الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
لزوم الدعاء لصاحب العصر والزمان أرواحنا فداه

   لزوم الدعاء لصاحب العصر والزمان أرواحنا فداه

    بعد ما ذكرناه من آداب الدعاء نقول : إنّ ألزم الدعاء في عصر الغيبة الدعاء لظهور مولانا بقيّة اللَّه في العالمين ، لأنّه صاحبنا وصاحب العصر والزّمان بل صاحب الأمر ووليّ العوالم ، وكيف تجوز الغفلة عنه وهو إمامنا ، والغفلة عن الإمام هي الغفلة من أصل من اُصول الدين ، فعليك بالدعاء له عليه الصلاة والسلام قبل الدعاء لنفسك وأهلك و إخوانك .

    قال السيّد الأجلّ عليّ بن طاووس في كتاب «جمال الاُسبوع» : وقد قدّمنا في جملة عمل اليوم والليلة من إهتمام أهل القدوة بالدّعاء للمهديّ صلوات اللَّه عليه فيما مضى من الأزمان ، ما ينبّه على أنّ الدّعاء له من مهمّات أهل الإسلام والإيمان ، حتّى روينا في تعقيب الظّهر من عمل اليوم واللّيلة دعاء الصّادق جعفر بن محمّد صلوات اللَّه عليه قد دعا به للمهدي صلوات اللَّه عليه أبلغ من الدّعاء لنفسه سلام اللَّه عليه .

    وقد ذكرنا فيما رويناه في تعقيب صلوة العصر من عمل اليوم والليلة أيضاً فصلاً جميلاً قد دعا به الكاظم موسى بن جعفر للمهديّ عليهم السلام أبلغ من الدّعاء لنفسه صلوات اللَّه عليهما ،  وفي الإقتداء بالصّادق والكاظم عليهما السلام عذر لمن عرف محلّهما في الإسلام .(95)

    وقال السيّد الأجلّ عليّ بن طاووس بعد ذكر فضائل الدعاء للإخوان : إذا كان هذا كلّه فضل الدعاء لإخوانك ، فكيف فضل الدعاء لسلطانك الّذي كان سبب إمكانك ، وأنت تعتقد أنّه لولاه ما خلق اللَّه نفسك ، ولا أحداً من المكلّفين في زمانه وزمانك ، وإنّ اللطف بوجوده صلوات اللَّه عليه سبب لكلّ ما أنت وغيرك فيه ، وسبب لكلّ خير تبلغون إليه ، فإيّاك ثمّ إيّاك أن تقدّم نفسك أو أحداً من الخلايق في الولاء والدعاء له بأبلغ الإمكان .

    واحضر قلبك ولسانك في الدعاء لذلك المولى العظيم الشأن ، وإيّاك أن تعتقد إنّني قلت هذا لأنّه محتاج  إلى دعائك ، هيهات هيهات إن اعتقدت هذا فأنت مريض في إعتقادك وولائك ، بل إنّما قلت هذا لمّا عرّفتك من حقّه العظيم عليك ، وإحسانه الجسيم إليك ، ولأنّك إذا دعوت له قبل الدعاء لنفسك ولمن يعزّ عليك كان أقرب إلى أن يفتح اللَّه جلّ جلاله أبواب الإجابة بين يديك .

    لأنّ أبواب قبول الدعوات قد غلقتها - أيّها العبد - بأغلاق الجنايات ، فإذا دعوت لهذا المولى الخاصّ عند مالك الأحياء والأموات ، يوشك أن يفتح أبواب الإجابة لأجله ، فتدخل أنت في الدعاء لنفسك ولمن تدعو له في زمرة فضله وتتّسع رحمة اللَّه جلّ جلاله لك وكرمه وعنايته بك لتعلّقك في الدعاء بحبله .

    ولاتقل : فما رأيت فلاناً وفلاناً من الّذين تقتدي بهم من شيوخك بما أقول يعملون ، وما وجدتهم إلّا وهم عن مولانا الّذي أشرت إليه صلوات اللَّه عليه غافلون وله مهملون ، فأقول لك : إعمل بما قلت لك ، فهو الحقّ الواضح ، ومن أهمل مولانا وغفل عمّا ذكرت عنه فهو واللَّه الغلط الفاضح .

    أقول : فكيف ترى هذا الأمر منهم عليهم أفضل السلام ؟ هل هو كما أنت عليه من التهوين بشرف هذا المقام ؟ ولا تتوقّف عن الإكثار من الدعاء له صلوات اللَّه عليه ؟ ولمن يجوز الدعاء له في المفروضات ؟

    ففي ما رويناه بإسنادنا من صحّة الروايات عن محمّد بن عليّ بن محبوب شيخ القميين في زمانه في كتاب المصنّف عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال : كلّما كلّمت اللَّه تعالى في صلاة الفريضة فليس بكلام .

     أقول : فلا عذر لك إذن في ترك الإهتمام .(96)

     قال في «مكيال المكارم» : أنّ الدعاء كما دلّت عليه الآيات والروايات من أعظم أقسام العبادات ، ولا شكّ أنّ أجلّ أنواع الدعاء وأعظمها الدعاء لمن أوجب اللَّه تعالى حقّه ، والدعاء له على كافّة البريّات ، وببركة وجوده يفيض نعمه على قاطبة المخلوقات ، كما أنّه لا ريب في أنّ المراد من الإشتغال باللَّه هو الإشتغال بعبادة اللَّه ، فهو الّذي يكون المداومة به سبباً لأن يؤيّده اللَّه في العبادة ، ويجعله من أوليائه .

    فينتج أنّ المواظبة في الدعاء لمولانا الحجّة صلوات اللَّه عليه ومسألة التعجيل في فرجه وظهوره ، وكشف غمّه ، وتحصيل سروره ، يوجب حصول تلك الفائدة العظيمة ، كما لايخفى .

    فاللازم على كافّة أهل الإيمان أن يهتمّوا ويواظبوا بذلك في كلّ مكان وزمان .

    وممّا يناسب ما ذكرناه ، ويؤيّده ما ذكره الأخ الأعزّ الإيماني الفاضل المؤيّد بالتأييد السبحاني ، الآغا ميرزا محمّد باقر الإصفهانيّ أدام اللَّه تعالى علاه ، وآتاه ما يتمنّاه في هذه الإيّام ، فإنّه قال :

    رأيت ليلة من هذه الليالي في المنام ، أو بين اليقظة والمنام ، الإمام الهمام مولى الأنام والبدر التمام ، وحجّة اللَّه على مافوق الثرى ، وما تحت الثرى ، مولانا الحسن المجتبى عليه الصلوة والسلام فقال ما معناه :

  قولوا على المنابر للناس وأمروهم أن يتوبوا ، ويدعوا في فرج الحجّة عليه السلام وتعجيل ظهوره ، ليس هذا الدعاء كصلوة الميّت واجباً كفائيّاً يسقط بقيام بعض الناس به عن سائرهم بل هو كالصلوات اليوميّة الّتي يجب على كلّ فرد من المكلّفين الإتيان بها ، إلى آخر ما قال ، واللَّه المستعان في كلّ حال .(97)

    إتّضح بما ذكرناه لزوم الدعاء لظهور الإمام المنتظر أرواحنا فداه .


95) جمال الاُسبوع : 307 .

96) فلاح السائل : 44 .

97) مكيال المكارم : 438/1 .

    زيارة : 2120
    اليوم : 0
    الامس : 40094
    مجموع الکل للزائرین : 128987331
    مجموع الکل للزائرین : 89583664