشيطان‏عدو ضعيف بالنسبة إلى المؤمنين وتنصب قدرته على إغواء البعض من بني البشر، حيث يستفيد من النفس الأمارة التي‏ هي بين جنبيهم لجرّهم إلى الجادة المنحرفة والمعوجة.

ويتمكن الشيطان ومن خلال وسوسته في النفس من جرّها وجعلها تتناغم مع مايريد وبمساعدتها يقود الإنسان إلى ‏متاهات الفساد والظلم ويسلب منه السعادة في الدارين.

ولا شكّ فإنّ الأسلوب الأمثل للوقوف أمام حبائل الشيطان ووساوسه وحديث النفس وإغراءاتها هو الابتعاد كلّ  البعد عن الأفكار الدنيويّة الضيّقة، فهي كفيلة لصهر النفس في بودقة الهداية واجتناب المعاصي والآثام، وبذلك تبني المقومات‏ والقواعد المتينة للسعادة السرمدية؛ باعتبار أنّ التفكّر السليم والفكر الصحيح يوضع الأُطر السليمة للنجاة من المتاهات ‏والأفكار الدنيوية والتي عادة ماتكون أساساً لجلب الشقاوة والتعاسة، وفي النتيجة يرسم له عاقبة تحقّق له كلّ ما كان يطمح‏ إليه ويبغيه.


17) شرح‏ غرر الحكم: 214/4.

 

 

 

 

 

 

    زيارة : 2596
    اليوم : 8937
    الامس : 103128
    مجموع الکل للزائرین : 132280709
    مجموع الکل للزائرین : 91748123