الإمام الصادق علیه السلام : لو أدرکته لخدمته أیّام حیاتی.
زيارتان و حرمان !

  زيارتان و حرمان !

  من الواضح أنّ الأشخاص الّذين حازوا على هذه المقامات السّامية ، فقد ولدوا من جديد ، وحظوا بدنيا جديدة ؛ باعتبار أنّ حياتهم الجديدة هذه انطوت على عصارة البصيرتين القلبيّتين والاُذنين الباطنيّين ، وبهذا يكونون قد ضمنوا السّعادة والفلاح في الحياتين .

  ويحمل هؤلاء هالة شفّافة ومضيئة ، ويعمّ النّور ويملأ وجودهم ؛ والسّبب يعود في ذلك إلى الأنوار المشعّة الّتي يأخذونها من أئمّة أهل البيت عليهم السلام ، وليس نور هؤلاء وحدهم ؛ بل إنّ كلّ نور في هذا الوجود هو شعاع من أنوار آل اللَّه النيّرة حتّى نور الضّيائين(1) ، وكذلك الأخوان(2) اللّذان يعلوان ويضيئان في السّماء العلا ؛ فإنّ نورهما منهم عليهم السلام .

  إنّ أئمّة أهل البيت عليهم السلام هم أصل النّور والضّياء . وحينما يحين زمان حكومتهم العادلة ، سترتفع كلّ أشكال الظّلمة والعتمة ، وتنجلي وسيضي‏ء اللّيل والنّهار بالأنوار السّاطعة والبهيّة للإمام صاحب العصر والزّمان أرواحنا لمقدمه الفداء .

  إنّ آل اللَّه عليهم السلام ليسوا مصدراً ومنبعاً للنّور والضّياء فحسب ؛ وإنّما هم أصل ومنبع لكلّ ما هو خير وصلاح ورشاد ، وإنّ كلّ ما يقال بحقّهم عليهم السلام من فضائل وما يكتب ، فإنّه لايعدوا قطرة من بحر فضلهم وكرامتهم وعلومهم ومعارفهم اللإمتناهيّة ، وكلّ ما أنشده الشّعراء فيهم فهو ليس إلاّ كبيتين(3) من الشعر قيل فيهم .

  ونكتفي بهذا المقدار من بيان أنّ أصل النّور والضّياء في العالمين يعود وينتهي إلى أصل وجودهم المقدّس وبحر علومهم عليهم السلام ، ونتطرّق إلى شرح معنى الزّيارتين‏ والحرمين :

  إنّ الإنسان يتمكّن أحياناً ونتيجة لطهارة قلبه ونقائه وصفائه من الحظوة برؤية الإمام ثامن الحجج عليه السلام وزيارته في الحضرة المباركة والمطهّرة . وأحياناً اُخرى يمكنه أن يزور الإمام عليه السلام وأن يتشرّف بلقائه والعناية بكرمه ولطفه خارج حضرته ، ومن أماكن بعيدة ويحدث ذلك عندما يقوم بتطهير روحه من الاثام والمعاصي وخلوص قلبه من محبّة الغير ، وجعله حرماً خالصاً للَّه عزّ وجلّ ، وحينها يتجلّى له الإمام عليه السلام في القلب ، ويقال لمثل هذه الحالات المكاشفة (4) ، ويمكن أن تكون مشاهدة أيضاً .

  ويجب الإلتفات في هذا الموضوع إلى نقطة ألا وهي : إنّ الحديث عنه هو أمر سهل وبسيط ، ولكن وجود هكذا أشخاص لديهم تلك الحالات هو نادر بندرة الكبريت الأحمر والإكسير الأعظم .

  بالطّبع - وكما أشرنا سابقاً - فإنّ جميع الأشخاص الّذين يحظون بزيارة الإمام الرّضا عليه السلام والتّشرفّ بالسّلام عليه ، فإنّهم ينالون نصيباً من توجّهات وألطاف وعناية ذلك الإمام الهمام عليه السلام .


1) الضّياءان : هما الشّمس والقمر .

2) الأخوان : هما نجمان مضيئان يقعان في القطب الشّمالي ، يقال لهما في اللّغة العربيّة الفرقدان .

3) البيتان في الأدب الفارسي : هو شعر مركّب من أربعة مصارع ، يبيّن المعنى بشكله الكامل .

4) لأجل المزيد يرجى مراجعة كتاب اسرار الموفّقيّة : 255/2 ، وهو من مؤلّفات صاحب هذا الكتاب .

 

 

 

    زيارة : 3361
    اليوم : 27592
    الامس : 76446
    مجموع الکل للزائرین : 129948283
    مجموع الکل للزائرین : 90154214